أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

شهادة من من زنزانة رقم 13 في مطار المزة العسكري عام 2013

ببداية الثورة، كان سجن مطار المزة العسكري مركز الاعتقال الأبرز، لكن دون أي تغطية إعلامية تكشف ما يجري داخله. كان المعتقلون يموتون بالعشرات، وتُترك جثثهم مكدسة فوق بعضها إلى أن تأتي شاحنات خاصة لنقلها.

في تلك الزنزانات كان هناك معتقلين سياسيين مضى على وجودهم سنوات، أي أنهم سُجنوا "من قبل الثورة بثورة"، بتهم قضايا سياسية.

يقول نورس سالم، أحد الناجين من معتقل المزة: "داخل الزنزانة رقم 13، لم يكن المعتقلون يدعون الله بالنجاة من السجن بقدر ما كانوا يتضرعون أن لا تكون مناوبة السجان أبو شعيب".

ويتابع: "عندما تدخل نوبته، حتى الشيوخ الكبار يجلسون باكين مودعين الشباب. مجرد ذكر اسمه كان كفيلًا أن يجعل قاعة مليئة بالمعتقلين ترتجف خوفًا".

مع بداية المناوبة كان يدخل الزنزانة صارخًا "انتباااه"، وعلى الجميع أن يكونوا في وضعية السجود ووجوههم نحو الحائط. ثم يبحث بعينه عن أضخم المعتقلين ليبدأ ضربه حتى يكاد صوته يشي بتمزق أحشائه.

لياليه لم تكن تمر دون حفلة تعذيب. يختار مجموعة عشوائية ويأمرهم أن يعووا حتى الصباح. ومن يتوقف، تنهال عليه ضربات الخرطوم الأخضر.

كان يستمتع بجمع الأب مع ابنه أو الأخ مع أخيه وتعذيبهم أمام بعضهم. مجرد سماع اسمه كان يبدل وجوه المعتقلين إلى شحوب ورجفان.

يروي سالم: "مرة عوقبنا لأننا أحدثنا ضجة، فبقينا أكثر من خمس ساعات بين ضرب وشبح ورش ماء وركل وشتائم. كان معنا شاب اسمه أبو عبد الله الكركي، همس لي قائلاً: إذا جاء الدكتور لا تقل له إني مريض أو أريد مشفى".

في اليوم التالي دخل الطبيب سائلاً: "مين عم يفطس؟"، فأشار أحدهم إلى أبو عبد الله. رد الطبيب: "هاتوا هالكلب أنا بصحيه".

بعد أيام، وفي ليلة حالكة، دخل أبو شعيب يجر وراءه رجلاً نصف ميت. جسده هزيل، يداه متورمتان، أسنانه مكسرة، وجهه محروق بشمعة، رائحته نتنة. كان هو أبو عبد الله نفسه. جاء من المشفى بآثار التعذيب التي لم يشفُ منها. بعد ثلاثة أيام فقط، حمله رفاقه ملفوفًا ببطانية إلى الخارج. استقبله أبو شعيب برفسة في وجهه وهو يقول: "إنت ما كنت تفطس يا أخو ...؟".

يختم نورس سالم شهادته: "هذا أبسط ما كان يحدث. أبو شعيب كان كابوس الزنزانة رقم 13، واسمه وحده يكفي ليزرع الموت في العيون".

زمان الوصل
(7)    هل أعجبتك المقالة (8)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي