إذا كنت ما تزال تتساءل كيف لنظام بشار الأسد أن يبقى واقفا على قدميه من الناحية المالية، فإن عليك الرجوع إلى الخطوات التي اتخذها بشار وأمر بموجبها بالسطو على مزيد من أصول الشركات الكبرى، التي تعد بمثابة "بقرة حلابة" عطفا على مداخيلها المرتفعة.
هذه الخطوات، يعرض لجانب منها تقرير نشرته "واشنطن بوست" قبل ساعات، وتولت "زمان الوصل" ترجمته.
يقول التقرير: السوريون الخمسة الذين جرتهم الشرطة السرية من منازلهم في الليلة نفسها من العام الماضي ليسوا من المسلحين أو الجواسيس، ولا حتى ممن يشتبه في عدم ولائهم لرئيس البلاد بشار الأسد... إنهم مجرد أهداف في مرحلة جديدة يائسة من معركة الأسد من أجل البقاء.. مرحلة البحث عن المال.
كان الخمسة جميعهم مسؤولين تنفيذيين في ثاني أكبر شركة للهواتف المحمولة في سوريا MTN Syria، وفقا لأشخاص مطلعين كانت اعتقالاتهم جزءا من حملة قاسية شنها بشار للاستيلاء على أصول شركة MTN، بالتزامن مع سعيه للسطو على كل مصدر دخل آخر يمثل شيئا مهما في الاقتصاد السوري المهشم.
في النهاية، تم إركاع MTN على ركبتيها قبل 4 أشهر، بعد ضغوط مطولة أعقبتها مطالبات بتسديد ملايين الدولارات، وتهديدات بإلغاء رخصة تشغيل الشركة، وحكم قضائي مشكوك فيه وضع أحد الموالين للأسد وصيا على الشركة.
مسؤول تنفيذي سوري تحدث شرط حجب اسمه، تساءل: "إلى أين تذهب هذه الأموال، لا أحد يعرف".
تكررت أحداث مماثلة على مدار العامين الماضيين، حيث قام الأسد ونظامه الذي يعاني من ضائقة مالية بمداهمة عشرات الشركات أو الاستيلاء عليها، بما في ذلك الشركات الأجنبية والشركات العائلية، وذلك وفقًا لـمسؤولين أمريكيين وغربيين، وكذلك وفقا لأفراد سوريون على اطلاع بأفعال النظام، فيما لم ترد "الحكومة السورية" ولا "الرئاسة السورية" على أسئلة صحيفتنا.
لقد تمت مداهمة الشركات التي نجت من الحرب، من طرف مجموعات من "مدققي حسابات" التابعين للنظام، في سبيل العثور على أي مخالفات ضريبية وجمركية مفترضة، أو إيجاد ذرائع أخرى لفرض غرامات باهظة.
تم اعتقال قادة الأعمال من قبل الأسد، وتم الضغط عليهم لتقديم الأموال لـ"جمعيات خيرية" يفترض أنها مجرد واجهة، وأنها خزائن لبشار الأسد لتكديس ثروته.
مسؤول تنفيذي سوري مقيم في دبي، وصف هذه التحركات من طرف الأسد بأنها استيلاء على الأموال على طريق عصابات المافيا، مؤكدا أن هذه الطريقة في التعاطي مع MTN وغيرها من الشركات ستقوض احتمالات تدفق أي أموال إلى سوريا "لن يفكر أي مستثمر أجنبي عاقل في القيام بأي شيء في سوريا في ظل بيئة التشغيل الحالية".
ترقى الحالات الأكثر فظاظة إلى عمليات قطع رأس الشركات، حيث يتم إجبار كبار المسؤولين التنفيذيين على الاستقالة تحت الإكراه وتعيين آخرين موالين للأسد. ومن بين هؤلاء الوافد الجديد نسبيا، يسار إبراهيم، الذي استحوذ خلال عامين على قيادة MTN وغيرها من الشركات التي يستهدفها الأسد.
حتى أقارب عائلة الأسد لم يسلموا، ففي العام الماضي جرد الأسد ابن خاله رامي مخلوف من الشركات والأصول التي كانت ذات يوم جزءا من محفظة ضخمة يقدرها خبراء سوريون بحوالي 10 مليارات دولار.
اشتدت حملة النظام للسيطرة على الثروة منذ ذلك الحين، وقال مسؤولون أميركيون وخبراء من سوريا إن أسباب ذلك تمثلت في: الضغط المالي المكثف على نظام أفلس بسبب الحرب، والديون المرهقة لإيران وروسيا، وانهيار القطاع المالي في لبنان المجاور، واستمرار العقوبات الاقتصادية من الغرب.
قال مسؤولون وخبراء إن الأسد يحتاج إلى المال لسداد رواتب أجهزته العسكرية والأمنية، ولشراء الوقود والغذاء لسكان العاصمة ولمناطق أخرى تحت سيطرة النظام، فضلا عن دفع مكافآت لبعض "النخب السورية" التي ظلت موالية له خلال الحرب.
على هذه الخلفية ، بدأت نهاية اللعبة تتكشف. حيث عزز الأسد سيطرته بشكل فعال على الأجهزة الأمنية والاقتصاد في البلاد، لدرجة أنه يستعد للخروج من الحرب بقبضة أقوى على السلطة، مقارنة بما كانت عليه حاله قبل الحرب.
قال روبرت فورد ، الذي شغل منصب سفير الولايات المتحدة في سوريا بين 2011 و2014: "في عصر الكعكة الاقتصادية الآخذة في الانكماش، يصبح القتال من أجل الموارد أكثر شراسة". مناخ اليأس "يمنح الأسد في الواقع المزيد من النفوذ".
من جهته، صوّر بشار الأسد عملية السطو على الأصول كجزء من حربه الموعودة ضد الفساد. حسبما قال في حفل أقيم في تموز/يوليو بمناسبة تنصيبه لفترة رئاسية رابعة مدتها 7 سنوات .
عمار وقاف، رجل أعمال سوري مقيم في بريطانيا يدعم النظام، علق معتبرا أن المدراء التنفيذيين المستهدفين هم أشخاص "مستفيدون من امتيازات ليست متاحة لعامة الناس، والدولة ترى في حملهم على دفع المزيد عدلا".
ولكن مصادرة الشركات ليست كل شيء في رحلة الأسد للبحث عن مزيد من المال، فتهريب المخدرات فتح بابا لذلك، حيث يتهم مسؤولون أمريكيون وغربيون نظام الأسد بإنتاج كميات كبيرة من حبوب الهلوسة في "منشآت" واقعة ضمن مناطق المولاة الطائفية داخل الساحل السوري.
في عام 2020 مثلا، صادرت السلطات الأوروبية والعربية شحنات تقدر قيمتها السوقية بنحو 3.4 مليار دولار، وهو مبلغ يفوق الميزانية السنوية لسوريا.
وعلاوة على ذلك، يتهم النظام بالاستيلاء على عشرات الملايين من الدولارات، القادمة عبر المساعدات الإنسانية والمخصصة للسوريين الفقراء.
وثقت دراسة حديثة أجراها مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، كيف استولى النظام على أكثر من نصف دولار من كل دولار جلبته منظمات الإغاثة إلى البلاد، حيث فرض أسعار صرف متضخمة بشكل مصطنع لليرة السورية، التي تحتاج المنظمات على كميات كبيرة منها (من الليرة) من أجل شراء الإمدادات وتغطية مصاريف أعمالها.
وقد استطاع "مصرف سوريا المركزي" التابع للأسد الاستحواذ على 100 مليون دولار على الأقل بين عامي 2019 و2020 ، عبر تصريف دولارات المنظمات الإغاثية مقابل سعر زهيد لليرة، مقارنة بسعرها في السوق المفتوحة.
حتى قبل الحرب ، كان يُنظر إلى سوريا على نطاق واسع على أنها دولة "كليبتوقراطية" تثري فيها عائلة الأسد نفسها من خلال استغلال الوصول إلى الأصول التي تسيطر عليها الدولة وفرض شراكات طفيلية على الشركات [زمان الوصل: الكليبتوقراطية مصطلح منحوت من كلمتين إغريقيتين، هما "كليبتو" أي اللص، و"قراط" أي حكم، وعليه فإن المصطلح يعني حكم اللصوص، ويشير بوضوح إلى الأنظمة التي يتغول فيها السياسيون الفاسدون وينهبون ثروات بلادهم وشعوبهم بطرق مختلفة، دون أن يكون هناك من يحاسبهم].
لكن هذا النهج "الكليبتوقراطي" شهد تحولا كبيرا خلال العامين الماضيين، حيث لم يعد الأسد مكتفيا بنهب عامة الناس، بل انقلب على المقربين منه وعلى شركائه ممن وكلهم بالنهب لصالحه، وحدد قطاع الاتصالات كواحد من بين أهدافه الرئيسة، حيث يمثل هذا القطاع مصدر دخل يمكن الاعتماد عليه بشكل فريد، في بلد يحمل فيه أفقر السوريين الهواتف المحمولة، بينما لا يتمكنون في نفس الوقت من الحصول على الكهرباء أو المياه النظيفة في معظم الأحيان!
وبخطوات مسحوبة، بدأ النظام في استهداف شركات على هامش قطاع الاتصالات منذ عام 2018 ، وفقًا لسوريين على اطلاع بالقضية، ففي إحدى الحالات المبكرة، قيل لإحدى الشركات التي تقدم خدمات الدعم لشركتي الاتصالات الخلوية الرئيستين إن عملائها سينهون عقودهم ما لم يتنازل أصحاب هذه الشركة (شركة الخدمات) عن حصص السيطرة.
كان لدى شركة الخدمات هذه أكثر من 200 موظف، وإيرادات تناهز بضعة ملايين من الدولارات سنويا، وعندما قرر الأسد الاستيلاء عليها لم يطرد كبار المديرين، وحرص على سير العمل كما كان من قبل، وكل الذي جرى أن عقود الشركة تم الاستيلاء عليها من قبل كيان جديد هو "شركة البرج للاستثمار". التابعة ليسار إبراهيم، وهو متمول ورجل أعمال حظي بتأييد الأسد في السنوات الأخيرة. تم إدراج نسرين، شقيقة يسار إبراهيم، في سجلات الشركة كمسؤولة تنفيذية.
قال مسؤول تنفيذي مطلع على عملية الاستيلاء هذه: "كنا نأمل أن نكون يوما ما جزءا من سوريا الجديدة ونكون جزءا من إعادة الإعمار بعد زوال النظام... لم يعد لدينا أي أمل في العودة.
دخلت MTN السوق عام 2008 من خلال الاستحواذ على شركة أطلقها رجل الأعمال اللبناني نجيب ميقاتي ، الذي يشغل الآن منصب رئيس وزراء لبنان.
استثمرت MTN بكثافة، واستحوذت على ما يقرب من 45% من سوق الهواتف المحمولة السورية.
ولكن بعد سنوات، وفي أواخر 2019 ، أرسلت هيئة تنظيم الاتصالات التابعة للنظام إلى الشركة رسالة تحذير مفادها أن الترخيص المحدد بـ 20 عاما (الذي حصلت عليه الشركة قبل 4 سنوات فقط) سيتم إلغاؤه ما لم تسدد MTN مبلغ 40 مليون دولار. وعندما رفضت الشركة هذا الأمر اشتدت ضغوط النظام عليها.
في أيار من العام الماضي، تم القبض على المسؤولين التنفيذيين للشركة (الخمسة الكبار، بمن فيهم 4 رجال وامرأة)، عبر شن مداهمات متزامنة في الساعة 2 بعد منتصف الليل واقتيدوا إلى سجن يديره فرع الأمن الداخلي في إدارة المخابرات العامة، بينما تم اعتقال موظف سادس في اليوم التالي من مكتبه في دمشق.
خضع هؤلاء التنفيذيون الكبار للتوقيف والاستجواب لمدة تقارب 3 أسابيع، ووجه لهم النظام تهديدات تمسهم شخصيا وتمس عائلاتهم، قبل أن يقوم بإطلاق سراحهم.
قال أحد الأشخاص المطلعين على القضية: "لم يكن الغرض الرئيس الحصول على معلومات.. لقد كانت رسالة يتم إرسالها".
وفهمت MTN رسالة الأسد وبدأت البحث عمن تبيعه حصتها البالغة 75% في سوريا، وهنا قدمت شركة تدعى TeleInvest مملوكة أيضا من يسار إبراهيم (مساعد الأسد) عرضا لشراء حصة MTN في سوريا، علما أن "إبراهيم" نفسه سبق واستحوذ على نسبة الـ25% الأخرى من مستثمر سعودي.
وقال مسؤول تنفيذي إن الصفقة مع TeleInvest تأجلت بسبب مخاوف بشأن قدرة "إبراهيم" على تأمين الأموال اللازمة، ثم انهارت عندما فرضت الولايات المتحدة عقوبات على "إبراهيم" منتصف عام 2020. أشارت وزارة الخزانة إلى إبراهيم على أنه "مساعد الأسد" وقالت: "باستخدام شبكاته في جميع أنحاء الشرق الأوسط وما وراءه، أبرم إبراهيم صفقات فاسدة تثري الأسد، بينما يموت السوريون من نقص الغذاء والدواء".
ومع العقوبات الأمريكية على "إبراهيم" وجدت MTN أنها ستكون عرضة لعقوبات مماثلة إن هي غامرت بالتعامل مع هذا "السوري" الخاضع للعقوبات.
ولكن الأسد لم يعدم حلا، فقد أمر حومته بالتحرك للسيطرة على MTN بأسلوب مختلف، فافتعل دعوى قضائية تتهم الشركة بانتهاك شروط ترخيصها وبالتهرب الضريبي وبانتهاكات أخرى، وتم إصدار حكم يضع الشركة تحت سيطرة وصي معين من قبل المحكمة (النظام).
طعنت الشركة في الحكم أمام محكمة في سوريا، لكنها خسرت القضية. وقد قال متحدث MTN في جنوب إفريقيا (المقر الرئيس) إن الشركة "ترفض التعليق على أي شيء بشأن هذه المسألة".
وفي إصرار من الأسد على تمرير مشروع السطو على MTN وإنفاذ انتقامه، فقد أمر المحكمة بإسناد دور الوصي على MTN إلى شركة TeleInvest، المملوكة ليسار إبراهيم، الرجل الذي رفضت MTN عرضه مخافة أن تصيبها سهام العقوبات الأمريكية.
استسلمت MTN أخيرا، وتخلت عن شركة كانت تدر إيرادات سنوية تقارب مليار دولار قبل نشوب الحرب. ورغم من تقلص الأرباح بشكل كبير خلال الحرب، فقد كان لدى الشركة نحو 6 ملايين مشترك، حين أعلن الرئيس التنفيذي "رالف موبيتا" في آب الماضي أن MTN "ستتخلى" عن أعمالها في سوريا بعد أن "فقدت السيطرة على العمليات من خلال ما نشعر أنه عمل غير عادل".
وبينما كان لا يزال يطارد MTN، دبر بشار الأسد عملية تحييد أكثر جرأة داخل عائلته، مستهدفا ابن خاله "رامي مخلوف" الذي سبق وسلمه زمام السيطرة على اقتصاد سوريا لمدة عقدين من الزمن تقريبا، وكان وكيل بشار الأسد على أموال بشار نفسه.
كانت "سيريتل"، الشركة المهيمنة على سوق الهواتف المحمولة في البلاد، هي أثمن أصول "مخلوف"، رغم امتلاكه أصولا أخرى في قطاعات مربحة مثل النفط والبنوك والعقارات.
فجأة، بدأ الأسد في التنديد علنا بابن خاله المسرف، مستخدما للمفارقةبعبارات مشابهة لتلك المستخدمة من قبل وزارة الخزانة الأمريكية، حين أصدرت لائحة عقوباتها ضد "مخلوف" نفسه.
جاءت هجوم النظام على "مخلوف"متزامنا مع تفاقم أزمة الاقتصاد السوري المدمر بالفعل، ومع انهيار نظام المصارف في لبنان المجاور، حيث وجد آلاف السوريين أنفسهم غير قادرين على الوصول إلى مدخراتهم في لبنان، وأدى ذلاك إلى تدهور الليرة السورية.
وفي ظل هذا النزاع بين الأسد ومخلوف برزت تكهنات تشير إلى أن "أسماء" زوجة بشار، قد تكون هي المخططة والقائدة لعملية السيطرة على الشركات وأصولها، بهدف تأمين ثروة لأسرتها الصغيرة المكونة من 3 أفراد.
بدأ تفكيك أوصال إمبراطورية "مخلوف" في عام 2019، عندما تم تعيين "أسماء" مسؤولة عن أصول جمعية البستان، وهي مؤسسة "خيرية" يديرها مخلوف، وتدعي أنها تدعم عائلات الموالين للنظام الذين قتلوا في الحرب، ولكنها في الحقيقة قناة لتمويل المليشيات.
قال العديد من رجال الأعمال السوريين إن "أسماء" ضغطت للاستيلاء على عائدات قطاع الهواتف المحمولة في سوريا وضغطت لتهميش مخلوف، على أمل أن تحجز لابنها الأكبر "حافظ" مكانا وتضعه في موقع قوي ليكون خليفة والده في يوم من الأيام.
في العام الماضي ، تعرض مخلوف لأكبر ضربة حتى الآن عندما تم تجريده من حصته في شركة سيريتل، ولجأ الرجل بشكل مهين إلى طلب الرحمة من ابن عمته بشار عبر سلسلة من الفيديوهات المتناقضة المنشورة على فيسبوك، مذكرا بأن "سيريتل" سلمت بانتظام أكثر من نصف إيراداتها لنظام الأسد ولا يمكنها دفع المزيد دون مواجهة الانهيار.
أحدثت المقاطع سقوطا مدويا لمخلوف، بينما أتاحت فرصة لشخص آخر كي يشغل المنصب الذي كان يشغله مخلوف منذ فترة طويلة كخازن لبيت مال للأسد.
تم اختبار العديد من الطامحين لوظيفة الخازن، وكان من بينهم سامر فوز، الذي أثرى خلال الحرب من خلال الاستحواذ على أصول مهمة، من بينها فندق "فورسيزونز" في دمشق ، والذي كان يجني الأموال من خلال تقديم الإقامة والطعام لقادة منظمات الإغاثة ووفود الأمم المتحدة التي تزور البلاد.
وقال سوريون على دراية بعمليات "فوز" إنه جمع الكثير من ثروته من خلال استغلال شبكة اتصالاته والتقرب من الأسد خلال الحرب.
استخدم" فوز" طائرة خاصة للتجول في منطقة الخليج العربي، متسولا الأموال للأسد من المانحين، وفقا لسوريين مطلعين على أنشطته.
تُظهر السجلات المالية السرية ضمن ملف "أوراق باندورا"، أن "فوز" استخدم النظام المالي الخارجي لإنشاء شركات وهمية خارج سوريا أثناء الحرب، في سبيل حيازة يخت وطائرة، وأصول أخرى. وتكشف الوثائق مثلا أن "فوز" غير اسم إحدى شركاته الخارجية من "فوز القابضة" إلى "سكاي كابيتال ليمتد" ، ربما لتجنب جذب الانتباه.
لكن ظهوره المتصاعد ومشاركته في مشروع عقاري يشاد على أنقاض بيوت دمرها الأسد، جعل "فوز" هدفا لعقوبات واشنطن.
فقد كان "فوز" المسثتمر الرئيس لمشروع "ماروتا سيتي"، الذي تلبغ قيمة عقده 312 مليون دولار، وتم تصميمه كمصيدة لاجتذاب أموال مستثمرين من منطقة الخليج، لكن المشروع تعثر بعد أن واجه عرابوه موجة من العقوبات الأمريكية. وكان من بين هؤلاء المعاقبين "سامر فوز"، الذي اتهمته وزارة الخزانة بـ "استثمار فظائع الصراع السوري ضمن مؤسسة مدرة للربح"... ومنذ ذلك الحين، طغى مغرور آخر مدعوم من الأسد على "فوز".
إنه "يسار إبراهيم"، المتمول البالغ 38 عامًا والذي لم يكن معروفًا تقريبًا قبل الحرب، والذي قاد عمليات ابتزاز الشركات السورية الكبرى من مكتبه في مجمع الأسد الرئاسي، وفقًا لمسؤولين تنفيذيين وخبراء سوريين.
هناك نظريات متضاربة حول أسباب تنامي نفوذ "إبراهيم"، حيث يقول خبير في الاقتصاد السوري إن والد "إبراهيم" عمل مستشارا لحافظ الأسد ، مضيفا: "إنه علوي، وهم موالون لبشار وليس لأسماء" التي نشأت في بيئة "سنية".
لكن بعضهم يرى خلاف ذلك، ويؤكد أن "أسماء" هي الراعية الرئيسية ليسار إبراهيم، حيث ترتبط زوجة بشار بعلاقات وثيقة مع اثنتين من شقيقات إبراهيم.
وأيا تكن الحال، فإن "إبراهيم" الآن يتربع على هرم كوكبة من الشركات في قطاعات النفط والغذاء والبناء وغيرها من القطاعات، وإحدى هذه الشركات هي شركة "حقول" التي تعرضت لعقوبات أمريكية عام 2019 ووصفتها وزارة الخزانة بأنها "شركة واجهة" لمليشيا "حزب الله".
الأهم من ذلك، أن إبراهيم اكتسب سيطرة شبه احتكارية على سوق الهواتف المحمولة في سوريا، بعد أن أزاح مالكي عائلة شركة خدمات الدعم، وانتزع قيادة "سيريتل" من ابن خال بشار، واستولى على مقاليد MTN كذلك.
وكشف مسؤول تنفيذي سوري أن "إبراهيم" استدعى موظفين كبار في شركة دعم الاتصالات المصادرة إلى مكتبه، في محاولة لكسب ولائهم مدعيا أمامهم أنه تدخل لتخليص الشركة من الرؤساء الفاسدين، ومحاولا إقناعهم أنه "رجل طيب ولطيف ووطني".
أدرجت واشنطن "يسار إبراهيم" وشقيقتيه رنا ونسرين على لائحة العقوبات العام الماضي، بسبب أدوارهم في دعم النظام. وأجبرت هذه العقوبات هؤلاء على حذف أسمائهم من مجالس إدارة شركة سيريتل وغيرها من الشركات، كلن ذلك لم يغير شيئا من حقيقة أدوارهم، بل على العكس زاد تغولهم، فقبل وقت قصير تم إجبار "فوز" على تسليم حصته في فندق "فورسيزونز" إلى يسار إبراهيم.
زمان الوصل - ترجمة
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية