عندما يتحدث العاهل السعودي عن غزة... د. عوض السليمان

لم تفاجئنا كلمة العاهل السعودي عن الأوضاع في غزة، فهي لم تأت بجديد ولم تخرج عن الخطاب العربي الذي نعرفه منذ احتلال فلسطين عام 1948.
أشار الملك عبد الله، في كلمته إلى أن "إسرائيل" تسفك الدم الفلسطيني على مرأى المجتمع الدولي ومسمعه، وأن المجتمع الدولي هذا لم يفعل شيئاً لإنقاذ غزة من الظلم والقتل.
نتفق مع الملك بقوة، لكننا نتساءل، إذا كانت السعودية نفسها من المجتمع الدولي فماذا فعلت لغزة؟ وإن لم تكن فهي جزء من ماذا؟ وما قيمة الدولة النفطية الغنية التي لا تستطيع أن توقف العدوان على شعب عربي مسلم، ولا تستطيع أن تؤثر في المجتمع الدولي.
تنتقد الدول العربية جميعها خذلان المجتمع الدولي للقضية الفلسطينية، فأين أنتم من هذا المجتمع؟ هل أنتم جزء منه أم لا؟ وما حجم تأثيركم فيه؟ وما الذي جعلكم غير قادرين على رفع النظر في وجه الولايات المتحدة؟ وما الذي جعل الكيان الصهيوني صغير الحجم ضعيف القوة يمتطي ظهوركم؟.
انتقاد تآمر المجتمع الدولي، اعتراف من الحاكم العربي بأن لا قيمة لبلاده في الموازين الدولية، وتأكيد على أن بلاده حجر شطرنج لا حول لها، ولا شك أن هذا اعتراف بالمهانة يحتاج إلى تدقيق كثير.
يذكرني الموقف السعودي بالائتلاف الوطني السوري، حيث لا يكف أعضاؤه عن انتقاد عمله ابتداء من رئيسه السابق معاذ الخطيب، إلى ميشيل كيلو العضو الفاعل فيه. وكذا الدول العربية لا تكف عن شتم المجتمع الدولي وتدعي في الوقت نفسه أنها جزء منه ومن تشريعاته.
تعلم حكومة المملكة، أن صديقها السيسي، هو الذي يحاصر غزة، بل ويرشد القوات الصهيونية إلى أماكن تواجد عناصر المقاومة وقياداتها. وتعلمون أن السعودية وقفت بكل قوة خلف الانقلاب بمصر، ووصل الأمر أن تدرج المملكة جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية، بل أكثر من ذلك، إذ كادت حكومة الرياض أن تقطع علاقاتها الدبلوماسية بقطر لأن الأخيرة أيدت الشرعية في مصر.
ألا يحق لنا أن نتساءل لماذا صمتت السعودية عن عدوان العام 2008 على غزة، بل وقفت في نقطة هي أقرب للصهاينة منها لفلسطين، لدرجة أن العاهل السعودي "طرد" الشيخ يوسف القرضاوي الذي جاءه طالباً نصرة الشعب الفلسطيني؟.
وسؤال آخر، هل حدث وأن لوّحت السعودية في الثلاثين سنة الأخيرة تلويحاً فقط باستخدام أسلحتها الاقتصادية لفرض رأي عربي أو إسلامي على المجتمع الدولي، وهل جربت استخدام "الضغط النفطي" لإثبات وجودها على الصعيد العالمي، إنها لو فعلت مرة واحدة لجعلت الرياض محجّ زعماء العالم ولساهمت في منع الدول الإرهابية من الاعتداء على العرب والمسلمين ومحاولة إذلالهم أينما وجدوا.
عبث سؤالنا ولكننا سنسأل، هل من واجب السعودية الدفاع عن فلسطين أم أنها ليست معنية بذلك؟ ألا تدعي أنها قلب الإسلام ومركز العروبة، وأنها تمثل الصحابة الكرام والمجاهدين الأوائل، فإن كان ذلك واجبها فلتشمر عن سواعدها سياسياً وعسكرياً واقتصادياً، وإن كان بشار الأسد قد أنفق ثروات سورية على التسلح استعداداً لقتال الشعب السوري وتدمير حضارة البلاد، فلماذا تتسلح السعودية؟ خوفاً من قطر مثلاً؟.
لماذا لا تستثمر السعودية أموالها في بناء غزة بدلاً من تقديم المساعدات للمتضررين من إعصار كاترينا، وبدلاً من دعم الجيش الأمريكي في العراق. ولماذا لا تسحب الرياض أموالها من مصارف الدول الإرهابية التي أنشأت "إسرائيل" ولا تزال تدعمها إلى اليوم؟
لا يزال لدينا عشرات الأسئلة حول مواقف السعودية من كل القضايا العربية والإسلامية، فصمت المملكة عن كل الإرهاب الذي يتعرض له العرب والمسلمون في العالم، يجعلني أشك بقوة أن الحديث عن سفك الدم الفلسطيني اليوم في غزة، ما هوة إلا لذر الرماد في العيون، أ ليس كذلك يا جلالة الملك؟.
من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية