جادت الولايات المتحدة بقائمة ثانية على نظام الأسد، ضمن عقوبات قانون "قيصر" بعد باكورة الحزم التي طاولت رأس النظام وزوجته وشخصيات سياسية واقتصادية، في منتصف حزيران/يونيو الفائت، ليزيد الأسد استهتاراً والسوريين خيبة.
فالحزمة الأولى وبعد كل الترويج والحملات التخويفية الأمريكية، لم تأت بجديد، فجميع المعاقبين، شركات وأشخاص، سبق أن طاولتهم العقوبات الأوروبية والأمريكية، من دون أن يرى السوريون أثراً لنشاطاتهم، وجلّ العقوبات تركز على منع السفر وتجميد الأرصدة الخارجية، وبالولايات المتحدة خاصة.
وظل الأمل قائماً، على الحزمة الثانية، لتزيد من إضعاف نظام الأسد وتوقف الدعم الروسي والتحدي الإيراني، خاصة بعد توقيع طهران مع الأسد، اتفاقا عسكريا أمنيا شاملا ومذكرات واتفاقات اقتصادية، تتعلق بالطاقة والمطاحن.
بيد أن الخيبة تعاظمت أمس، وأكثر من المفاجأة الأولى، بعد إدراج أسماء "أولاد" ضمن العقوبات، والتغافل عن الدول والشركات التي عادت بعلانية وتحد، لتدعم الأسد، إن بالخليج العربي أو بإيران وروسيا، وكأن واشنطن، تبحث عن صدى الأسماء وتؤثر تعامل السوريين باستغفال وقضيتهم بمماطلة واستهزاء.
إذ وبمنتهى البساطة والواقعية، ماذا يمكن أن تؤثر العقبات الأمريكية على ابن بشار الأسد "حافظ" أو ابن توفيق الأسد "كرم" وهما دون الثامنة عشرة ولا عمل لهما أو شركات يديرونها، ما أبطل تبرير وزارة الخزانة الأمريكية، لأنهم "يواصلون العمل باسم أهلهم الخاضعين للعقوبات أو أقربائهم الآخرين، ونيابة عنهم، وتمكن رؤية هذا الاتجاه يتطور في عائلة الأخرس".
ومن الأسئلة الموجعة والمضحكة التي ساقها السوريون أمس، بعد قراءة قائمة العقوبات، ملاحقتها لمؤسسة عسكرية "الفرقة الأولى" متندرين بأن هل يعقل أن تمنع واشنطن مبيت الجنود أو تقلل من حبات البطاطا التي يجود نظام الأسد بها على جنوده.
وكذا لجهة وسيم القطان، على الأقل وفق ما أتت عليه العقوبات من ذرائع لإدراجه بالقائمة أو المشاريع المشمولة بالعقوبات" فندق ومجمع سكني ومسجد قيد الإنشاء" لتغيب أعمال القطان وسواه من الوجوه والمشروعات الجديدة، عن الاستهداف الأمريكي، وتترك واشنطن آمال السوريين بالضغط على النظام، معلقة بحزمة جديدة.
نهاية القول: إن استمرت الولايات المتحدة بالدغدغة وسرقة الأضواء الإعلامية، وبعد كل الوعيد الذي سبق القانون وآمال السوريين على "قيصر" رغم أن ذكر الاسم، يذكرهم بعشرات آلاف الشباب الذين قتلوا بسجون الأسد تحت التعذيب، فلن تزيد الحزم النظام سوى استقواء على الشعب واستهتاراً بواشنطن.
يعي السوريون اليوم، بل ومنذ دعوات هيلاري كلينتون الأسد للرحيل منتصف عام 2011، أن الولايات المتحدة وسواها من حاملي لواء الحريات وتحقيق العدالة، يهمهم ديمومة الصراع بسورية أكثر من نيل السوريين حريتهم وكرامتهم، ويعلم السوريون يقيناً، أن عصابة الأسد ارتكبت من الجرائم ما يبرر للعالم القوي، استخدام أكثر مما فعلوا بالعراق وليبيا واليمن، لكنهم، وبأعظم حالات الديمقراطية، كانوا يصرحون بمحاسبة الأسد إن استخدم الأسلحة المحرمة دولياً، وكأن استخدام الأسلحة التقليدية وغير المحرمة، مسموح لقتل السوريين والطرف عنها مغمض.
سأهمس بأذن واشنطن ولا أظن ذلك من الخيانة العظمة بمكان، أن إنتاج سورية من النفط لا يتجاوز 40 ألف برميل، لكن استهلاكها اليومي ثلاثة أضعاف على الأقل، فترى من أين وكيف يتم سد الفجوة، وسأكشف لمن روّج لقانون "قيصر" كمخلص للسوريين وتهلكة ونهاية للأسد، أن إيران عادت تعيث خراباً بسورية، بعد تطبيق القانون، أكثر من تفشي سرطانها قبله، وكذا روسيا وحزب الله الذي يشرف على مد الأسد بكل ما يضمن بقائه على كرسي أبيه، من مشتقات نفطية وسلع وذخائر، بل ونقل الأنظار عبر إصدار تصريحات خلبية وافتعال معارك وهمية مع العدو الاسرائيلي.
*من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية