"الملوك الثلاثة" عنوان اللوحة الفوتوغرافية التي نال بها الفنان الفلسطيني الشاب "نيراز سعيد" 23 عاماً من مخيم اليرموك الجائزة الأولى في مسابقة التصوير الفوتوغرافي السنوية التي تقيمها منظمة "الأونروا" للشباب اللاجئين الفلسطينيين، وتمثل اللوحة الفائزة صورة لثلاثة أشقاء، ينتظرون دورهم للخروج من مخيم اليرموك من أجل تلقي العلاج خارجه، وقد بدت على ملامحهم علامات الإرهاق والخوف والترقب.
والأطفال الثلاثة الذين يبدون في اللوحة كتوائم "ليسوا إلا صورة واحدة لأكثر من 3000 طفل، محاصرين داخل مخيم اليرموك، مشبعين بالبرد والجوع والعطش منذ أكثر من 495 يوما على التوالي" -كما قال الفنان سعيد- لـ" زمان الوصل".
وأضاف: "كان أحد أهدافي من نشر هذه الصورة، أن نعود لنذكّر العالم والفلسطينيين على امتداد الشتات أن لا تنسوا مخيم اليرموك وأطفاله، والإنسان المحاصر داخل اليرموك".
وحول فكرة المسابقة ودوافع اشتراكه بها قال الفنان "نيراز سعيد":
"انتشر خبر الإعلان عن المسابقة على صفحة "الأونروا" منذ حوالي الشهر، وهذه المسابقة التي أخذت عنوان "أنا لست رقماً" هذا العام خٌصّصت للأعمال التي تحكي عن اللاجئين، وعن ضحايا النزاعات والحروب من الأطفال".
ويقول الفنان سعيد إن سببين شخصيين دفعاه للاشتراك بالمسابقة أولهما ثقتي الكاملة بعملي وتوقعي أن يكون لي مكان بين الفائزين في المسابقة، والثاني ما رأيته من معاناة لأطفال المخيم من حصار وتجويع ممنهج بالإضافة إلى القتل والمرض والتهجير".
ويضيف الفنان "نيراز سعيد": "من خلال كل ذلك وجدت أن المشاركة في المسابقة هي فرصة ثمينة لإيصال رسالة الأطفال ورسالتي الشخصية، من داخل الحصار الذي منعني من الخروج لحضور المعرض والتكريم في غزة بفلسطين المحتلة".
*حصار اليرموك أتعبنا
وحول ظروف التقاطه للصورة الفائزة، وسبب اختياره اللونين الأبيض والأسود يقول الفنان سعيد:
التقطت هذه الصورة لثلاثة أطفال في ساحة الريجة بمخيم اليرموك، أثناء انتظارهم الخروج من معبر اليرموك، بهدف العلاج خارج المخيم، كان الأطفال مصابين بمرض سوء التغذية الناتج عن نقص الطعام بسبب الحصار".
ويستدرك الفنان سعيد: "أنا أرى أن اليرموك والحصار قد أتعبنا، وأطفأ السواد والعتم بريق الحياة داخلنا، حتى تُرى الوجوه وكأن السواد يملؤها".
ويستطرد الفنان الشاب: "الشحابير" التي تبدو على ملامح ووجوه الأطفال ليست ناتجة عن قلة النظافة، بل عن التعب والإرهاق، إضافة إلى أن المشهد في ساحة "الريجة" وهي نقطة محايدة، وفاصلة بين قوات المعارضة والنظام، لذلك تُرى باللونين الأبيض والأسود.
ويشير الفنان سعيد إلى أن اختياره للأبيض والأسود في لوحته هو "انعكاس لواقع الحال اليوم في سوريا وفي اليرموك تحديداً حيث الصراع بين الحياة والموت، الحب والحقد، والتفاؤل والتشاؤم أو حالة التشاؤل -كما يسميها- الروائي الراحل "إميل حبيبي".
*معاناة تطول !
وعن ظروف عمله في التصوير والتوثيق في ظل الحصار، وما هي التحديات التي تواجهه كفنان وإنسان يقول الفنان الشاب:
عملي كمصور فوتوغرافي مستقل في منطقة محاصرة. جعلني أحرص على حيادية المشهد، وأنحاز للإنسان، وللتفاصيل البسيطة واليومية في حياة الناس هنا".
ويؤكد الفنان سعيد حياديته في التصوير:"لم أصور لا من أجل تغليب وجهة نظرعلى أخرى، ولا من أجل تهويل أو التقليل من أي حدث".
ويردف: "ما دفعني للتصوير منذ البداية وحتى الآن، هو حجم الكارثة الإنسانية التي حصلت في اليرموك وفي المناطق المجاورة له، كارثة لن تشفى منها الأجيال القادمة، معاناة تطول".
ويتابع : "اعتبرت نفسي حاملاً لرسائل الناس العاديين والمحاصرين، وأخذت على عاتقي نقل معاناتهم للعالم الخارجي، كما هي، دون تزوير أو بهرجة، أو حتى استخفاف".
وأقام الفنان "نيراز سعيد" قبل أشهر معرض صور عن مخيم اليرموك وعُرض في متحف "محمود درويش" في رام الله في فلسطين المحتلة، وبعدها في مدينة القدس ولازال المعرض قائماً إلى الآن يجوب المدن الفلسطينية وحديثاً في أوروبا، بالإضافة لمشاركته كمساعد مخرج في فيلم "رسائل من اليرموك"، للمخرج العالمي" رشيد مشهراوي" ويعتبر هذا الفيلم الذي شارك في مهرجان دبي السينمائي للعام 2014 أول فيلم وثائقي من داخل الحصار، والفيلم من انتاج "عبد السلام عسكر"- قناة الغد العربي.
فارس الرفاعي- زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية