أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

تقسيم سوريا.. روبرت فورد يقرأ من الكتاب القديم *

لقد فكر الأميركيون أكثر من اللازم ـ على ما يبدوـ في نظرية تفتيت المنطقة، إلا أنهم لم يعودوا يسيطرون حتى على فلسفة تلك النظرية وتطبيقاتها

تتهافت حكايات التقسيم في سوريا على اعتباره خياراً ناجزاً، بل يصل عند البعض إلى حد الضرورة، ناهيك عن الخرائط التي تم توزيعها وكتابة آلاف التحليلات حولها، إلا أن غالبية مصادر هذه الخرائط والتحليلات صادر عن مؤسسات دراسات أمريكية وغربية، لنكون أمام أحد مشهدين:

الأول هو أن مشروع التقسيم تم الاشتغال عليه مسبقاً من قبل تلك المؤسسات التي تشكل واجهات حقيقية لمؤسسات النفط والسلاح العالمية، وبالتالي لحكومات الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة.

الثاني هو أن المشروع جاء بناء على دراسات لاحقة لما آلت إليه الأمور على الأرض، وهو دليل فشل المؤسسات الدولية وسياسات الدول العظمى وعجزها، بل وضعف كل قراءاتها للتطورات الحاصلة في المنطقة، وبالتالي تحول تلك الدول والمؤسسات إلى سبب في احتمالات التقسيم.

في دراسته الأخيرة يتحدث روبرت فورد السفير الأميركي السابق في سوريا عن حروب وتفتيت لسنوات، ويشير إلى أن دمشق ستذكرنا ببيروت، ملمحاً إلى حرب أهلية، وغير متناس أن يتحدث عن سيطرة مجموعات متطرفة لسنوات على عدد من المناطق، ولا يرى أن هناك احتمالاً لانهيار حكومة الأسد بشكل مفاجئ كما جرى مع نظام صدام حسين، إذ لا تزال قوته الجوية صلبة، ووحداته الأمنية الموالية، مع وجود دعم إيراني، فضلاً عن قوة حزب الله اللبناني.

فورد الذي يرى أن احتمال تقسيمها إلى 6 مناطق، لا يقدم في دراسته استنتاجات عن الأسباب التي أوصلت سوريا إلى هذا الحال، فالباحث والدبلوماسي الأمريكي حضر تظاهرة سلمية ضمت أكثر من 400 ألف إنسان في مدينة حماة بدايات الثورة، وهو عندما يملك القدرة على تحديد مناطق وآليات التقسيم لا بد وأن تكون لديه القدرة على شرح الأسباب النفسية والاجتماعية التي خلقت هذا الخليط العجيب من التعارض، وكذلك أسباب إضعاف الجيش الحر بمنع تسليحه ومحاولة إلحاقه بأطراف سياسية تمت تشتيتها عمداً.

يبدو التقسيم هدفاً، لكن الوصول إلى هذا الهدف دونه صراعات عرقية ودينية وطموحات لقوى إقليمية بالسيطرة، وأهم ما يعترض هذا الهدف وجود تداخلات تجعل منه مصدر حروب لا نهاية لها، إذ لا يمكن التفكير بسوريا كجزيرة معزولة، وفرض التقسيم فيها يفتح على احتمالات تفكك دول المنطقة بأسرها، كما سيدخل العالم في دوامة من الفوضى.

لقد فكر الأميركيون أكثر من اللازم ـ على ما يبدوـ في نظرية تفتيت المنطقة، إلا أنهم لم يعودوا يسيطرون حتى على فلسفة تلك النظرية وتطبيقاتها.

استرتيجيات التقسيم ليست جديدة بالمطلق بل هي محور سياسات واشنطن مع بروز تيار المحافظين الجدد، حيث يعتبر برنارد لويس من آباء هذا المشروع، ومحددات هذا المشروع ذكرها المفكر عبد الوهاب المسيري عبر تفصيله للتصور الأميركي للشرق العربي على أنه "مجرد مساحة أو منطقة بلا تاريخ ولا تراث مشترك تقطنها جماعات دينية وإثنية لا يربطها رابط وليس لها ذاكرة تاريخية ولا إحساس بالكرامة، فالعربي مخلوق مادي اقتصادي تحركه الدوافع المادية الاقتصادية".

عام 2006 وضع رالف بيترز وهو ضابط متقاعد مخططاً لإعادة تقسيم الشرق الأوسط نشرته مجلة القوات المسلحة الأميركية، ويتحدث بيترز عن "الظلم الفادح الذي لحق بالأقليات حين تم تقسيم الشرق الأوسط" بناء على اتفاق سايكس ـ بيكو متحدثا عن الأكراد، والشيعة العرب، ومسيحيي الشرق الأوسط، والبهائيين، والإسماعيليين، والنقشبنديين.

بعد نحو عشر سنوات نجد أن الأميركيين نفذوا جزءا من رؤيتهم بتسليم العراق إلى حكومة طائفية لتستغل إيران الظرف وتنقض على سيادة هذا البلد وتتحكم بسياساته، وفيما يخص الأكراد يبدو أن الأميركيين يحاولون إنتاج أكثر من كيان كردي بدعمهم لميليشيات في سوريا تبدو متعارضة مع كردستان العراق، وهذا التعارض سيكون سبباً في سلسلة أزمات متصلة لن تقتصر على سوريا بل ستمتد لتطال العراق وتركيا وإيران.

القراءة الأميركية للشرق الأوسط من دفتر "المحافظين الجدد" القديم لا يبدو أنها تفيد الأميركيين، وإن بدا أيضاً أنها تفيد إسرائيل الشريك المخطط للمشروع، إلا أنها في الحقيقة ستكون أعقد في حال انفلتت الأمور عن آخرها، فنظرية تفتيت الشرق الأوسط ونقل الإدارة فيه إلى إسرائيل ليست مضمونة النتائج بل قد تعود بنتائج عكسية، خاصة وأن عصب الدين والمذهبيات التي تمت تغذيتها تسببت بفالق يستحيل معه استثمار المنطقة سياسياً واقتصادياً، وهو ما يعني أن أي دخول وسط هذا الفالق هو أشبه بعملية انتحار.

أما بالنسبة لسوريا، فالتفكير المنطقي بناء على ما يقوله السفير فورد هو أن استمرار مشروع التفتيت يتطلب بقاء الأسد ليس كرئيس شرعي بل كزعيم ميليشيا تضمن استمرار الصراع الذي يحمل وسم الحرب الأهلية، وبتصحيح الصورة المقلوبة يمكن الاستنتاج بأن الإطاحة بالأسد حتى بانقلاب من داخل النظام ستغير في قواعد الاشتباك على خط طول يمتد من جنوب غرب إدلب إلى درعا والسويداء، ما يعني أن المتبقي أمام السوريين هو ترتيب معركة لا بد منها مع القوى المتطرفة، ويبدو هذا أسهل وأقل تكلفة على المنطقة بأسرها.

الأميركيون عالقون في شرنقة إسرائيل، وإسرائيل ترى أن كل يوم من حمايتها لبقاء الأسد تعني مكسباً يتمثل بمزيد من التمزق والانقسام طالما أنها ستفقد "الخصم الحليف"، لذلك فإن محاولة إشراك الدروز في دوامة طائفية أمر بدهي، وتصعيد حالة الكراهية بين السنة والشيعة بسبب قتال إيران وحزب الله إلى جانب الأسد أمر ضروري، وإشغال السوريين شمالاً بفتنة كردية عربية هو جزء من اللعبة، وتحالف النفط والغاز بين "داعش" وبقايا النظام جزء من خطة إطالة عمر هذين الطرفين بعمليات إنعاش هدفها استنزاف سوريا وانتظار تهافت أطراف أخرى وإدخالها دوامة التفتيت.

*علي عيد - من كتاب "زمان الوصل"
(212)    هل أعجبتك المقالة (193)

فهد التميمي

2015-06-25

الى اخي جبران النحوي متى حصلت اخوي في سوريا القبضة الامنية حتى تعود للوضع الطبيعي فالقبضة الامنية في سوريا بداءة في سوريا بعد الانقلاب الامريكي الشهير على يد ابناء جيش الشرق والمكون من ابناء الاقليات .ايضا لا يمكن نسيان ايام الحرية والديمقراطية في سوريا والتي لم يستفد للأسف اهلنا في سوريا منها في بناء دولة حديثة قائمة على التداول السلمي للسلطة وترسيخ قيم الحرية و الكرامة وبدل من ذلك اصبح الصراع على السلطة هو الهدف لجميع الاحزاب والبحث عن داعم خارجي وهذه هي العمالة والله والتي كان من نتائجها الانقلابات المتعددة إلى ان وصلت الى انقلاب 67 والذي كان الفيصل ونهاية لعهد الانقلابات وهذا كله بفضل الدعم الامريكي الذي انهى الحياة الديمقراطية في سوريا من ذاك الزمن الى قيام الثورة المباركة والتي نتمنى من اخوانا السوريين ان يدركوا ان العمالة للخارج لا تأتي بالخير على البلاد والعباد بالخير ابدا ايا كان هذا السيد الخارجي وبالاخص امريكا ودورها القذر .اضف الى ذلك انه كان في ذاك الزمن الفرصة سانحة لتقسيم سوريا في ضل الديمقراطية التي كانت يعيشها الشعب السوري عن طريق الاستفتاء لحق الشعوب في الحياة والتي رفضها الجميع واليوم تعود العجلة بأذن الله بحرية الشعب السوري ويعود للظهور عملاء الخارج من جديد ولكن بصورة اخرى وهي في هذه المرة الهدف منها تقسيم سوريا الى دويلات متناحرة غير قابلة للحياة بل اكثر من ذلك انها لا تنطبق عليها شروط الدولة او الحد الادنى لمعايير الدولة فانا على يقين انة لا يمكن تقسيم سوريا تحت أي مبرر او أي ادعاء كان . صحيح ماني سوري بس تاريخ سوريا الحديث مكتوب وبين فيه صورة التوحد تحت اسم الجمهورية العربية السورية اما ما ظهر مؤخرا فهو من شغل اجهزة المخابرات الدولية ومحاولة تقسيم بلاد العرب وتجزئتها لصالح المشروع الصهيو امريكي وتنفيذ بعض الموتورين الطامحين لنهب الشعوب تحت اسم القومية والطائفية والتي لا يمكن ان يكون لها دويلات على الاراضي التي استقروا بالعيش عليها وهذا والله إن حصل فهو بسبب السوريين انفسهم لا ذكاء من الاعداء فوحدة سوريا بيد ابنائها لا بيد الخارج وادواته.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي