يكشف كتاب "خفايا صناعة الترفيه الإعلامي" للباحث السوري "مروان حمي" أسرار صناعة الترفيه الإعلامي، من خلال تحليل شامل لعناصر الترفيه الإعلامي، وأنواع برامجه وطرق إنتاجها، بالإضافة إلى عرض أخلاقيات صناعة الترفيه الإعلامي، كما يتناول الكتاب خصائص الترفيه الإعلامي، من حيث كونه وسيلة للتسلية والإبداع، ووسيلة للهروب من واقع الحياة، بالإضافة إلى دوره كأداة للتواصل والإعلام والتثقيف.
ويسعى الباحث"حمي" من خلال كتابه الصادر عن "دار الزمان" للطباعة والنشر – دمشق إلى تقديم رؤية نقدية وتحليلية تتناول الممارسات السائدة في مجال الترفيه الإعلامي، مع التركيز على التحديات التي تواجهها وكيفية التغلب عليها. كما يطمح إلى تقديم مقترحات فعّالة تهدف إلى تطوير هذه الصناعة وتحسين نوعية المحتوى المقدم، لتعزيز الوعي والمشاركة الفعالة لدى الجمهور- كما يقول لـ"زمان الوصل"- مضيفاً أن الغاية من تأليف كتابه هذا ليست فقط تسليط الضوء على المشكلات، بل أيضاً المساهمة في إيجاد حلول تساهم في رفع مستوى الثقافة والفكر في المجتمع.
وجاءت فكرة الكتاب-حسب قوله- نتيجة إدراكه العميق لغياب المحتوى الهادف والرسائل البناءة في العديد من وسائل الإعلام الناطقة بالعربية، حيث باتت ظاهرة التسطيح والترويض تسيطر على مجريات صناعة الترفيه، مما أثر سلباً على الوعي الثقافي والفكري لدى المشاهدين.
وحول ارتباط كلمة "الترفيه" بمفهوم التسطيح والافتقار إلى المحتوى الهادف وكيف تناول هذا الجانب يقول مؤلف الكتاب: إنه ركز من خلال بحثه على تحليل جوانب متعددة من صناعة الترفيه، مثل محتوى البرامج وجودتها الفنية، والتفاعل مع الجمهور، فضلاً عن التنوع والابتكار في السرد، والأهداف التعليمية والاجتماعية التي ينبغي أن تسعى إليها.
وحاول تناول موضوع الترفيه من منظور نقدي وكيف يمكن أن يتحول إلى وسيلة فعالة للتثقيف وتعزيز القيم الاجتماعية إذا ما تم التركيز على تقديم محتوى يثري العقول ويحفز الإبداع.
- الترفيه الإعلامي المسطح
وأوضح محدثنا أن الترفيه الإعلامي المسطح أضحى ظاهرة وهي ليست مجرد صدفة، بل تعكس توجهاً عاماً في صناعة الترفيه، لذا يقدم الباحث في كتابه طاراً شاملاً لفهم التحديات التي تواجه هذه الصناعة. علاوة على ذلك، يشير إلى أن الترفيه يمكن أن يتسم بالطابع الإخباري غير الجاد، رغم تنوع صيغ عرضه، وهو ما يسهم في تعزيز مفهوم " التسطيح والترويض" الذي تمارسه بعض وسائل الإعلام وفقاً لأجندة خفية.
وتابع قائلاً: „إن التحليل المعمق لظاهرة الترفيه في هذا العمل يكشف عن ضرورة إعادة النظر في مفهومه، والعمل على توظيفه كأداة فعّالة للتثقيف والتنمية الثقافية، بدلاً من الاكتفاء بدوره التقليدي كمجرد وسيلة للهروب من الواقع. إن مقاربة الترفيه من هذا المنظور تسلط الضوء على إمكانياته الهائلة، التي يمكن استثمارها بشكل مثمر لخدمة أهداف التنمية الثقافية والاجتماعية".
- مصادر بحثية
وحول المصادر التي اعتمدها في تأليف الكتاب وهل هناك حيز مكاني أو زماني اعتمد عليه في البحث أشار د. حمي إلى أنه اعتمد في تأليف كتابه "خفايا صناعة الترفيه الإعلامي" على مجموعة متنوعة من المصادر البحثية المتميزة لإثراء هذا العمل، متجاوزاً الحدود المكانية والزمانية. وأردف أن الكتب العلمية والمقالات المحكَّمة والدراسات الأكاديمية والتقارير الإعلامية البارزة ساهمت كلها في تأسيس هذا المشروع. "بالإضافة إلى هذا الأساس العلمي المتين، أجرى المؤلف ملاحظات استقرائية دقيقة على محتوى العديد من البرامج الترفيهية في وسائل الإعلام العربية والأجنبية. وقد أسهمت هذه الملاحظات في إثراء هذا العمل، وجعله أكثر عمقاً وتنوعاً".
وأبان الباحث "حمي" أنه حرص في انتقاء محتوى الكتاب على اختيار المصادر الأكثر مصداقية، ضامناً بذلك نقل المعلومات للقارئ بما يستند إلى أدلة تجريبية وتحليل موضوعي. وبدلاً من الانحصار في نطاق مكاني أو زماني محدد، اختار معالجة موضوع صناعة الإعلام والترفيه بشكل أوسع، وبفضل هذا النهج الحكيم في البحث وتطوير المحتوى، تمكن من صياغة عمل يَعِد بإثراء القارئ وإمتاعه بمجموعة من الرؤى المستندة إلى أدلة وقرائن وافية حول عالم الإعلام والترفيه المتطور باستمرار.
- الصدق والشفافية
ولفت مؤلف الكتاب إلى أن أخلاقيات صناعة الترفيه الإعلامي تعد ركيزة أساسية لضمان تقديم محتوى مُمتع ومُفيد للمشاهدين، دون المساس بقيمهم أو أخلاقهم. وفي ظل ما نراه الآن عبر العالم الافتراضي من انتشار المحتوى الإسفافي، ومن الضروري -كما يقول- التأكيد على أهمية الالتزام بـ "الصدق والشفافية" إذ يجب أن يكون المحتوى الترفيهي صادقاً وشفافاً، ويبتعد عن التضليل أو الكذب، ويجب على صناع الترفيه الإعلامي أن يكونوا واضحين بشأن أهدافهم ومقاصدهم، وأن يتجنبوا استغلال المشاهدين أو التلاعب بهم.
و"احترام القيم والمبادئ" إذ يجب أن يحترم المحتوى الترفيهي القيم والمبادئ الأخلاقية للمجتمع، ويبتعد عن المحتوى الذي يُروج للعنف أو الكراهية أو التمييز، ويجب على صناع الترفيه الإعلامي أن يكونوا على دراية بالقيم السائدة في المجتمع، وأن يتجنبوا تقديم محتوى يُسيء إليها.
- تحد في مواجهة الإسفاف
ويجب أن يكون المحتوى الترفيهي مُناسباً للأطفال والمراهقين، ويبتعد عن المحتوى الذي يُروج للعنف أو الجنس أو المخدرات. ويجب على صناع الترفيه الإعلامي-حسب قوله- أن يكونوا على دراية بالمخاطر التي قد يتعرض لها الأطفال والمراهقين بسبب المحتوى الترفيهي، وأن يتخذوا التدابير اللازمة لحمايتهم. وفي النهاية، يُعد تقديم منتج إعلامي يستند على الترفيه ويبتعد عن الإسفاف تحدياً كبيراً، ولكن من خلال الالتزام بالأخلاقيات ومراعاة المحددات، يُمكن تقديم محتوى يُساهم في تثقيف المتلقي.
- الترويج للصور النمطية
وحول مخاطر الترفيه الإعلامي ومنعكساته وبخاصة على أجيال المراهقين والشباب، وهل هناك رسائل خفية يتم تمريرها من خلال هذا الترفيه، يرى الباحث "حمي" أن مخاطر الترفيه الإعلامي تتجلى في مجموعة من التحديات التي تؤثر بشكل عميق على هذه الأجيال. ومن أبرز هذه المخاطر –كما يقول- الترويج للصور النمطية التي تعزز القوالب الجاهزة، مما يؤدي إلى تشكيل مفاهيم مغلوطة حول الهوية والدور الاجتماعي.
كما أن بعض البرامج والمحتويات الإعلامية قد تحرض على العنف، مما يسهم في تقبل هذه السلوكيات كجزء من الواقع اليومي. بالإضافة إلى ذلك، يسهم الترفيه الإعلامي في تشويه الحقائق، مما يخلق واقعاً موازياً يفتقر إلى الموضوعية ويؤثر سلبًا على قدرة الشباب على التفكير النقدي.
وفي ضوء هذه المخاطر المتزايدة، يجب التشديد على أهمية التربية الإعلامية، التي تهدف إلى تنمية الوعي النقدي لدى الجمهور. من خلال تعزيز هذه المهارات، يمكن للشباب أن يتعلموا كيفية تحليل المحتوى الترفيهي بشكل موضوعي، والتفكير بشكل مستقل، مما يساعدهم على اتخاذ قرارات واعية حول ما يشاهدونه وكيف يؤثر ذلك على حياتهم.
من هو مؤلف الكتاب:
هو"مروان حمي" باحث دكتوراه في حقلي اللغة والاتصال في جامعة RWTH آخن - ألمانيا. يحمل شهادتي DaF/DaZ في تدريس اللغة الألمانية كلغة ثانية وأجنبية من جامعتي Paderborn وRWTH آخن. كما حاز على شهادات متخصصة في الكتابة الأكاديمية (Wissenschaftliches Schreiben) والنزاهة العلمية (Wissenschaftliche Integrität) من جامعة RWTH آخن. حاصل على درجة الماجستير في الإعلام والاتصال، ودبلوم في التأهيل التربوي وإجازة في الصحافة من جامعة دمشق.
عمل محاضراً في قسمي الإعلام الإلكتروني والصحافة في جامعة دهوك التقنيّة (DuhokPolytechnic University) بكردستان العراق، وعضو هيئة تدريسية في قسم الإذاعة والتلفزيون بكلية الإعلام بجامعة دمشق ، بالإضافة إلى عمله كمشرف ومستشار تحرير في عدد من المنصات الإلكترونيّة المتخصصة في الشأن الاقتصادي. وله العديد من الأبحاث والمقالات المتخصصة في المجلات العلمية المُحكَّمة، التي تُغطي موضوعات في اللسانيات المقارنة، والاتصال الإعلامي، والتحرير الصحفي.
ومن أبرز مؤلفاته المتخصصة كتاب "الصحافة الاقتصادية"، و"دليل احتراف الكتابة للصحافة الاقتصادية"، "خفايا صناعة الترفيه الإعلامي"، والكلمات الاستهلالية في النصوص الصحفية، أشكالها ودورها الدلالي في السياق الصحفي"، و"تحليل النصوص الصحفية".
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية