أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

فك الإشتباك بين الأمن والإبداع

للأمن بصفة عامة في وقائع السينما المصرية مكانته ودلالته في نفس الوقت، فمكانته فيما يختص به من مساحة على شاشة السينما المصرية، وله دلالته فيما تطرحه الأفلام التي تتناول الوقائع الأمنية، خاصة شخصيات رجال الأمن من قضايا تؤثر به هذه الأفلام من أفكار.

ويشير د. ناجي فوزي مؤلف كتاب "وقائع بوليسية في السينما" إلى أن ظهور الشرطة بكل فئاتها من خلال عيون السينما المصرية، والذي قارب الثلاثة أرباع قرن، خاصة رجال الأمن بكل أنواع أنشطتها واختصاصاتها، وبكل ما توصف به من حسنات، وينسب إليها من أمجاد في مجال حماية أمن الوطن والمواطنين، وبكل ما يحط عليها من نقائض ومن سلبيات بعضها يصل حد الخطايا، مما يدلل على أن جهاز الأمن في كل الحالات، لا يبتعد عن عيون السينما الفاحصة، نسبة لأن الفن من أخطر وسائل الاتصال الجماهيري تأثيراً في المجتمع حتى الآن، وأنه مرشح لأن تظل الوقائع الأمنية في مصر في محل الصدارة، طالما وجد الفنان الملهم الذي يجد فيها وسيلة للتعبير عن اتجاهاته الفكرية، تجاه السلطة وعلاقتها بالمواطن في كل زمان ومكان سلباً وإيجاباً التي هي علاقة قائمة، لما هو معروف بمسألة النسبة والتناسب.

وأضاف: إنه بقدر ما يشغل قطاع الشرطة من خلال نشاطاته حيزاً مناسباً بواسطة المجتمع المدني، يتبع نشاطاً مهماً من قطاع السينما.

ويرى الكاتب أن المشكلة التي تفرض نفسها من خلال البحث في العلاقة بين السينما المصرية وجهاز الأمن الداخلي، تكمن في الظروف التي تتجمع معاً، وفقاً لما أورده الناقد السينمائي محمد فتحي عبدالفتاح، من خلال مقالته النقدية حينها، والتي أشار فيها إلى أن من أهم هذه الأسباب الموروثات الرقابية التي تجعل رجل الشرطة موضوعاً خاضعاً لفكرة التوازنات التي يلجأ إليها بعض السينمائيين، عند اقترابهم من معالجة بعض الموضوعات ذات الطابع العام، لاسيما الموضوعات ذات الصبغة السياسية على وجه الدقة، حيث توجد سلطات مختلفة تفرض عدداً من التوازنات على الانتاج السينمائي المصري، وتأتي في مقدمتها هذه السلطات رقابة الدولة، وسعي المنتج إلى الربح ومتطلبات واحتياجات جمهور الشباك وتصورات حركة النقد، إضافة إلى متطلبات النجوم وإمكانيات صنَّاع الفيلم المصري.

موضحاً أن هذه السلطات وما تفرضه على الفليم من توازنات، هي الناتج الفعلي لكون أن السينما ذات تأثير على جماهير له وزنه من توازنات، إضافة إلى أن فكرة التوازنات ترتبط بعاملين هما عامل الفن والصناعة، وتسيطر فكرة التوازنات هذه على الأعمال السينمائية التي تحاول الاقتراب من جهاز الأمن أو الضباط، ومن حياتهم الشخصية ومن أعمالهم الوظيفية محوراً لها، إذ تحاول هذه الأعمال عادة من الإمساك بالعصا من المنتصف، كما شاع المثل حتى تكون في مأمن من الوقوع تحت المساءلة، وتُعد فكرة التوازنات مرتبطة بعناصر مادية من أهمها التوقيت والتوافق.

ويبدي الكاتب ملاحظة مفادها أن الاتجاه النقدي في الأعمال السينمائية للجهاز الشرطي، يستند إلى فكرتين أساسيتين إحداهما ذات صبغة شكلية، والأخرى ذات صبغة موضوعية، حيث إن الاتجاه النقدي نحو السلطة خاصة في وجهها التنفيذي يكون واضحاً في أقصى صور الوضوح، من خلال تناول واحد من مظاهر هذه السلطة وإظهارها في نفس الوقت، وهو جهاز الأمن نسبة لأنه جهاز يتعامل مع قطاع كبير من جمهور الشعب، وله ما له من جانب منظور من الزي ومظهر المركبات التي يركبونها أو الخيول التي يمتطونها، وهذا هو الجانب المرئي من الشكل الخارجي للأعمال الشرطية، أما الجانب الآخر الذي يتم التعامل معه في إطار المنتج الفني، هو الجانب غير المنظور من خلال ذات الحساسية، فيما يتعلق بالجانب المتصل بالحريات الشخصية، خاصة أعمال البحث الجنائي أو الشرطة السرية، فهذا الواقع يكون بطبعه أكثر إثارة في مجال العمل الفني، سواء المرئي منه أو المسموع، مثل الفيلم السينمائي أو الدراما التليفزيونية.

ومما تجسد من فكرة المنظور وغير المنظور من خلال الأداء الشرطي، ينصب في إطار ما يمكن أن نسميه عنصر الوضوح، باعتباره عنصراً ذا صبغة شكلية، وأن الفكرة المكملة لها هي ما نرى أنها ذات صبغة موضوعية، وذلك من حيث اتصالها بعنصر التأثير على الرأي العام، وأنه تأثير يبلغ من الدرجة أن يخلق حالة من التوحُّد بين المتلقي من المشاهدين بإبطاله، سواء أكان شخصاً أو جماعة مشتركين في العمل الدرامي، ويشدد الباحث بالقول إذا ما أريد الوقوف على حقيقة علاقة السينما المصرية بجهاز الأمن الداخلي، أن يتم بحثاً في هذا الإطار من خلال إعادة قراءة رجل الأمن على شاشة السينما المصرية.

وكالة الصحافة العربية
(120)    هل أعجبتك المقالة (111)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي