أصدرت محكمة تركية حكمًا بالسجن المؤبد مرتين على أربعة من جنود الدرك، بينهم ضباط، بعد إدانتهم بتعذيب لاجئين سوريين حتى الموت داخل مركز حدودي في منطقة الريحانية بولاية هاتاي جنوب تركيا، قرب الحدود السورية. في قضية هزّت الرأي العام التركي والدولي قبل عامين.
تفاصيل الجريمة
وتعود الحادثة إلى مساء 11 مارس/آذار 2023، حينما أُلقي القبض على تسعة لاجئين سوريين أثناء محاولتهم عبور الحدود التركية السورية بشكل غير قانوني. ونُقلوا إلى مركز شرطة الدرك المعروف باسم "كافالجيك شهيد إرغوخان تشاكير" في الريحانية. وعند دخولهم، لم تكن هناك أي علامات واضحة على تعرضهم للاعتداء، حسب تقرير الاستلام.
واشار موقع halktv التركي إلى أن ما جرى بعد ذلك كان صادمًا، إذ خضع اللاجئون لتنكيل وحشي دام لساعات، شمل الضرب المبرح بعصي خشبية وحديدية، وإجبارهم على شرب الديزل، وسُحلت أجسادهم على سلالم حديدية.
وبدأت مجموعة من حوالي 20 جنديًا بضربهم بالعصي والأسلاك. ثم وضعوهم في قفص شبكي. وواصلوا ضربهم بالدخول بين الحين والآخر.
وفي هذه الأثناء، أحضروا رجلًا آخر، يتراوح عمره بين 55 و60 عاما، عُلم لاحقًا أنه سوري الجنسية، إلى القفص. وأقدم الجنود على ضربه معهم ثم جُرّد الجميع من ملابسهم وصُب عليهم الماء بالدلاء.
ثم أخرج المحتجزون السوريون من القفص واقتيدوا إلى مبنى مركز الشرطة. وأراد السجانون وضع اللاجىء في سيارة مرت أمامه. لكنه لم يستطع النهوض. عندها، جرّوه من ذراعه ووضعوه في السيارة. ورغم محاولتهم إجباره على الكلام، لم يُجب.
التحقيق والمحاكمة
لقي اثنان من اللاجئين حتفهم جراء التعذيب، أحدهم – وفقًا للتحقيقات – دُفن سرًا في ساحة الخردة التابعة للمركز، بينما أُلقي بجثة الآخر أمام مركز الترحيل دون أي إسعافات، كما أُصيب أربعة آخرون بجروح خطيرة، وقدّموا إفادات مفصلة عن التعذيب الذي تعرضوا له.
وشملت التحقيقات 22 جنديا، اعترف أربعة منهم، بينهم قادة للمركز، بتفاصيل الجريمة. وجاءت الإفادات لتؤكد التنكيل الممنهج بأوامر مباشرة من الضباط، الذين هددوا الجنود بعدم التدخل أو كشف ما يحدث.
في النهاية، أصدرت المحكمة أحكامًا بالسجن المؤبد مرتين بحق أربعة من المتورطين الرئيسيين، وأصدرت أحكامًا متفاوتة بحق آخرين. بينما تم تبرئة 11 جنديًا، واستمر التحقيق مع الباقين.
شهادات مؤلمة
ونقل المصدر عن أحد الناجين قوله : "وُضعت رؤوسنا بين درجات سلم خشبي، ثم تعرضنا للضرب المتواصل. أجبرونا على خلع ملابسنا وسكبوا الماء علينا، وأحد رفاقنا كان يصرخ: لا تجبروني على شرب المازوت. بعد فترة، فقد الوعي ولم يستيقظ بعدها."
وأكد بعض الجنود أن الأوامر كانت صريحة بعدم الاقتراب من مكان الصراخ، وأن القادة كانوا على علم تام بما يحدث، بل وأشرفوا عليه.
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية