أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

صحفيون سوريون يطالبون بتعديل النظام الداخلي لاتحاد الصحفيين أو إلغاءه

... والقائمون عليه يعتبرونه جزءا من النظام السياسي


عليك أولا أن تتقدم بطلب تبين فيه رغبتك بالانتساب إلى اتحاد الصحفيين كعضو مشارك، وهو يحتاج إلى صورة عن شهادتك الجامعية أو 20 مقالة منشورة سنويا، لاحكم عليه، وصور شخصية، ثم يبت في طلبك بعد ثلاثة أشهر، وإذا أردت أن تكون عضوا متمرنا أو عاملا، فيجب أن تأتي بقرار تعيين من المؤسسة الحكومية أو الخاصة التي تعمل بها، وأن تكون مسجلا في التأمينات الاجتماعية إضافة إلى الأوراق السابقة.

حسنا.. وماهي الميزات التي سأحصل عليها بالمقابل كعضو مشترك؟

لن تحصل على شيء، حتى على بطاقة صحفي مشارك، كما أنك ستدفع (2500)ليرة سورية عند التسجيل، ثم تدفع (1500) ليرة سورية كل سنة.

وفي حال كنت عضوا عاملاً، ماهي الميزات؟

تعويض صحي، تخفيض على تذاكر السفر، وحقوق التقاعد كاملة....الخ.

تخيل...هذا كل ما ستحصل عليه بعد انتسابك للاتحاد !!، قالها " فتحي " بمرارة، وهو يسرد ما جرى معه في اتحاد الصحفيين عندما أراد الانتساب إليه، لم يتصور أن الانضمام للاتحاد يحتاج  كل هذا التعقيد، في حين ينتسب الصحفيون العاملون في مؤسسات الدولة دون أية عوائق، ومع ذلك انضم أخيرا إلى الاتحاد كعضو مشارك.

إجراءات معقدة ولا مكتسبات فعلية

أما لماذا يريد " فتحي " الانتساب لاتحاد الصحفيين ، فجوابه أن المادة "18" من النظام الداخلي للاتحاد تشترط لمزاولة مهنة الصحافة أن يكون الصحفي عضوا مشاركا أو متمرنا أو عاملا، رغم أن الواقع شيء مختلف تماما، حيث يعمل عشرات الصحفيين دون الحاجة للانتساب إليه.

ومع انتقال " فتحي "  للعمل خارج سوريا ، احتاج إلى ورقة من رئيس تحرير الجريدة التي يعمل بها، يجب أن توجه بشكل رسمي إلى وزير الإعلام السوري، ليبدي موافقته عليها، ثم إلى اتحاد الصحفيين لمنحه بطاقة انتساب عضو مشارك فقط، لأنه لايستطيع أن يصبح عضوا عاملا مادام يعمل خارج سوريا، وهو ما يعمل عليه الآن.

وحسب النظام الداخلي للاتحاد لايسمح للصحفيين العاملين خارج سوريا بالانتساب إليه، حتى الصحفي المنتسب إذا انقطع وعمل خارج سوريا بصحيفة أخرى تُوْقََف عضويته، ولكن لكل قاعدة استثناء كما يقول رئيس الاتحاد الصحفيين الياس مراد، حيث من الممكن لمن يعمل خارج سوريا أن يكون عضوا مشاركا، ولكن حسب وضعه وحالته التي يدرسها ويقررها المكتب التنفيذي للاتحاد.

يضم اتحاد الصحفييين السوريين حسب رئيسه حوالي (1850) عضوا عاملا ومتمرنا، ولابد لكل عضو عامل أن يمر بمرحلة العضو المتمرن، حيث يخضع المتمرن لفترة تمرين مدتها أربع سنوات لحملة الشهادة الثانوية ، وثلاث سنوات لحملة شهادات المعاهد الإعلامية المتوسطة (فرع الصحافة) لا تقل مدة الدراسة فيها عن سنتين ، وسنتان لحملة الإجازات والشهادات العليا.

ويتوجب على المتمرن خلال فترة التمرين مزاولة المهنة في إحدى الجهات الصحفية التي يقبلها المكتب، ثم يحق للصحفيين المتمرنين الانتقال إلى جدول العاملين شريطة : إنهاء مدة التمرين المطلوبة وتوفر التقارير السنوية عن تمرينه واجتياز الاختبار الذي تقرره لجنة القيد، التي تقترح على المكتب بعد دراستها لإضبارة الصحفي والاطلاع على نتائج الاختبار نقل قيده إلى جدول العاملين أو تمديد تمرينه ستة أشهر.

أما الصحفي غير الموظف في مؤسسة عامة أو خاصة، والذي يراسل وسائل إعلامية خارج سوريا، فلايمكنه الانتساب إلى الاتحاد كعضو عامل قبل أن يُحَدد وضعه في وزارة الإعلام : هل هناك عقد مع الصحيفة التي يعمل بها؟ هل يدفع التأمينات..؟ لابد من اكتمال شروط المراسلة ليتسنى له الانتساب إلى الاتحاد.

الياس مراد رئيس الاتحاد يعتبر أن موضوع الانتساب تحدده قواعد أساسية أقرها النظام الداخلي، ولايمكن للمكتب التنفيذي القبول بأي تجاوز لهذه الشروط، بالنسبة للتسميات : مشارك ومتمرن وعامل، نجد أن حقوق المتمرن والعامل متكاملة، أما المشارك ليست له حقوق على الاتحاد بمعنى التقاعد وحقوق المساعدة الاجتماعية..الخ، فالمشارك صفة يتمنى الصحفي الحصول عليها، وأن تكون لديه بطاقة صحفي من بلده تقدم له بعض التسهيلات.

ويعلق مراد على عدم منح المشارك بطاقة صحفية قائلا: ماكان ممنوحا لخريجي الإعلام من بطاقات، أوقفه قرار المكتب النفيذي، ريثما يكون هنالك نظام جديد يُوَصِّف من هون الصحفي وكيف يمنح البطاقة الصحفية، وماهي ميزات ودلالات هذه البطاقة؟ الآن تمنح أيضا، لكن ليس لمن هب ودب، بل لمن يقوم بعمل محترم، ولاتعطى البطاقة لمن يعمل في الإعلان إذ يستغلها البعض في أعمال إعلانية أوما ماشابه، لذلك لاتمنح البطاقة إلا لمن يكتب في الصحف من شخصيات معروفة ومعنية بالعمل العام مثل أستاذ جامعة أو طبيب يكتب في اختصاصه.

وعن التمييز بين صحفيي القطاع الخاص والعام يضيف مراد: " نحن نقبل الصحفي الذي يعمل في القطاع الخاص إذا كان مثبتا بعقود وينطبق عليه وصف الصحفي، لأن الإعلام السوري الخاص جاء بعد تأسيس اتحاد الصحفيين، لذا لم يدخل في نطاق قانون الاتحاد، الآن ندرس في القانون كيفية إدخال صحفيي القطاع  الخاص ضمن جسد اتحاد الصحفيين سواء عن تشكيل جمعية خاصة بهم ، أو رابطة من الروابط التي يمكن أن تتبع للاتحاد".

فتحي بيوض ليس الوحيد الذي واجه صعوبات، فهنالك الكثير من الصحفيين الذين يواجهون نفس المتاعب، إلى درجة أنهم تخلوا عن فكرة الانتساب إلى الاتحاد، فماهي الفائدة من التسجيل به مادام لايقدم شيئا؟ وليس بمقدوره الوقوف إلى جانبهم إذا ما تعرضوا لأبسط مشكلة كما حصل مع زملائهم.

الاتحاد جزء من النظام السياسي

رسام الكاريكاتير والصحفي "علي فرزات" كانت له قصة مع اتحاد الصحفيين عندما أغلقت الحكومة السورية جريدته الدومري عام 2003، وهي أول صحيفة خاصة منذ عام 1963، بحجة مخالفتها قانون المطبوعات، حيث لم يكتف الاتحاد بأنه وقف موقف المتفرج بل رفع دعوة ضده يريد فصله من الاتحاد بالتعاون مع اتحاد الكتاب العرب وجهات أخرى.

يقول فرزات وهو عضو في اتحاد الصحفيين منذ عام 1975: "للاتحاد علاقة بكل شيء إلا بكلمة الصحفيين، لقد أخذ كل المتكسبات وجهود الصحفيين المادية والمعنوية وأصبح عالة على الصحفيين، وقدم المشاكل والإحباط لهم، وإذا ما واجهت الصحفي مشكلة ما يتخلوا عنه مباشرة ولا يتخلوا عن اشتراكاته ، يأخذون كل شيء منه ويعتبرونه مادة أساسية ومبررا لوجودهم".

لكن مراد يعتبر أن الاتحاد ساعد العديد من الصحفيين ولم يقف على الحياد كما يدعي البعض، مشيرا إلى أن بعض الصحفيين خالفوا تعليمات وزراة الاعلام، الدومري مثلا خالفت تعليمات الوزراة التي اتخذت اجراءاتها القانونية، والقضية بين الوزارة والدومري، فما علاقة اتحاد الصحفيين، أنا أدافع عن الصحفي وليس عن الصحيفة، كل صحفي اشتكى على نقطة معينة دافعت عنه، وسأدافع عنه حتى لو لم يكن عضوا في الاتحاد، لكن أحيانا لا أدافع عنه لأنني مقتنع بارتكابه خطأً كبيراً، ومع ذلك لا أسمح بظلمه.

ولاينكر مراد أن الاتحاد جزء من النظام السياسي، وليس فقط نقابة مهنية، بل نقابة وطنية أيضا، مضيفا: "أي صحفي غير منتم ِلوطنه، لست متسعدا لمنحه بطاقة مشارك أوعامل، فإذا كان الصحفي موجودا في سوريا وينتقد لا مشكلة، أما أن يكون مراسلاً لصحيفة خارجية مشبوهة "تفبرك" أخبارا سيئة ضد الوطن، لا لن أحميه ولن أعطيه بطاقة مشارك أوعامل".

عزوف عن الانتساب

الصحفي المستقل "أنور بدر" لم يفكر يوما في الانتساب للاتحاد، والسبب الرئيسي هو بيروقراطية هذه المؤسسة التي تتعامل مع الصحفي كرقم فقط، فهو لايقدم شيئاً اللهم سوى تخفيض تذكرة الطائرة.

ويعتقد بدر أن اتحاد الصحفيين لاعلاقة له بالصحفيين ولايدافع عنهم، ويجب أن يعدل نظامه الداخلي، كما يجب أن يعدل قانون المطبوعات، ولابد من استحداث نقابة المحررين، وأخرى للعاملين في الصحافة، اقترح الاتحاد ذلك مرارا، لكن لم ينفذ أي شيء حتى الآن، أليسوا مقتعين بتعديله، لماذالا يعدلوه إذاً ؟.

ويذكر بدر قصة الصحفي اسماعيل الحجي الذي كان يعمل في وكالة الأنباء السورية سانا، وهو من أوائل الصحفيين المنتسبين إلى الاتحاد، قائلا: "عندما حصلت مع الحجي مشلكة سياسية كما حصل مع غيره ، تبرع الاتحاد عام برفع دعوة عليه وفصله دون غيره من الاتحادات التي لم تفصل من حصلت معهم نفس المشكلة السياسية".

ورغم ذلك يتمنى بدر أن يكون الاتحاد ممن يدافعون عن حرية التعبير والكلمة، فمهمة أي نقابة  الدفاع عن أعضاء النقابة حتى لو أخطأوا، وليس الدفاع عن موقف الحكومة ضد أعضاء النقابة، التي من المفترض أن تمثل الصحافة والصحفيين.

اتهامات بالتبعية والاتحاد ينفي

كثير من الصحفيين يعتقدون أن رئيس الاتحاد يتمتع بصلاحيات واسعة، وأن الاتحاد يتبع بشكل أو بآخر للسلطة السياسية، مستشهدين بمواد نص عليها النظام الداخلي للاتحاد، كالمادة رقم "3" التي تعرف اتحاد الصحفيين بأنه:" تنظيم نقابي مهني يؤمن بأهداف الأمة العربية في الوحدة والحرية والاشتراكية ملتزم بالعمل على تحقيقها وفق مقررات حزب البعث العربي الاشتراكي وتوجيهاته".

المادة رقم "21" يكتنفها الغموض حسب قولهم: (يصدر النقيب قرارات المؤتمر ويتابع تنفيذها من خلال المجلس والمكتب)، والمادة "22" :( يصدر النقيب قرارات المؤتمر ويتابع تنفيذها من خلال المجلس والمكتب).

والمادة رقم "103" التي تقول: (يجوز بقرار من مجلس الوزراء حل المؤتمر العام أو مجلس الاتحاد أو مكتبه في حالة انحراف أي منها عن مهامها وأهدافها ويكون القرار غير قابل لي طريق من طرق المراجعة أو الطعن).

يحتد الياس مراد عندما توجه له هذه الاتهامات ويرد بنبرة غاضبة: من قال ذلك فهو سخيف وسطحي، ولايفقه شيئا، صلاحيات رئيس الاتحاد محددة في النظام الداخلي، الذي يحل المكتب التنفيذي هو المؤتمر، ومجلس الاتحاد المكون من 33 شخص هو من يقرر انتخاب مكتب تنفيذي وحجب الثقة عنه أو منحها، ولاعلاقة لوزير الإعلام أو غيره باتحاد الصحفيين، حتى اليوم لم يتدخل معي لا وزير الإعلام أو رئيس الوزراء في مسألة ما تتعلق بالاتحاد.

لكن مراد يردف قائلا: "مع ذلك توجد آلية معينة للتخاطب مع المؤسسات العامة، التي لابد من التنسيق معها، وفي النهاية ينص النظام الداخلي على أنه يحق لجهة ما حل المكتب التنفيذي إذا خرق أو خالف القانون، لأن كل جهة لها جهة وصائية عليها ، والجهة الوصائية صاحبة الصلاحية في هذا الموضوع".

مطالبات بالتعديل وقوانين تنتظر الصدور

"مايا جاماس" صحفية شابة كتبت تحقيقا عن مناطق السكن العشوائية في دمشق بعنوان"مزة 86 مدينة مشوهة..ريف مخنوق ..والدولة تنتظر الزلزال"، كان السبب فيما تعرضت له من مساءلة، ورغم ذلك لم يبادر الاتحاد إلى الدفاع عنها، فمن جهة هي لسيت منتسبة إليه، ومن جهة أخرى لم تتوقع أن يبادر أو أن يتقدم الاتحاد إلى موقع لم يكن فيه أصلاً كما تقول.

لذا لم تهتم مايا بالانتساب إلى اتحاد الصحفيين، فهي تعتبره مؤسسة سلطوية، مفصّل على "مقاس" السلطة السياسية، ومواقفه تعبر عن مواقفها، وليس عن الاتحاد كمؤسسة من المفترض أن تكون مستقلة وأهلية، إضافة إلى أنه يكرس الخطوط الحمراء، فالنظام الداخلي للاتحاد وقانون المطبوعات كأنما وجدت لتكون رقيباً أمنياً قاسياً على حرية الصحفيين والكتّاب.

تضيف مايا: "هنالك حوادث كثيرة حصلت مع صحفيين سوريين، لم يبادر الاتحاد إلى قول كلمة تساندهم أو أن تفصل بينهم وبين إداراتهم في حالة وقوع الخلافات، وهنا أذكر الصحفي ابراهيم حميدي، فايز سارة وغيرهم.

وتطالب مايا بتعديل نظامه الداخلي ووضع مواد تُلزم الاتحاد بالدفاع عن حرية الرأي بشكل عام وعن الصحفيين بشكل خاص، مع ضرورة تواجده في أي محكمة يتعرض لها صحفي بسبب كتاباته، لكنها تعتقد أن أي تعديل في النظام الداخلي لن يكون ذا نفع إن استمر العمل بقوانين أخرى بالصيغ الحالية لها، مثل قانون الطوارئ وقانون الجمعيات والأحزاب وقانون المطبوعات، فهي تكبّل الحريات وتقمع الأفراد وتدفع المجتمعات إلى السير نحو الخلف.

إلا أن مراد يرد على كل من يطالب بتعديل النظام الداخلي الاتحاد قائلا: نميل الآن في الانتساب الجديد لأن يكون الصحفي المنتسب خريج جامعي لرفع مستوى المهنة ، ويوجد توجه جديد لإصدار قانون يوصف المحرر ويوصف العامل في الاعلام والصحافة كالذي يعمل في التصوير والأرشيف والتصحيح، فهي أعمال مساعدة في الصحافة وليست عملا صحفيا مباشرا.

ويؤكد مراد أن هنالك قانون جديد سوف يصدر، ولكن ليس قبل مروره يمر بجهات متعددة كمجلس الشعب ومجلس الوزراء...الخ، حيث شكلت لجنة أولى أنجزت مشروع قانون نقابة الصحافة، وتقوم لجنة أخرى بدراسة وضع العاملين في الإعلام والصحافة، ريثما يعد مشروع القانون لاستصداره.

 

عمر عبد اللطيف - زمان الوصل - منصات
(101)    هل أعجبتك المقالة (98)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي