أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

في كتاب مهم...بشارة يؤرّخ للثورة السورية ضد "نظام التشبيح والتشليح"

صدر كتاب جديد للدكتور عزمي بشارة بعنوان"سورية: درب الآلام نحو الحرية - محاولة في التاريخ الراهن" (687 صفحة من القطع الكبير)، عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات.

وهو كتاب مهم لمعرفة ماذا يجري حقا في سورية وفي نطاقها الإقليمي، وضروري لفهم تفاعلات الحوادث السورية وتشابكها وامتداداتها نحو العراق شرقا ولبنان غربا، وربما إلى أبعد من ذلك لاحقا، ولرصد اتّجاهات هذه الثورة ومآلاتها المستقبلية.

ويؤرخ بشارة الذي راقب مسار الثورة السورية منذ انطلاقتها واستشرف عدة أحداث قبل وقوعها-يؤرخ- في كتابه هذا لوقائع سنتين كاملتين من عمر الثورة، حيث ظهرت بوضوح الأسباب العميقة لانفجار حركة الاحتجاجات في سورية، وتفاعلت في أثنائها العناصر الأساسية المحرِّكة، اجتماعية كانت أم سياسية أم جهوية أم طائفية، ثم انفرجت الأمور عن المشهد الدامي لسورية اليوم وعن درب الآلام الطويل نحو الحرية.

ويعود الكاتب في عدة فصول إلى الوراء ليؤرّخ لجذور الصراعات السياسية والطائفية والخلفيات الاقتصادية الطبقية أيضا.

ووصف مهتمون الكتاب بأنه أشمل وأعمق كتاب ينشر -حتى الآن- عن الثورة السورية، فهو يجمع التوثيق بالسوسيولوجيا والاقتصاد والإستراتيجيات في سياق تاريخي مترابط، وبمنهج التحليل الاجتماعي التاريخي معًا. وفي هذا الإطار، لا ينشر الكتاب أي معلومة ما لم يكن متأكدا من صحتها، ولا يفسّر أي حادثة ما لم يكن محيطا بجذورها وأصولها وأبعادها. لذلك جاء هذا الكتاب ليسدّ فراغا معرفيا وتأريخيا من حيث تميّزه عما كتب عن الثورة السورية، ومن حيث فرادته في التعليل والتحليل والتفسير والاستنباط والاستنتاج، وهي أمور لا بد منها في أي كتابة معمقة وعلمية وحيوية.

بين السلمية والمسلحة
كما يؤرّخ عزمي بشارة لهذه الثورة في مرحلتيها: المدنية السلمية والمسلحة، ثم يرصد مظاهر الإستراتيجية التي اتبعها النظام السوري القائمة على قمع الثورة بالعنف الدامي والمتمادي، الأمر الذي أدى إلى توليد أنماط من العنف لم تكن مألوفةً قط في سورية، ثم يتحدث بالتفصيل عن الوقائع المتحركة التي شبّت في المدن الرئيسة في سورية، وكيف بدأت الحوادث سلميةً ثم انتقلت إلى العسكرة وحمل السلاح لاحقا. 

ويبين الكتاب على نحوٍ دقيق وموثّق مسؤولية النظام المباشرة عن انزلاق الثورة إلى الكفاح المسلح كإستراتيجية، بعدما كان استخدام السلاح مقتصرا على حالات متفرقة من الدفاع عن النفس أو غيره. وفي سياق هذا العرض، يدحض الكاتب المقولة الشائعة عن أن الثورة السورية هي ثورة أرياف مهمشة، ويبرهن أنّها بدأت أولا في المراكز المدينيّة للأطراف، ثم امتدت إلى الأرياف المهمشة في ما بعد. ولعل قراءته اللافتة للقاعدة الاجتماعية التي استند إليها حزب البعث هي من أعمق القراءات في هذا الحقل المعرفيّ، فقد تناول عملية الترييف وما نتج عنها من "لبرلة" اقتصادية، ما أدى، في ما بعد، إلى انقلاب هذه القاعدة على البعث نفسه، وصعدت، جرّاء ذلك، فئة "الذئاب الشابة"، واستقر ما يسميه الكاتب استعارة بـ "نظام التشبيح والتشليح" على صدور الناس.

عشر عجاف
ويعرض عزمي بشارة في هذا الكتاب/المرجع حصاد عشر سنوات من حكم بشار الأسد، إذ بدأت إرهاصات الاحتجاجات تتبرعم في هذه الحقبة، ثم ينتقل إلى الشرر الذي اندلع في مدينة درعا وسرعان ما تحوّل لهيبا، وإن ظل في إطاره السلميّ في البداية.

وينثني الكاتب إلى إعادة رواية الوقائع وتحليلها في كل مدينة مثل حماة وحلب ودمشق والرقة ودير الزور وإدلب وحمص. وخلال ذلك يدقّق الكاتب بعض الوقائع، وينفي صحة وقوعها إذا لزم، ويفنّد بعض المقولات الشائعة إذا لزم أيضا. ثم يتصدّى لدراسة إستراتيجية النظام السوريّ وبنية خطابه السياسي والإعلامي، ويكشف اللثام عن الاستبداد وعن المجازر والخطف ومسارب الطائفية والعنف الجهادي، ويتناول منزلقات العنف المسلح إلى نشأة ظاهرة أمراء الحرب وفوضى السلاح، قبل أن يعرض للحراك السياسي لدى المعارضة والفاعلين الجدد (التنسيقيات) والمبادرات الدولية لحل المشكلة السورية.

يقول عزمي بشارة في هذا الكتاب: كان على النظام السوريّ أن يتغير أو أن يغيره الشعب. وأكثر ما يخشاه الكاتب هو أن تنتهي الأمور إلى احتراب طائفي وتسوية طائفية تحفظ لجميع الطوائف حصصها السياسية من دون أن يتغير النظام. 

لذلك يدعو إلى تأسيس سورية على أساس الديمقراطية، أي دولة جميع المواطنين من دون التخلي عن الهوية العربية للأغلبية. وهو في هذا الميدان يدعو إلى التسوية، لكنّها تسوية تتضمن رحيل النظام وبقاء الدولة، لأن من دون هذه التسوية ستتحول الثورة إلى قتال طائفي وإثني، وتتحول سورية إلى دولة فاشلة حتى مع هزيمة النظام.

(123)    هل أعجبتك المقالة (115)

د. محمد غريب

2013-09-01

لم أقرأ الكتاب ولكن من خلال العرض أعلاه، يعتبر أن "الحل السلمي" كما يٌدعى هو الأساس وأن المقاومة المسلحة للأسد ستقود لقتال طائفي وفوضى وأمراء حرب وو..، وكأن الكاتب يبشر بوقوع هذه الأمور مع أن الثورة السورية أصبحت قائمة على حقيقتين ثابتتين؛ الأولى هي أن أحداً لم يدعم الشعب السوري ولم يناصره إلا بعدما بدأت إنجازات الجيش الحر تؤتي أكلها، متجاهلا حقيقة أن الحل السلمي يتضمن وجود النظام وهو بذلك يروج للأفكار الغربية التي تريد قطف ثمرة الثورة من يد الشعب السوري، الحقيقة الثانية أن الجيش الحر يتحول تدريجياً إلى جيش منظم ومدرب ويأتمر بقيادة واعية وأصبح الطرف الوحيد المؤثر في المعادلة السورية بالنسبة للشعب السوري، بالطبع هناك أخطاء كثيرة لكن هذا أفضل الموجود خصوصاً أن الثورة تبني مقاومتها من لاشيء بدون مساندة "تُذكر" من أحد. الكاتب تجاهل هاتين الحقيقتين ويروج بشكل هادئ لما يروج له "الشارع" الدولي من حل "سلمي" يتم به التحكم بقرار الأغلبية السنة متجاوزاً كل ماقدمه الشعب السوري من شهداء ودماء، ومتجاوزاً أية محاسبة حقيقية للجارئم التي ارتكبت من قبل النظام المجرم ومرتزقته..


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي