صعب وللغاية، ترتيب خسائر سوريا خلال ثورة بنيها طلباً للحرية والكرامة، فإن كانت أكبر الخسائر هي قتل نحو مليون سوري، فمن يا ترى يمكنه ترتيب الخسائر التالية من معاقين وأيتام وتفشي المخدرات والرذيلة برعاية ابن القائد المؤسس، بشار الأسد.
فمجرد التفكير بتبديد الطاقات البشرية، بعد بلوغ نسبة الأطفال خارج مقاعد المدراس 39% وعدد اللاجئين السوريين 6.7 مليون ومثلهم ربما من النازحين، بين مخيمات العجز الدولي والانتظار على حدود الأشقاء وبلاد الأحلام، يضعك الأمر، أمام، ليس بعد ذلك من ذنب. لتأتي، حتى رفرفة أربعة أعلام لمحتلين وبيع ورهن الثروات والمقدرات، لنصف قرن، تحصيل حاصل أو أقل الأضرار.
بيد أن السؤال المستجد اليوم، هل تم التوقف عن التهجير وتبديد الثروة البشرية، بعد هدوء القتال، عدا التحرش المستمر على جبهة إدلب؟!
الإجابة وفق ما نرى، أن تبديد كفاءات الشباب السوري المنتج، أخذ بعداً نفعياً وقانونياً جديداً، بواقع عدم قدرة نظام الأسد كفاية الشعب، وفي سابقة ربما، تحسب لرئيس النظام وتدخله "غينس"، وهي الإعلان عن شباب سوريين جاهزين للقتال مع من يدفع "مرتزقة" بل وفائض عمالة للعمل بأي قطاع يريده من يدفع..ومن الجنسين.
قصارى القول: أعلنت شركات روسية بمناطق سيطرة الأسد أخيراً "حمص، طرطوس، اللاذقية ودمشق"، عن حاجتها لحراس منشآت من الذكور وعاملات خدمة وخياطة للإناث، للعمل بدول عدة، منها فنزويلا وبأجور أكبر من خيالية، بالنسبة للسوريين الذين لا تزيد أجورهم عن 30 دولاراً أمريكيا.
والأمر وفق الإعلان الصريح عن اسم الشركات وهوية العملاء، يبدو واقعياً يحمل صفة التحدي والاستغلال بآن، بعد نشر أسماء وأرقام هواتف الوكلاء، والأجر الشهري للشباب بنحو 4 آلاف دولاراً وللخادمات السوريات بنحو 1500 دولاراً.
بل وحددت الشركات الطالبة للشباب السوريين، 15 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، موعد السفر من مطار حميميم، بعد إبقاء المتعاقدين لمدة يومين للاطلاع على العقد نصف السنوي وتوقيعه قبل السفر، مع تبيان كل ما يخطر للشباب السوري الجائع من أسئلة، فالإجازة السنوية 20 يوماً يمكن أن تبدأ بعد ثلاثة أشهر من بدء العمل وسيحصل المتعاقد على 2000 دولار قبل سفره.
ثمة أسئلة تتوثب، دونما استئذان، على الشفاه.
ماهو حجم تهافت السوريين الجوعى على هكذا "مجهول" بصرف النظر عن الذي سيحدث لاحقاَ، فمجرد الخروج من واقع الإذلال والتجويع، يعتبر غنيمة لجل السوريين اليوم.
بيد أن الأهم برأينا، لماذا ترغب فنزويلا وغيرها بالخادمات السوريات وحراس المباني السوريين لتعطيهم آلاف الدولارات ونسب البطالة والفقر لديها متصدرة، ليقودنا هذا السؤال إلى التساؤل عن العمل الحقيقي للشباب السوري والذي لا يستطعه الفنزويليون؟!!
نهاية القول أمران، من دون البحث بما آل إليه حال السوريين، بعد انتصار الأسد، من جوع وبيع ما يباع لمرة واحدة، بل والتخلي عن أطفالهم الرضّع بالشوارع وثمة أمثلة وحوادث تكررت حتى بالمناطق المحررة.
الأول أن نظام بشار الأسد بمن فيه من مسؤولين وأمنيين، لم يتحركوا ليسألوا عن الشركات التي ستتاجر بالسوريين أو حتى نوعية التجارة التي قد لا تقتصر على الدعارة أو القتال، فإن بيعت أجساد المتعاقدين قطعاً وقيل إنهم ماتوا أثناء الواجب المأجور، فما الذي يمكن فعله لأهل دفعوا ببنيهم وبناتهم ليساعدوهم بتكاليف الصمود والتصدي.
وأما أن يقال إن الناس أحرار "جسدي حريتي" والعقد واضح ولا يجبر الأسد أحداً على بيع نفسه أو الحرب مع شركائه، فهنا لا تنتفي عنه صفة رئيس العصابة فقط، بل يزيد عليها أنه من يدفع الشباب كبنادق مأجورة والشابات لتأكل بأثدائها...ولا يستبعد أن يكون له نسبة من أرباح العقود.
وأما الأمر الآخر وليستوي القول والمنطق، فثمة من بالمعارضة، من قادة الميليشيات والتشكيلات العسكرية الوظيفية، أيضاً يسهلون الطريق للمقاتلين ليقدموا بنادقهم بأجر، إن بأذربيجان أو ليبيا، وإن كان هؤلاء، لم يصلوا بعد، لمرتبة الأسد بالعهر والفجور، فيعلنون التعاقد بشكل رسمي ويزجون بأخواتنا السوريات ضمن صفقات البيع.
*من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية