أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

مع الاعتذار من ماكرون.. حسين الزعبي*

ماكرون - رويترز

مرة أخرى نجد أنفسنا مضطرين لبعض المقارنة بين ما حدث في فرنسا خلال الأسابيع القليلة الماضية وبين ما حدث في ‏‏سوريا، وهذه المرة بالنظر إلى الزاوية التي تعامل معها الرئيس الفرنسي إيمانويل ما كرون مع الأزمة خلال خطابه ‏الأول ‏شكلا ومضمونا، وبين الخطاب الذي ألقاه بشار الأسد بعد أسبوعين من بدء الثورة السورية بتاريخ 30‏‎ ‎‏– 3 – ‏‏2011، ‏والذي كان بمثابة الشرارة الحقيقية للنيران التي مازالت تلتهم سوريا.‏

خرج الرئيس الفرنسي، المنتخب، بالأمس مخاطبا "الأمة الفرنسية" وقد بدت عليه ملامح، الإجهاد التي يبدو أنها انعكاس ‏‏لحالة استشعار خطورة ما تشهده بلاده من أزمة، حتى أن ابتسامة واحدة لم ترتسم على وجهه، بينما بادرنا بشار الأسد، ‏‏الذي ورث الحكم عن أبيه، بضحكات بلهاء لم تكن تعكس سوى حالة الانفصال عن حقيقة ما كان يجري في سوريا وأقله ‏‏استشهاد أكثر من 200 شاب خلال مظاهرات سلمية لم تشهد سرقات ونهب وحرق كما شهدته العاصمة الفرنسية باريس.‏

لن أعيد ما أورده بشار الأسد، وما ردده أعضاء ما يسمى بهتانا مجلس الشعب، احتراما للقارئ، ولكن سأكتفي بإشارات ‏‏بسيطة لما ألقاه، بعد موجة تصفيق وهتافات جماعية وأخرى فردية "مقززة"، أعلن أن ما يحدث في سوريا هو مؤامرة ‏‏خارجية على "نجاحه" واستحضار للفتنة واستهداف، للمقاومة، مقاومة إسرائيل.‏

أما الرئيس المنتخب ايمانويل ماكرون فذهب بعد أن أدان ما يستحق الإدانة من أعمال تخريب إلى تفاصيل المشكلة التي ‏‏تشهدها بلادها وهي بكتلتها الصلبة مشكلة اقتصادية، أو تتعلق بالنظام الضريبي المعمول به، من دون أن ينسى أن يحمل ‏‏نفسه جزء من المسؤولية، في حين استرسل بشار ولمدة 45 دقيقة في إعطاء الشعب السوري محاضرة في الوطنية ‏‏ومفاهيم القومية، ملقيا بالمسؤولية على الفضائيات "المحرضة" ليصل إلى افتراء "القتل الطائفي"، ومن ثم الإعلان ومن ‏‏دون مواربة عن البدء بالشرخ الأفقي للمجتمع من خلال عبارة من "لا مكان لمن يقف بالوسط والمؤامرة كبيرة، وإذا ‏‏فرضت علينا المعركة اليوم فأهلا وسهلا بها".‏

قد تستلزم هذه المقارنة السريعة التي لم تذهب إلى ما هو أعمق اعتذارا ليس فقط من ماكرون بل من كل المفاهيم السياسة ‏‏والديمقراطية بل والإنسانية، فكيف يمكن مقارنة من كان مسؤولا بشكل أو بآخر عن مقتل وتهجير نصف الشعب، برئيس ‏‏جاء الديمقراطية ويحكم بقوة القانون، ولكنها ليست أكثر من دغدغة لذاكرة من يعنيه الأمر.

*من كتاب "زمان الوصل"
(186)    هل أعجبتك المقالة (178)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي