تمكنت طفلة سورية تعيش في تركيا من تأسيس مكتبة ثقافية في الغوطة الشرقية بعد أن ساهمت بتزويد العديد من مخيمات اللجوء بالكتب الثقافية لمساعدة أقرانها الأطفال المحاصرين واللاجئين على تنمية هواية القراءة والإطلاع لديهم وإخراجهم من أجواء الحرب والحصار.
منذ نعومة أظفارها اهتمت الطفلة "رؤيا الحريري" التي لم تتجاوز 13 من عمرها بالقراءة، وكانت تقرأ بنهم قصص الأطفال الملونة والمزركشة نظراً لأنها ولدت وترعرعت في بيت يحب القراءة ويهتم بالثقافة، وعندما تجاوزت السابعة من عمرها كانت أمها الناشطة الإغاثية "أسوان نهار" تصطحبها مع شقيقها إلى معرض الكتب في "أبو ظبي" من كل عام حيث يعيشون ليعتادا على شراء وقراءة الكتب منذ الصغر وبإشراف منها –كما تقول- لـ"زمان الوصل"، مضيفة أن ابنتها تأثرت بأعمال والديها ومساعدتهم لأبناء بلدهم في سوريا منذ بداية الثورة السورية، ولم تكن قد تجاوزت السابعة من عمرها عندما بدأت رؤيا بجمع الكتب التي تفرغ من قراءتها لترسلها بداية إلى مخيمات اللجوء.
وأضافت والدة رؤيا أن أعداد الكتب والقصص ازدادت لديها يوما بعد يوم، وخصوصاً بعد أن بدأ أصدقاؤها وأصدقاء العائلة بإهدائها الكتب والقصص، فبدأت بإرسالها إلى مخيمات الشمال وغيرها.
وتستدرك والدة الطفلة أن ابنتها "عندما رأت تواصلها مع أطفال الغوطة الشرقية المحاصرة عن طريق فريق نور لكسر الحصار" الذي أسسته أتت فكرة مكتبة رؤيا لتكون جزءاً من أعمال الفريق، ولكن من تمويل الطفلة الصغيرة، حيث بدأت -كما تقول- بجمع مصروفها وصنع أشياء كثيرة كالأساور والأكسسوارات، لتقوم ببيعها لزميلاتها البنات، وكانت تنظم "بازار" مع رفيقاتها لبيع الأشياء المستعملة تدخر ثمنها من أجل تمويل مبادرتها.
ولفتت محدثتنا إلى تنوع الكتب التي دأبت رؤيا على إرسالها ما بين الكتب الثقافية والروايات وقصص الأطفال والكتب العلمية بمشاركة أصدقاء أمها، وبدأت نواة مكتبة الغوطة الشرقية -كما تشير محدثتنا- بعد أن بدأت سيدة تُدعى أم سميح بجمع الكتب الموجودة في المستودعات والطرقات، وربما تحت الأنقاض والشوارع وكتب أخرى تم إرسالها نسخ الكترونية ليقوموا بطباعتها ووضعها في المكتبة.
وتم تعزيز المكتبة بالكتب التي ترسلها رؤيا بشكل دوري، ولاقت المكتبة –كما تؤكد- تفاعلاً كبيراً من قبل الأطفال وذويهم وحتى الكبار أصبحوا يقضون أوقاتاً ممتعة في جنباتها في ظروف الحرب والقصف.
وأشارت مؤسسة "فريق نور لكسر الحصار" إلى أن للمكتبة نشاطات كثيرة عدا القراءة، ومنها الرسم والتلوين وإبداع القصص عن طريق الرسم أو عن طريق صناعة البزل، ويمارس الكبار –كما تقول- قراءة واستعارة الكتب مشيرة إلى أن للمكتبة فترتين، صباحية للأطفال ومسائية للشباب.
وشهدت المكتبة في الفترة الماضية –كما تقول محدثتنا- عروضاً لأفلام ثقافية تتم مناقشتها من قبل الكبار والصغار على حد سواء، ويقدم مثقفون في الغوطة محاضرات بعناوين مختلفة لكن هذه النشاطات تم إيقافها للأسف بسبب سوء الأوضاع.
ولفتت محدثتنا إلى أن المكتبة تتيح لروادها فرصة قراءة الكتب داخل مقرها واستعارتها مجاناً رغم أن المكتبة تقوم على جهود فردية ولا تتلقى مساعدات من أي جمعية أو منظمة.
وعبرت "أسوان نهار" عن سعادتها بمبادرة ابنتها متمنية أن تكون مصدر إلهام لأطفال آخرين للقيام بمبادرات مثيلة تسهم في بناء نفسياتهم التي طحنتها الحرب، مشيرة إلى أن رؤيا "تحلم بإنشاء مكتبة في كل مكان من سورية بحيث تكون منتدى للقراءة والنقاش والكتابة ومشروعاً ثقافياً متنقلاً من مكان إلى آخر.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية