إن ثمة حبا للمرأة وتضحية حتى بالحياة، كرمى لها، خالصيّن من أيّ خبث وغائية، فأظنهما تجليّا عبر الرجل الحلبي الأربعيني، الذي خيّره قاتلوه من جنود بشار الأسد عام 2012، بين رؤية أولاده وربما إطلاق سراحه، بعد أن سحلوه بالشوارع. أو الاعتداء على زوجته، فقالها وباتت مثلاً "هي مرتي..بنت عمي..تاج راسي".
بالمقابل، إن ثمة تمييزا بين الرجل والمرأة وغمزا من قناة حقوقها، فربما يتأتى عبر من "يتاجر بأنوثتها" والادعاء بالسعي لمنحها حقوقها ومساواتها بالرجل، لأن هؤلاء، يروّجون أباطيل نيل حقوق المرأة كونها أنثى ليس إلا، فارضين سلفاً أنها تفتقر لعوامل المساواة بالرجل، فكريا وإنتاجياً، وعلى الصعد جميعها، ولا بد من التغافل عن تلك الفوارق. لأنها أنثى.
كما، وليستوي القول، ثمة هضم لحقوق المرأة وربما تحقيرها، ضمن" المجتمعات المتخلفة" التي تؤثر النظر للمرأة كونها "ضلع قاصر" أو "مفرخة" وتربط الشرف كل الشرف، فقط بجسد المرأة، فتقدم على الجريمة، أحياناً لشائعة بثها مغرّض أو روّج لها غائي، ناسفة كل حقوق هذا الكائن، حتى بالكلام والدفاع عن نفسه، كونه كائنا بشريا، وليس لأنه أنثى.
قصارى القول: أعيد أخيراً نبش ملف المرأة بالأوساط السورية، بين حريص على استثمار طاقات نصف المجتمع، وحقير يرى بالدعوة لحقوق المرأة، الطريق الأمثل والأقصر، للتغرير والوصول إلى جسدها، عبر شعارات وفتن تنعكس سلباً على المرأة أولاً، وإن خالت بعضهنّ، مرحلياً تحت تأثيرات شتى، أن بتلك الدعوات، إنصافاً ومساواة وكسر قيود الذكورية المتراكمة منذ قرون، بفعل التقاليد حيناً ومفاعيل تفسيرات الأديان بقية الأحايين.
ورأينا، جراء النبش، انقسامات وتشظ، بل وتكريس عداء، زاد وسيزيد من أمراض السوريين وحرفهم عن هدفهم الأسمى، بنيل الحرية والحقوق للجميع، واقتلاع عصابة هي أس وأساس، التفرقة والتمييز، وإن جاءت تلك "الأهداف الاستراتيجية" عبر قوالب مزيفة وادعاءات باطلة، عرف السوريون اليوم يقيناً، مراميها.
فأن تطرح عصابة، نظام حكم كانت أو شلة مدعين، ضرورة منح حقوق المرأة على صعيد الملبس وحرية الجسد، ناسفة بالمقابل الأعراف والتقاليد وحقوق تلك الفئات بممارسة حريتها أو قناعتها، وتقتل بالمقابل النساء والرجال معاً، عبر البراميل مرة والدفع للحاجة والإذلال مرات، ففي ذلك دليل قاطع، على استخدام المرأة كأداة، لتحقيق مآرب ومنافع، وبذلك على ما نحسب، قمة الانتهاك وهضم الحقوق.
نهاية القول: من القفز على الحقائق ربما، عدم الاعتراف، أن مجتمعاتنا الشرقية بمعظمها، تضطهد المرأة وتسيء النظر لها ولأدوارها، كما تضطهد الضعفاء من الرجال فتسلب، ولا تسيء النظر فحسب، حقوقهم وأدوارهم، وإن ثمة غلبة بممارسة الاستقواء على المرأة، كونها بهاتيك الرؤى"شرف وقاصرة عقل" غاضة النظر عن "إنما النساء شقائق الرجال، ما أكرمهن إلا كريم، وما أهانهن إلا لئيم".
*من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية