أكثر من خمسمائة غارة على غزة حتى اللحظة، وأكثر من ثمانين شهيداً وعشرات الجرحى ومئات البيوت المهدمة، و ذلك تحت سمع العالم وبصره، بل تحت إدانته لصواريخ حماس. وإن كنا لا ننكر الموقف الأمريكي الغربي الذي حمل حماس المسؤولية، فإننا نرفض الموقف العربي وإن كنا لا نستهجنه، إذ نكاد نصدق الإشاعة التي تقول إن بعض حكامنا يتجسس بنفسه لصالح العدو الصهيوني.
عندما ينقلب السيسي على الرئيس الشرعي المنتخب في البلاد، وينصب نفسه فرعون أول في مصر الكنانة، ثم يلقي خطاباً في ذكرى العاشر من رمضان، دون أن يأتي تلميحاً أو تصريحاً على إدانة الكيان الصهيوني والتذكير بماضيه العدواني، ودون أن يحذر من الاعتداء على غزة وشعبها فلمَ لا نصدق إشاعة الجواسيس.
عندما ترى السفير إيهاب بدوي الناطق باسم السيسي يتحدث عن اتصالات مكثفة تجريها مصر مع الأطراف كلها، وعندما يدعو زير خارجية الانقلاب إلى ضبط النفس، فاعلم أن إشاعة الجواسيس صحيحة وقد يكون أكبرهم عبد الفتاح السيسي.
عندما تغلق سلطات الانقلاب معبر رفح أمام الفلسطينيين الفارين من الاعتداءات، وعندما تمنع وصول المساعدات الإنسانية والطبية إليهم، فهي لا تتجسس لصالح العدو فقط، بل وتقاتل في صفه وتحت رايته.
يذكرنا موقف هذه الحكومة، بموقف الجاسوس الآخر حسنى مبارك، عندما منع شاحنة خليل الأسكتلندية من الدخول إلى غزة المحاصرة في العام 2008، علماً أن الشاحنة لم تكن تحوي إلا أدوية ضرورية للمدنيين في القطاع، وبالرغم من كل النداءات التي وجهها الشعب المصري لمبارك في ذلك الوقت إلا أنه تعنت في الرفض قائلاً: إن معبر رفح، وحسب الاتفاقات مع إسرائيل، مخصص لعبور الأشخاص وليس الشاحنات، ومصر لديها اتفاقيات أمنية لا نستطيع تجاوزها. من يفعل ذلك إلا الجاسوس.
عندما يدعي بشار الأسد أنه زعيم حلف المقاومة، وأنه صمام الأمان لاستمرار ممانعة العدو الصهيوني ثم يصرح عن طريق رامي مخلوف بأن أمن إسرائيل من أمن سورية فاعلم أن الإشاعة صحيحة وأن لدينا جاسوس صهيوني في دمشق. وعندما يحتفظ "الممانع" بحق الرد على غارات صهيونية بانتظار يوم القيامة، و يرد على بعضها الآخر بتوجيه صواريخ سكود وبراميل الموت إلى المدن السورية فاعلم أن الجاسوس يخجل من تواضع فعله أمام الأسد.
لنتصور أن دولة إرهابية احتلت بلداً ما، هل كانت قادرة على أن تقتل نصف مليون شخص في ثلاث سنوات، وتهجر نصف السكان، وتدمر مئات الآلاف من البيوت، بالطبع لا. أما الأسد فقد فعلها حباً وكرامة لأسياده في تل أبيب، أ فليس الرجل جاسوساً بامتياز.
لا ينتهي الحديث عن جواسيس العدو في بلادنا، فهم كثر. بعضهم يقاتل للقضاء على الربيع العربي، ويسخر كل إمكانياته لتحقيق ذلك الهدف، فيدفع المليارات ويحيك المؤامرات. وبعضهم يطالب نتنياهو باستخدام الكيماوي لتحقيق نتائج أدق وأسرع في التخلص من المقاومة في غزة. وبينما انشغل عدد منهم بالرقص والغناء وستار أكاديمي، ذهب بعضهم إلى شراء الأصيل من المعز والجميل من الغنم.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية