أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

اعتداءات نجران ـ جازان تدفع للمعركة الكبيرة.. وفي القلمون بدأ العدّ*

ليس غريباً أن يخرج أمين عام حزب الله مرتبكاً وضعيفاً، وأن لا يتطرق لخسائره - الصورة: علم جيش الفتح في القلمون

تعتبر معركة القلمون مفصلاً مهماً في مستقبل المنطقة، وللمفارقة فإن هذه المعركة جاءت في ذيل خطاب حسن نصر الله الأخير، وباغتت حزب الله وكلفته قتلى بينهم قياديون قبل أن يضرب "طبل" الحرب التي كان يتم التحضير لها.

ليس غريباً أن يخرج أمين عام حزب الله مرتبكاً وضعيفاً، وأن لا يتطرق لخسائره معتبراً أن الحرب جولات، إلا أن الضربة الاستباقية التي نفذتها فصائل الجيش الحر تشير إلى تغير ملحوظ في إدارة المعركة معلوماتياً ولوجستياً، ومن خلال هذا التغير يتضح أن الحزب لن يكون صاحب المبادرة لاحقاً، وأنه وإن حاول استرداد ماء الوجه بصناعة انتصار في مساحة معينة فإنه يكون قد دخل فعلياً في مرحلة الصدام العسكري بالطاقة القصوى، وأدخل الصراع إلى الأراضي اللبنانية. ويتضح حجم المأزق بطلب نصر الله انخراط جيش وحكومة لبنان في المعارك. 

عوامل كثيرة تلعب دوراً في معركة القلمون، فهي وإن كانت لا تشكل سوى واحدة من عشرات الجبهات المشتعلة، إلا أنه تقرر ـعلى ما يبدوـ الدخول إلى وكر "الضبع" واصطياده هناك.

وأن يخرج الرجل محذراً من حملة الشائعات التي تطال نظام الأسد فإن ذلك يعني أن ما وراء الشائعة معلومة ومن العيار الثقيل، ويمكن قراءة المعلومة عبر معطيات دولية وإقليمية أهمها قرار دول مجلس التعاون الخليجي استضافة مؤتمر للمعارضة السورية، والحديث عن بدء التسليح بشكل أكثر نجاعة، وسلسلة اللقاءات والزيارات التي تشهدها الرياض وعواصم خليجية لزعماء عرب وغربيين، أضف إلى ذلك ما جرى في تركيا من لقاءات جمعت قادة فصائل من مختلف المناطق، وكذلك تطورات الميدان في محافظتي إدلب ودرعا ومن ثم حماة وريف دمشق.

لم يقدم حسن نصر الله خطابه الأيديولوجي "الجاذب" هذه المرة، مستمراً بتوزيع التهم للعرب بالتواطؤ والتخاذل والعمالة، ولعل حاضنته الشعبية وحتى كوادره باتت على قناعة بأنه لم يعد الشخص المناسب للتنظير في العروبة والقضايا الدولية والإقليمية، وحتى في شؤون لبنان ومصالحه العليا.

لا يخفى أن اللغة الدبلوماسية لقمة الخليج في الشأن إيران لا تعبر عن طبيعة الحال، فعاصفة الحزم التي تقودها الرياض لم تغير مسارها بعد أن تم تغيير اسمها استجابة للضغط الخارجي بسبب نجاح إيران في ربط ملفها النووي مع باقي الملفات في المنطقة عبر افتعالها أزمات وتسليحها لجماعات وميليشيات مذهبية.

يبدو أن اختبار الدبلوماسية مع إيران قد فشل في اليمن، ما يعني أننا مقبلون على حرب مفتوحة ستكون سوريا جناحها الأهم بالنسبة للخط العربي ـالتركي في مواجهة المد الإيراني، وكل ما هو قادم يبقى رهناً لمستجدات الشهرين القادمين من انتخابات تركيا إلى الانتقال من اتفاق إطار النووي الإيراني الذي يخضع لمرحلة اختبار إلى توقيع اتفاقية نهائية.

يقول مراقبون إن الأسد في مراحله الأخيرة، ويقول حزب الله إن الأسد إن سقط فسيسقط على الحزب نفسه، وتحاول طهران منع هذا بشتى الوسائل، إلا أنها تخبئ تحت السجادة ورقة إسرائيل، حيث يتعاظم الشعور لدى دوائر متابعة بأن الأخيرة باتت في عمق الصراع وهو ما اعترفت به صحيفة يديعوت احرونوت مؤخراً بالقول إن إسرائيل باتت "متورطة"، ومن دلالات هذا التورط الكشف عن مجموعات تم تجنيدها داخل "إسرائيل" لافتعال أزمة كما حدث في الجولان قبل فترة، ويتضح انخراط إسرائيل أكثر كلما ازاد شعورها وامتلكت معلومات حول قرب نهاية نظام الأسد كما حصل في قصف قواعد صواريخ تابعة للنظام ولحزب الله.

تحاول إيران إدارة اليمن بنفس العقلية التي تدير فيها حربها القذرة في سوريا، إلا أن شدة النيران التي تعرض لها الحوثيون وجماعات علي عبد الله صالح دفعتهم إلى محاولة التخفيف بتنفيذ اعتداءات على مدينة نجران السعودية على الحدود مع اليمن وبعض الدوريات في قرى جيزان الحدودية أيضاً.

تحاول إيران وحلفاؤها تخويف السعودية من الداخل إلا أنّ القيادة الجديدة يبدو أنها تعرف كيف يلعب هذا الفريق، وهي أيضاً تعرف حجمها وحجم مسؤولياتها على المستوى الدولي والعربي والإسلامي.

وأختم بالعودة إلى نصر الله الذي لم يخطئ بنيته خوض معركة استباقية في القلمون إلا أنه لم يستطع المبادرة، وفي هذا العجز معاني تكفي لقراءة طبيعة المرحلة المقبلة.

*علي عيد - من كتاب "زمان الوصل"
(179)    هل أعجبتك المقالة (184)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي