الليرة ستفوز بانتخابات الرئاسة... عدنان عبد الرزاق*

عشرات المرات، تلدغ المعارضة السورية من الجحر ذاته، ربما لأنها ليست مؤمنة بالثورة ومطالب الشعب ولا وبصيرورة التاريخ، ولا حتى تعي نقاط القوة التي يمتلكها السوريون أو مكامن الضعف التي كست نظام الأسد، حتى رفع يافطات البيع والتأجير، للأرض والثروات، لكل من يتركه على كرسي أبيه، لينجو بجرائمه عن المحاكم الدولية ويكتسب الشرعية في آن.

وهنا، لن نأتي على بنية تلك المعارضة وكيفية وصولها لمواقع التحكم بقرار ودم ومصائر السوريين، أو نعتمد حسن الفطن، فنسيء الظن بانتمائها،
إذ كل ما جرى ويجري، من تكالب على الكراسي والمنافع أو الارتماء بأحضان الداعمين والممولين، إنما يزيد التشكيك لدرجة انتفاء صفة الوطنية عن جلّ هؤلاء، رغم ما لتلك التهمة من ذنب قد يلحقنا.

لم تعد كلمة هواة، بواقع ما رأيناه من تبادل المناصب والتماهي بالتبعية، تعبر عن توصيف قادة المعارضة، إذ ثمة خبث وربما أكثر، فالشعب الذي انطلى عليه حل العملية السياسية للوصول للحل السياسي وأغرقوه بتفاصيل المفاوضات واللجان، التي بدلت مجتمعة، جوهر ومسعى الثورة، ما عاد ليصدق، بعد الأدلة والحقائق، تبريرات المعارضة بالواقعية والمشيئة الدولية.

بل تأكد أن هؤلاء الأشبال من ذلك الأسد، وليس سوى قوائم الكراسي من روابط، بينهم وبين الأرض والشعب..وليس بذلك أي اتهامية بعد الذي تكشف عن المجلس الوطني والائتلاف، أو تعرّى إثر هيئة التفاوض وما نبشته من أوساخ الانتماءات والنفعية وبشار الأسد خط أحمر، وما بين كل تلك "الكوراث" من أستانا 2016 التي كسرت على عصا الثورة وألغت البعد العسكري لها، رغم ما لذلك من إضعاف للقوة الوحيدة التي تفهمها الأنظمة الاستبدادية.

ليأتي تشكيل لجنة الانتخابات هذه الآونة، بقضائها على البعد السياسي للثورة، كضربة نهائية لكل من أحسن الظن يوماً بتلك "المؤسسات" أو انطلى عليه ضرورة وجودها لتكون نداً للأسد وتمثيلاً للسوريين وقضاياهم.

قصارى القول: إن هربنا، لعدم وجود الأدلة، من البحث عن إجابات لأسئلة ملحة طرحها قرار الائتلاف قبل أيام، من قبيل من وراء القرار وبهذا التوقيت الحرج بالذات، وما هو تفسير للقرار بواقع صمت مصدريه، وهل سيجب قرار الائتلاف ما قبله من جرائم ارتكبها نظام الأسد بمختلف مستوياته وكذا جرائم الاحتلالين الروسي والإيراني، ليُخرج القرار وريث الحكم وعصبته في آذار العام المقبل، منزهين من الخطايا كما ولدتهم أمهاتهم.

لنسأل فقط عن أمرين اثنين.

الأول، هل تشفع أعذار تخلي المجتمع الدولي عن الحل الحاسم بسوريا، رغم وضوح القرار 2254، لقادة المعارضة أن يصدروا قرار يعيد الشرعية للنظام، بعد كل الجرائم التي أثقلت كاهل العالم والتاريخ، ولا من ضرورة لذكرها لأن جميع مسؤولي الائتلاف، يسردون عدد اللاجئين والقتلى والأطفال خارج المدراس ونازحي المخيمات، كلازمات ضرورية، قبل كل عملية بيع أو كمقدمة لانزياح يسعون إليه أو سيفرض عليهم.

أم، يمكن أن نرى فعلاً وطنياً ولو متأخر، كأن يطوي الائتلاف هذا القرار الفخ، ويكشف بعض الحقائق للسوريين الذي يستمد وجوده منهم، عن الوعيد والوعود التي يتعرض لها أو يمنى بها؟!

وأما السؤال الثاني والذي، على الأرجح لا يدركه مقيمو الفنادق والشقق المؤجرة، وهو حالة السوريين بالداخل، وهنا لا نومئ للفقر والعوز والإذلال، ولا للوفيات اليومية جراء استفحال وباء كورونا، بل لكفر السوريين بالمعارضة وحتى الثورة، وردة الفعل العكسية التي تملكت الجميع، بعد خيباتهم وتأكدهم أنهم وقتلاهم، ما كانوا إلا ورقة يرميها قادة المعارضة الأفذاذ على طاولة التفاوض لتتحول، في أحسن الأحوال، إلى صوت بصندوق.

أي، قد يأتي فارق أصوات نجاح بشار الأسد، من مناطق المعارضة ومخيمات النازحين، بعد الذي عانوه ممن لبس ثوب الثورة والمعارضة وتاجر حتى بجوعهم وقتلاهم.

وتكون كراسي الحكومة والقيادة القطرية التي يمني بعض المعارضين النفس بها، عبارة عن كركوزات تعيد تاريخ الأسد الأب ومن ثم الابن، بنهجي التعددية والتشاركية.

نهاية القول: ثمة أمر وعلى غاية من الخطورة، قد لا يوليه الساعون للكرسي، وعلى كلتا الضفتين، ما يستأهل من تحوط ولا يأخذون ما قد يأتي من مفاعيل، بالحسبان.

وهو الشق المعيشي للسوريين، والأخص بمناطق بشار الأسد، فأن تزيد تكاليف معيشة الأسرة السورية عن 600 ألف ليرة في حين لا يتجاوز الدخل 60 ألفاً، ففي ذلك انفجار لا محالة، بعد بيع الممتلكات وما يباع لمرة واحدة واستمرار الغلاء واقتراب إعلان الإفلاسات.

فأن يتجاوز الدولار اليوم 3000 ليرة، وتوقعات بتهاوي وانهيارات، فذلك يضع الليرة منافسا وحيدا للحالمين بكرسي الرئاسة أو بفتات من كعكة خراب سورية، فالليرة اليوم أشبه بليلى العامرية وقت رشحها قيس بن الملوح للخلافة، وقت سألوه: من أحقّ بالخلافة بنو العبّاس أم بنو هاشم.

*من كتاب "زمان الوصل"
(274)    هل أعجبتك المقالة (273)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي