أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

إلى الائتلاف بالبريد المضمون... عدنان عبد الرزاق*

المحرر

سرمين أيام زمان، كانت تصلها الرسائل عبر دكان عمنا عبد الرحمن أبي محمود، وكلما مرّ أحد من أفراد أسرة المرسل إليهم، يناديه أبو محمود، تعال يا عين عمك في الكم مكتوب، ابصم وخذه، وإن لم يمر أحداً مصادفة، ربما يستغرق إيصال الرسائل من دكان أبي محمود لصاحب العلاقة، كما زمن وصولها من دولة خارجية، كانت بالغالب أيام زمان، من المملكة السعودية والكويت، حيث كثير من السوريين عملوا هناك بعقدي السبعينات والثمانينات، وقت بنوا، أو ساهموا ببناء الخليج، حجراً وبشراً، بداية الفورة النفطية.

إلا رسائل البريد المضمون، فكان أبو محمود وبناء على توصية وإلحاح عامل البريد، يرسل بطلب أحد أفراد العائلة خلال أيام، لتسليمهم المكتوب، وعادة كان المظروف يحتوي شريط كاسيت، فضلاً عن الرسائل المكتوبة بخط اليد.

اليوم، سرمين سجلت إصابة بفيروس كورونا، وأربع حالات مشتبه بها، فكيف لها أن ترسل شكواها بالبريد المضمون لمؤسسات المعارضة، من دون أن تبقى الرسالة لشهر أو أكثر، كما كانت تنام بدكان عمنا أبي محمود.

ربما "زمان الوصل" هو الآلية الأسرع، فالأسبوع الفائت وإثر كتابتنا عن "المناصب الوهم بالزمن الحرج" جاءتنا اتصالات فورية ممن طاولتهم المقالة، فعلمنا أن ساعي البريد الذي أوصل الرسالة للسادة المسؤولين، ألح عليهم بالرد وإلا، على قولة المناضل رامي محمد مخلوف.

لذا، سنؤثر إرسال هذه الرسالة العاجلة وببريد "زمان الوصل" المضمون، علّ إجراءات عاجلة، تزيح عن أهلينا بالشمال المحرر، مخاطر إصابة، على الأرجح، ستعري الخدمات المتردية وتكشف عورات من يدعي المسؤولية ويسيطر على المعابر ويفرض وفق الشريعة الإسلامية، على الناس لون لباسهم وسلوك حياتهم اليومية.

هذا إن لم نر المخاطر بمنظور أوسع، ونشير فيما لو انتشر فيروس كورونا بالمخيمات المكتظة والمفتقرة لأبسط شروط العيش الآدمي، ولن نقول معقمات وصابون ومياه.

أول الأسئلة هنا، لماذا تم اتخاذ قرار إغلاق سرمين على أكثر من 40 ألفاً من أهليها وضيوفها، إن كانت الإصابة معروفة؟!.

بمعنى، أليس من المنطق نقل المصابة أو الحالات المشتبه بها، إلى أي مركز صحي أو مبنى حجر خاص، يقدم لهم العلاج المتوفر والتنفس الاصطناعي، ريثما يتماثلون للشفاء، فنبعد احتمال نقل العدوى ربما لجميع السكان؟!.

وثاني الأسئلة، ترى لماذا تم فرض الحجر على سرمين تحديداً، رغم وجود 23 إصابة معلنة بالشمال السوري المحرر، وما هي مبررات وزارتي "النقل والصحة" بحكومة الإنقاذ، لتحاصر سرمين وتغلق الطرق المؤدية إليها، في حين تبقى "سرمدا" و"الدانا" المصابتين، ممراً للبضائع والمغادرين عبر معابر الذهب والدولار، إلى تركيا؟!

وأما السؤال الأهم، كيف يمكن للآلاف بسرمين، أن يتدبروا أمرهم، من غذاء ومعقمات وكمامات، بعد أن تحولت بلدتهم بأسرها، إلى مركز حجر كبير، فما جاد به "فريق الاستجابة الطارئة" يكفي ليومين كحد أكثر؟!.

ويبقى السؤال المعلق والمحيّر، كيف لأي تحذيرات أن تقعد ابن البلد بمحجره لأربعة عشر يوماً، عن أعماله وكروم تينه الناضج وواجباته الاجتماعية والقتالية، بعد أن باتت سرمين، أول خط اصطدام مع ما سيطر عليه الأسد بجارتها الشرقية سراقب، ويعوّل على أهليها، جلّ الشمال المحرر، كخط دفاع أول من هجمات غادرة قد تحدث بأية لحظة.

نهاية القول: لم نر الحلول العاجزة لمدينة سرمين في "غواياكويل"، أكبر مدن الإكوادور أو بولاية فستفاليا الألمانية ولا حتى بكبرى الولايات الأمريكية بنيويورك، رغم مئات آلاف الاصابات، بل وإن كان الإغلاق الحل الأمثل، فكنا نرى كفاية سكان تلك المناطق وليس تركهم للأقدار، فمن لا يموت جراء إصابته بكورونا، يمكن أن يموت جوعاً أو قنصاً واجتياحاً من محتلي الجارة الشرقية.

فكروا أن سرمين هي أول بلد محرر شرقي إدلب ولا تبعد عن المدينة سوى ستة كيلو مترات وسكانها، من ضيوف وأصليين، أنهكهم الفقر بعد أن تهجروا وقصفت بيوتهم مرتين.

*من كتاب زمان الوصل
(292)    هل أعجبتك المقالة (285)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي