قبل نحو عام اتصل بي شخص لا أشك بثوريته سائلاً النصيحة وهو يشكو ابتزازه من قبل شخص طلب منه فدية مالية مقابل عدم نشر مقطع له، وهو يتابع "بشغف" أحد المقاطع الجنسية الفاضحة، وعرفت منه أن أحد القراصنة اخترق جهازه واستطاع تسجيل ذلك الفيديو، ضحكت مطولاً وقلت له ـمن باب التندّرـ لو كنت مكانك لعرضته مع تفاصيل القصة على صفحتي في "فيسبوك" لجمع تسجيلات الإعجاب (lik)، وربما قلت هذا لأنني لم أضع في حساباتي إمكانية أن تكون هناك وثائق تم سحبها من كمبيوتره، وتكرر الأمر مع صديق آخر.
ليست تلك كل القصة بل ما نقلته "لوفيغارو" الفرنسية عن شركة "فاير أي" الأمريكية المتخصصة في أمن الشبكات، حول اختراق واسع النطاق تعرضت له صفوف "المعارضة المسلحة السورية" وناشطو سياسة وإغاثة العامين الماضيين، أسفر عن الحصول على معلومات عسكرية حساسة وخطط سرية، بعد استعمال النساء (الجنس) طعماً، لتصل المعلومات إلى نظام الأسد.
وتشير المعلومات إلى أن وسيلة اختراق النساء "ملاجئ" كمبيوترات الأشخاص المستهدفين، جاءت عبر "سكايب" لسحب خطط وبرامج عسكرية وطرق إمداد ومواصلات واتصالات.
تقول المعلومات إن استخدام النساء للإيقاع بالثوار تسبب بخسارة "خربة غزالة" بريف درعا، وللعلم فإن قصة هذه المدينة الاستراتيجية أدخلت كتائب الجيش الحر في صراع متبادل وتهم تخوين، وربما كانت واحدة من الأسباب التي تم على أثرها إلغاء قائد المجلس العسكري في الجنوب العقيد أحمد النعمة بعد كمين لتنظيم "جبهة النصرة" حيث لم يعرف مصير الرجل بعد.
ليس غريباً ما كشفت عنه التقارير في حالة سوريا، فنظام الأسد استخدم كلَّ الوسائل لاختراق طليعة الثوار ممن فشل في قتلهم، وأزيد بأن أجهزة استخبارات كثيرة في العالم عملت وتعمل ضد الثورة السورية، ومن الطبيعي أن يكون الجنس وسيلة لاختراق ثورة ينخرط فيها مئات آلاف الشباب عبر استغلال حاجتهم الطبيعية، وليس طبيعياً أن لا تكون لهم هفوات خصوصاً وأنهم يمضون شهوراً وسنوات خارج قراهم ومدنهم، إنهم بشر يعشقون ويجوعون ويحتاجون لحبيبات.
من زاوية أخرى يحاول النظام تقديم نفسه كبديل حضاري للغرب مقابل صورة المعارضة المتشددة، ويستخدم في هذا كل الإيحاءات الجنسية الممكنة، ابتداء من التسهيل للمثلية الجنسية، مرورا باستخدام أجساد الفنانات في نشاطات تجمعهن بالعسكر، وتمرير صور لفتيات يظهرن أجزاء من أجسادهن، أو يكتبن عبارات كتلك التي كتبت على مؤخرتها عبارة تشتم فيها الثورة.
الثورة ليست فاسدة، وما تسرب من معلومات ليس منهج حياة كما هو الحال داخل أروقة النظام، وأذكر قبل سنوات أن سيدة تدعى "ليلى السلطي" روت لي قصصاً من حرب جنسية داخل حكومة وأجهزة استخبارات النظام، ولعل البعض سمع بقصة الفيديو الذي وصل إلى وسائل الإعلام الإسرائيلية، أبطال القصة أسماء ضباط كبار منهم ذو الهمة شاليش وعاطف نجيب وبشير النجار، ووزراء في حكومة محمود الزعبي ـوقتهاـ منهم وزير المالية خالد المهايني، كلهم كانوا يمارسون الدعارة في نفس الشقة التي تديرها "السلطي" وبشكل متناوب، كان رأس النظام يعرف وكان هناك من ينسق معها ويزودها بكاميرات وأشرطة التسجيل، كما استخدمتها الأجهزة للإيقاع بأطراف خارجية.
مشكلة الثورة أنها ضحية التنميط، والتركيز على العبارات الدينية، وفكرة التشدد، وقد استفاد النظام بماكينته الإعلامية الأمنية مع حلفائه من تسويق كذبة "جهاد النكاح"، ثم استفاد من صور تطبيق "داعش" و"النصرة" عقوبة الرجم والرمي من أمكنة مرتفعة بحق أشخاص اتهموا بتجاوزات جنسية، وهو ما يحتاج لتفكيك، إذ لا بدّ من أنسنة الثوار إعلامياً وإيضاح الفرق بين ما تقوم به الجماعات المتشددة وطبيعة الفرد السوري.
الثورة بطبيعتها ليست عملاً منظماً، وأخطاء الثوار حالة طبيعية، إلا أن اللافت أنّ هناك من يضع خطة عسكرية على جهاز كمبيوتر يستخدمه للدردشة، أو للتواصل مع شخصيات مجهولة ونساء تم تجنيدهن خصيصاً لاختراقهم.
ومع ما سبق .. فإن من يخوض حرباً مع نظام تديره أجهزة استخبارات متوحشة وخبيرة عليه أن يضع إصبعه على الزناد لا على إيقونة "أعجبني".. والغريب أن الكثير من قادة الثوار يديرون معاركهم على "فيسبوك" نهاراً وعلى "سكايب" ليلاً.
*من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية