أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

أزمة مياه "تنورين" تمتد إلى سوريا وسط مخاوف من تلوث غذائي متزايد

تداول ناشطون سوريون خلال الأيام الماضية مقاطع مصوّرة تُظهر شاحنات تحمل عبوات مياه "تنورين" اللبنانية وهي تُوزّع في شوارع دمشق وحمص، في وقتٍ تشهد فيه هذه العلامة التجارية جدلًا واسعًا بعد إعلان وزارة الصحة اللبنانية إيقاف عمل الشركة مؤقتًا بسبب اكتشاف تلوث بكتيري في بعض عيناتها.

ووفق القرار الصادر عن وزارة الصحة اللبنانية بتاريخ 13 تشرين الأول 2025، تم توقيف شركة "مياه تنورين" وسحب منتجاتها من الأسواق اللبنانية بعد ثبوت وجود بكتيريا Pseudomonas aeruginosa الخطيرة، التي قد تسبب مضاعفات صحية حادة خصوصًا لدى الأطفال وكبار السن والمصابين بنقص المناعة.

من لبنان إلى سوريا
إلا أن المفارقة المثيرة للجدل تكمن في أن المنتجات الموقوفة في لبنان ما زالت تُباع في الأسواق السورية، رغم التحذيرات الصحية المتداولة. وأظهر أحد المقاطع المتداولة صوت شخص يقول: "هاي مياه تنورين كبّوها بلبنان وجابوها على سوريا"، ما أثار موجة غضب على مواقع التواصل الاجتماعي ومطالبات بتدخل عاجل من وزارتي الصحة والتموين السوريتين.

من جهتها، أصدرت وزارة الصحة اللبنانية بيانًا لاحقًا ينفي وجود أي تلوث في مياه "تنورين"، مؤكدّة أن نتائج الفحوصات المخبرية الجديدة أثبتت مطابقة المياه للمواصفات اللبنانية رقم (161/2011)، وخلوّها من أي تلوث بكتيري أو كيميائي. غير أن التضارب في التصريحات الرسمية، وانتشار أخبار سحب المنتجات من الأسواق اللبنانية، زاد من حالة القلق في سوريا حيث لا تزال منتجات "تنورين" متوفرة في بعض المتاجر وتوزع في المطاعم والكافيهات، دون صدور أي بيان رسمي من الجهات الصحية السورية حتى الآن.

خلفية وواقع مقلق
وتأتي قضية "تنورين" في سياق أوسع من تحديات سلامة الغذاء والمياه في سوريا. فبحسب تقارير صادرة عن منظمات دولية مثل منظمة الصحة العالمية (WHO) وبرنامج الأغذية العالمي (WFP)، تواجه البلاد منذ سنوات تراجعًا في أنظمة الرقابة الصحية وضعفًا في قدرات المختبرات المحلية، خاصة في المناطق التي تعاني من بنية تحتية متهالكة أو غياب مؤسسات الدولة.

وقد سجلت سوريا خلال الأعوام الأخيرة عدة حوادث تسمم غذائي ومائي، منها: حالات تسمم جماعي في ريف دمشق وحلب نتيجة تناول أطعمة محفوظة أو مياه ملوثة.

وتم تداول تقارير عن بيع مواد غذائية منتهية الصلاحية أو مجهولة المصدر في الأسواق الشعبية وانتشار المياه غير المعقّمة في بعض المناطق التي تعتمد على آبار خاصة غير خاضعة للفحص الصحي.

ويرى خبراء الصحة العامة أن ضعف الرقابة الحدودية، وتدفق السلع غير النظامية من دول الجوار، يجعل السوق السورية عرضة لدخول منتجات قد تكون محظورة أو غير مطابقة للمواصفات، كما قد يكون الحال في قضية مياه "تنورين".

وفي ظل غياب توضيح رسمي من وزارة الصحة السورية حتى الآن، يوصي خبراء الصحة بعدم استهلاك عبوات "مياه تنورين" مؤقتًا إلى حين صدور نتائج فحوص محلية تؤكد سلامتها، مع التشديد على أهمية تشديد الرقابة على المنتجات المستوردة، وتعزيز الوعي الصحي لدى المواطنين حول مخاطر المياه والأغذية غير الموثوقة المصدر.

والقضية الحالية قد تكون جرس إنذار جديد يدفع إلى إعادة النظر في سياسات سلامة الغذاء والمياه في سوريا، خاصة في ظل واقع اقتصادي وصحي هش يجعل المواطن الحلقة الأضعف أمام مثل هذه الأزمات.

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(9)    هل أعجبتك المقالة (10)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي