ينطلق بعد أيام موسم الدراما الرمضاني، حاملاً معه كمّاً وفيراً من الأعمال السورية، خلافاً للسنة الماضية. وإذ تحظى هذه الأعمال بفرص عرض جيدة، وتأتي الصورة مغايرة للمناخ «المؤامراتي» الذي شاع في الموسم الفائت، يبدو أن التركيز سيكون على مسلسلات بعينها، تبعاً للأذواق نفسها التي تقولب الرأي العام، وتحدد اتجاهات الإنتاج والتسويق والعرض.
فالمسلسلات الاجتماعية المعاصرة لن تحظى بفرص عرض واسعة وقوية عربياً، لكنها ستكون وجبة رئيسية على الشاشات السورية.
قصص البيئة الشامية ستضاعف من حضورها في رمضان، بعدما ثبت أنها الوصفة الأنجح للانتشار والربح: «باب الحارة 3»، و«أهل الراية»، و«أولاد القيمرية»، و«بيت الجد»... على رغم اختلاف قراءاتها، تكرِّس صورة فولكلورية سياحية للبلد، تعيدنا إلى أيام «صح النوم» ودراما الأبيض والأسود التي تجري في أماكن افتراضية.
الانتقادات العنيفة التي وجّهت إلى هذا النوع، حدت بصنّاع الدراما إلى التأكيد في هذا الموسم، أنهم سيهتمون بالبعد التاريخي، وسيعملون على عكس صورة أكثر تنوّعاً للمجتمع، من دون تبنٍّ أعمى للمقولات التقليدية.
لكن هذه المسلسلات، أسوة بالأعمال البدوية، تعيدنا إلى بنى قبل حديثة، كما تزيّن لنا قيم الماضي التي قامت عشرات الحركات لتجاوزها.
أما المسلسل البدوي، فأصبح بدوياً تاريخياً، كجزء من صناعة التراث والتاريخ لمن لا تاريخ لهم. وهكذا ستكتشف شخصيات مجهولة في الماضي القريب لعرب الصحراء، وستفبرك حكايات عشق وانتقام مما سال من فم أمير يعطي ويمنع.
سنشاهد هذه المرة «صراع على الرمال»، و«فنجان الدم»، و«سعدون العواجي»، و«راس غليص 2»... وسنجد في المحصلة أن العربي سيعرف نفسه على أنه البدوي، بل إن الأخير هو العربي الصرف والأصلي. أما السوري، فهو ابن الحارة الشعبية، من دون أن ننسى أننا سنشاهد حارة في اللاذقية في «الحوت»، وأخرى في حلب في «باب المقام».
مع أن هذه الحارات لم تعد قائمة إلا في حكايات العجائز وفي «نادي الذاكرة» في مقهى الروضة.
وأعمال السيرة الذاتية التي أصبحت موضة، ستحضر من خلال «أسمهان» لشوقي الماجري. أما الأعمال التاريخية، فتتمثل من خلال «أبو جعفر المنصور» للماجري أيضاً، و«قمر بني هاشم» لمحمد شيخ نجيب الذي يقدم سرداً جديداً للسيرة النبوية.
«بقعة ضوء»
عدا أعمال الأكشن والمبالغات الخيالية والشعوذة وادّعاء تجاوز الخطوط الحمراء، كـ«جمال الروح»، و«ووحوش وسبايا»، و«ليل ورجال»، و«الخط الأحمر»... يُعوَّل على «ليس سراباً» للمخرج مثنى صبح الذي يتناول الطبقة الوسطى، و«زهرة النرجس» لرامي حنا الذي يصوّر واقع المرأة في مجتمع ذكوري.
فيما لم يعرف بعد إن كان «طوق الياسمين»، عن التحرّش الجنسي، للمخرج محيي الدين علي، سيكون جاهزاً للعرض.
أما الكوميديا فتحضر مع «حارة على الهوا»، و«هيك تجوّزنا»... وتمثّل عودة «بقعة ضوء» حدثاً، مع نجميه باسم ياخور وأيمن رضا، تحت إدارة سامر برقاوي... فهل سيعود بالزخم نفسه، وبالروح الانتقادية الساخرة التي تجاوزت العديد من المحرّمات؟
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية