رسالة إلى الرئيس زهران علوش.. علي عيد

قبل أيام تحدثت مع ثائر على أرض حوران، وكعادتي أرغب باستقاء المعلومة من مصدرها، المقاتل البسيط في صفوف فصائل الجيش الحر طلب مني أن أوجه رسالة إلى الرئيس زهران علوش بمناسبة تشكيل قيادة الجبهة الجنوبية، سألته عن سبب خلع زهران لقب الرئيس فأجابني بأن جبهة حوران تم تنويمها منذ معركة تحرير بصرى الشام، ومن ثم صد الهجوم على بصرى الحرير، فيما لايزال الأبرياء في حوران يدفعون ثمن هذا التنويم من دماء أطفالهم في مدينة درعا والقرى التي تتلقى القصف بالمدفعية الثقيلة والصواريخ والبراميل المتفجرة.
يقول الرجل وهو صديق تعرفت إليه خلال تغطيتي للمعارك قبل أقل من عامين، إن هناك مؤشرات على أن المطلوب من ثوار حوران فقط هو الانتظار حتى يأتي موعد تطبيق خطة تسليم دمشق على يد الفاتحين إلى الرئيس المؤقت زهران علوش، ومن ثم إلى شخصية أخرى قد تكون رجل الأعمال محمد حمشو على اعتبار أن الترتيبات الجارية تفوح منها رائحة طبخة شامية تشارك فيها الدول الداعمة.
لن أطيل في سرد من جاء على لسان الصديق الثائر، فقد شرح لي مستوى الاستفزاز الحاصل بتسليم شخص مغمور قيادة الجبهة الجنوبية فيما بقي ضباط كبار وذوو خبرة خارج التشكيلة.
خلاصة ما فهمته من الرجل أنه يريد أن يقول لمعدي الطبخة بأن شباب وثوار حوران لم يخرجوا، كغيرهم من الثوار، حاملين دماءهم على أكفهم لكي يصبحوا مجرد جسر لوصول زهران علوش أو حمشو أو غيرهما.
لعل الكثيرين لا يمانعون وقف حمام الدم حتى ولو كانت زعامة إسلامي معتدل كعلوش شرطاً، إلا أن قبول هذا الشرط يجب أن تسبقه إجابات على كثير من الأسئلة، فليس بالنوايا وحدها يمكن أن تنتهي المسألة ويعود السوريون لبناء وطنهم، ومن تلك الأسئلة ما يخص حالة الركود على جبهة الغوطة لدرجة القناعة بأن النظام وجيش الإسلام متفقان على هدنة تضمن حالة من التوازن التي يمكن استثمارها سياسياً وإعلامياً، لقد فشلت حملة صواريخ جيش الإسلام، وبقي الناس بانتظار مفاجآت علوش التي وعد بها، وكانت حصة السوريين من هذه الجبهة مجرد استعراض لنحو 1700 مقاتل بالعتاد الكامل وبإسناد السلاح الثقيل، وبطبيعة الحال فإن الاستعراض الذي تم خلاله الإعلان عن تخريج هؤلاء المقاتلين هو جزء من عمليات تخريج لدفعات أخرى، فكم هو العدد، وما هو العتاد، وإذا كان هناك الآلاف من المقاتلين، فكيف يسمح للمحارب أن يمسح عرقه بكل برود فيما الدم يسيل في كل مكان.
اكتفى السوريون أيضاً من بطولات الغوطة بأحاديث عن اختراق على جبهة جوبر بالسيطرة على بعض الأبنية، كما أن السوريين ومنذ أكثر من عامين يبكون مجاعة وحصار الغوطة، وهي مفارقة عجيبة أن يتعذر جلب الخبز فيما تحضر البزّات العسكرية ذات الجودة الرفيعة ومستلزمات العسكر اللوجستية.
ثم لماذا لا يخرج قائد جيش الإسلام بتصريحات واضحة حول مصير النشطاء ومنهم رزان زيتونة وسميرة خليل ورفاقهما، هل يكفي أن نعرف موقف علوش من خلال تسريبات عن جلساته الخاصة مع معاذ الخطيب أو بعض الناشطين والمقربين من خط علوش.
بطبيعة الحال لا يجب إنكار أن من حق أي تيار أو حزب أو مجموعة أن تقول ما عندها وأن تكون جزءا من مستقبل البلاد، وحتى أن تضع رؤاها على الطاولة، لكن من يقدم نفسه بصورة القائد عليه أن يعرف بأن في البلاد من لا يتفق مع رؤية الإسلاميين وحتى المعتدلين منهم في الحكم، لأن كل ما حصل عليه السوريون هو مجرد خطب تشبه خطب يوم الجمعة، فالمطلوب هو مشاريع العمل التي تتحدث عن مبادئ أساسية تضمن العدالة والحرية ومصالح الناس وتحقق تطلعاتهم، خاصة وأن تجارب الإسلاميين في العالم العربي فشلت أو تم إفشالها، وليس هناك استعداد لتكرار مثل تلك التجارب.
السيد زهران علوش، إذا كان الهدف هو تخليص البلاد والعباد من جحيم الأسد فلا بأس في جهد لا يقوم على استثمار الدم، أو المساومة، وحوران ـ والكلام لصديقي الثائرـ دمها فداء لسوريا وليس لمشاريع تنصيب قادة، ولا مجال لصناعة سلطان الأطرش من الجبهة الجنوبية، الناس حاضرة بوعيها، وكل عملية تصنيع لن تكون موضع قبول إذا لم تصفُ نوايا العمل.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية