الثالوث القذر.. حسين الزعبي*

محزن ومثير للشفقة مستوى البؤس الذي وصل إليه عبد الباري عطوان في تحليلاته التي يقدمها عبر قناته في موقع يوتيوب، بعد أن امتنعت الكثير من الفضائيات التي "تدفع" لضيوفها عن استضافته، ومحزن أكثر كم المشاهدين، بل والمعجبين، بما يسوقه من تخبط، إن أحسنا الظن، هو تخبط من بات على مشارف أرذل العمر.
لن نذهب إلى القول إنه يبحث عن المال عند دول "المقاومة والممانعة" فربما غيرها أكثر سخاء في الدفع، لكن العجيب حقا هو إصراره على التعاطي مع ما يحدث في الملف السوري بطريقة يتعامى فيها عن حقائق واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، وكأنه من عوام شبيحة النظام أو من دراويش مؤيدي حسن نصر الله، لكن الرجل ليس كذلك فهو صاحب خبرة إعلامية لا ينكرها أحد.
في آخر تحليلاته للوقائع السورية، يرى عطوان أن قرار الولايات المتحدة بالانسحاب من سوريا هو هزيمة لواشنطن، هزيمة ليست بالمفهوم الاستراتيجي الدولي بمعنى أن المشروع الامريكي يتراجع أمام المشروع الروسي في سوريا، لا، لكن الرجل يرى أن الهزيمة "النكراء" للولايات المتحدة هي جراء مقاومة "الجيش العربي السوري".
إلى هنا يمكن القول إن الرجل أخذته فوبيا "التشبيح" لكنه وبانتقال بهلواني ومن دون فاصل، قال نعم انسحاب ترامب كان خوفا من "الجيش العربي السوري" ومن تهديدات الرئيس أردوغان للقوات الأمريكية.
وبطريقة بهلوانية أيضا انتقل وفي نصف الدقيقة نفسها إلى القول إن الوجود الأمريكي لم يحقق الأهداف التي جاء من أجلها وهي تحجيم إيران والقضاء على تنظيم "الدولة"، وبرأيه واشنطن فشلت في ذلك فالدولة الإسلامية، باقية، وستتمدد فيما بعد، وإيران وحزب الله أقوى من ذي قبل.
لكن الرجل للأمانة لم يشر للجيش الروسي وطيرانه.. لا نعلم لماذا، ربما أخذا بتوصيات محور "المقاومة"، وربما في السياق نفسه تأتي دعوته "الأكراد" للتعاطي مع النظام السوري مذكرا إياهم بالعطاء الكبير بمنحهم الجنسية السورية، دون أن يغفل الإشارة إلى كلام وليد المعلم حول منح الأكراد "حكما ذاتياً"، مثلما أغفل السبب الذي دفع النظام لمنح الأكراد "عطاء" الجنسية.
"عبد الباري دولار"، كما أطلق عليه أحدهم، وللتأكيد على أنه أدى الرسالة التي طلبت منه، ختم بالتأكيد على أن إسرائيل باتت محاصرة من قبل حزب الله وحماس، وأهم من ذلك كله من قبل إيران والجيش العربي السوري من الشرق.
لن نطيل الحديث فيما قال، ولن نغوص في تحليل نفسي، فهذا يحتاج أطباء وخبراء علم نفس، لكن المؤكد أن ثالوث قذر أحال الربيع العربي إلى جهنم، أولها الأنظمة المرتعشة من ثورات الشعوب، والثاني ثنائية رجال المال والدين، والثالثة أمثال "عبد الباري دولار".
*من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية