ربما استطاعت الضجة الإعلامية الكبيرة التي سبقت- ولازالت- فيلم سلينا للمخرج التلفزيوني حاتم علي، جذب جزء غير يسير من جمهور السينما السوري لحضور هذا الفيلم، خاصة حفل الافتتاح الرئيسي للفيلم الذي ترافق مع افتتاح مجمع سينما دمشق، بعد أن أعاد منتج الفيلم نادر الأتاسي ترميمه ليخرج بشكل حضاري يليق بجمهور السينما ، محققا جزءا ولو بسيطا من حلم السوريين في عودة الفن السابع إلى بلادهم.
من يملك ذائقة فنية سليمة، وبعيدا عن أي مقاربة بين فيلم سيلينا، ومسرحية هالة والملك التي اقتبس عنها الفيلم مادته الأساسية، سرعان ما يدرك أن الفيلم يدور في فوضى وأفق ضيق وقع فيهما فريق العمل برمته.
بني الفيلم على قصة مستنسخة من مسرحية هالة والملك للأخوين منصور وعاصي الرحباني 1967، تتحدث عن مدينة سيلينا التي تقرر الاحتفال بعيد الوجه الثاني، حيث يضع الناس الأقنعة في هذا اليوم، لكن الملك ( مثل دوره جورج خباز) يقرر إلغاء الاحتفال لأن العراف (أنطوان كرباج ) أخبره أنه سيتزوج أميرة موجودة في الحفلة، وعندما جاءت هالة (مريام فارس) لبيع الأقنعة في المدينة ظنها الناس الأميرة المرتقبة، ولم يصدقوا أنها فتاة عادية فقيرة أتت مدينتهم لبيع الأقنعة، حاولت حاشية الملك إقنناع هالة بالزواج منه، إلا أن الشحاذ( دريد لحام) يخبر الملك حقيقة هالة بعد أن أعطاه الأمان، فتنكر الملك بزي الشحاذ وتحدث مع هالة، التي أخبرته أنها ليست أميرة ولاترغب في الزواج من الملك، ثم نصحته بأن لايعاقب أحدا من حاشيته، لأن الجميع خدعوه من أجل مصالهم الشخصية.
هذه القصة التي كان لها في ستينيات القرن الماضي، مغزى يتناسب وذلك العصر، لم تعد تمتلك البنية الدرامية لصناعة فيلم استعراضي، أو بالأحرى لم يستطع الفيلم أن يقدم رؤية جديدة للقصة، فالحوارات فقيرة، والرقصات باهتة، افتقدت الإبهار المطلوب،وغاصت في عشوائية واضحة لاتحمل أي معنى، وتحكم الاستديو الذي بني خصيصا لتصوير الفيلم في حركة الكاميرا، وقيدها في تصوير الرقصات من زواية يفترض بها أن تظهر جمالية الرقصات والديكور.
شخصية حبيب هالة التي أداها الممثل باسل خياط كانت وجودها وعدم وجودها سواء ، فحالة العشق التي من المفترض أن يكون عليها خياط، لم يستطع التعبيرعنها لا باالتمثيل ولا بالغناء ، فانكمشت عضلات وجهه، وارتمست عليه تعابير جافة ونظرات لاتوحي بشيء.
كما بقي نضال سيجري الذي أدى دورالشرطي برفقة أيمن رضا، أسير شخصية "أسعد" ضيعة ضايعة.
في حين بدا "الشحاذ" دريد لحام في كامل أناقته في الفيلم، لولا تلك الريشة التي وضعت على رأسه لتوحي للمتفرج بأنه "على البركة"، حيث ظهر بتلك الصورة الكلاسكية، التي تصور المجانين أو الشحاذين وفق المثل الشعبي القائل: "خذوا الحكمة من أفواه المجانين".
جرعة الكوميديا الخفيفة التي حاول جورج خباز وأيمن رضا وسيجري إضفاءها على الفيلم جاءت في سياق مضطرب، وحوارات هشة ، لم تخفف من حدة الارتباك الذي وقع فيه الفيلم على مستوى الغناء والديكور والأداء الفاتر لأغلب الممثلين.
لفتنا إعلان وضع على أحد أبواب السينما يقول: "بعد النجاح الجماهيري الكبير الذي حققه، تم تمديد عرض فيلم سيلنا أسبوعا أخر".
رغم اننا حضرنا الفيلم في نفس السينما، وقد كان الحضور لايتجاوز أصابع اليد الواحدة.
كان منتج الفيلم نادر الأتاسي، قد أعلن أنه سيجول بالفيلم على مهرجانات السينما العربية والعالمية، مع نصيحتنا بأن الفيلم لايستحق هذا التعب.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية