كل جهود بثينة شعبان، مستشارة بشار الأسد، لكي تجعل من زوجها المدعو خليل جواد، العراقي الكربلائي الأصل، مسؤولاً سورياً كبيراً، لم تفلح على مدى أكثر من عشر سنوات.
فكنت مجرد أن تجلس معه، عندما كان يتولى إدارة أهم مؤسسة حكومية رابحة، وهي المؤسسة العامة للصناعات الغذائية، تشعر من عدم حماسته بالكلام، أنه ليس ابن البلد، وقد تم وضعه في هذا المكان لأنه زوج الست.
ومصطلح زوج الست، كان خليل جواد يقاومه بالدماثة المفرطة في تعامله مع الآخرين، بمعنى أنه لم يكن يحاول أن يمارس دور رجل السلطة كنظيره السوري، الذي يمتلك صلاحيات وقوة وعلاقات فريدة من نوعها، بل كان وبحسب التعبير الشعبي: "من الشغل للبيت ومن البيت للشغل"، وقلما كنت تشاهده في المناسبات العامة والرسمية لوحده، وإنما غالباً ما كان يمشي برفقة زوجته بثينة التي تصر على أن يظهرا للجمهور وهما متقاودان.. أي يمسكان بيدي بعضهما البعض.
عدم بحث خليل جواد عن النجومية في السلطة، بالإضافة إلى دماثته، جعلاه منسياً في المنصب الذي يتولاه، ونادراً ما كنت تسمع أحدهم يعلق بأن من يتولى إدارة هذه المؤسسة المهمة هو عراقي، بل إن الكثيرين ذهب بهم الظن إلى أنه من دير الزور، بسبب تشابه اللهجة، وأنا كنت أحدهم قبل أن أعرف طبيعة صلته ببثينة شعبان.
في عهد حافظ الأسد، عجزت بثينة شعبان من أن تجعل من زوجها سورياً، وأقصى ما استطاعت تقديمه له هو تعيينه رئيساً للقسم الثقافي في جريدة البعث، التي كانت تتبع للقيادة القومية للحزب، وكان يتواجد فيها بعض الجنسيات العربية من منتسبي الحزب، لذلك لم يثر وجوده في هذا المنصب أي تساؤلات. ولكن وبعد أن أصبحت شعبان وزيرة للمغتربين، في حكومة محمد ناجي عطري التي تشكلت في العام 2003، استطاعت أن تحصل على الجنسية السورية لزوجها وأولادها منه، في العام 2006، وهو ما ساعدها على تعيينه مباشرة في منصب مدير عام المؤسسة العامة للصناعات الغذائية.
ولمن لا يعرف، فقد كانت المؤسسة في تلك الفترة، لا تصنع سوى المياه بعد توقف أغلب معاملها، للكونسروة والمعكرونة، نتيجة لخسائرها الفادحة، بسبب عدم قدرتها على منافسة القطاع الخاص.. بينما كانت تجارة المياه المعدنية من نوعية بقين ودريكيش والفيجة وغيرها التي كانت تحتكرها الدولة، تدر على المؤسسة أرباحاً سنوية بقيمة 10 مليارات ليرة سورية، أي ما يعادل 200 مليون دولار في ذلك الوقت.
كان خليل جواد مطمئناً إلى أنه يدير مؤسسة رابحة، وهو ما جعله مستثنى من النقاش والجدال الذي دار بعد العام 2005، حول مؤسسات القطاع العام الصناعي وضرورة إعادة النظر فيها وهيكلتها أو إغلاقها، إذا كان لا جدوى من وجودها.. لذلك كان من هذا الجانب لا يشعر بأنه معني بالخطاب الذي خرج به رئيس الوزراء محمد ناجي عطري ونائبة للشؤون الاقتصادية، عبد الله الدردري، بأنهم سيغلقون كل مؤسسة صناعية خاسرة، بل كان على الدوام يفاخر بأنه يقدم لخزينة الدولة سنوياً ما يعادل أرباح جميع مؤسسات القطاع العام الصناعي، وكل ذلك من تجارة المياه فقط..!
التحول الآخر في حياة خليل جواد، كان في العام 2010، عندما توسطت بثينة شعبان لدى بشار الأسد، لتعيينه سفيراً لسوريا في إيطاليا.. وبالفعل صدر قرار تعيينه، ووافقت إيطاليا عليه، لكنه لم يلتحق أبداً بعمله.. وقيل يومها أن جدالاً حدث في وزارة الخارجية، بسبب أن القوانين تقول بأن السفير يجب أن يكون من أم وأب سوريين، وهو ما لا ينطبق على خليل جواد، الذي يحمل الجنسية العراقية والإيرانية، بالاضافة إلى الجنسية السورية التي حصل عليها في العام 2006 فقط.
لذلك لا أحد يعلم على وجه الخصوص ما الذي حدث في تلك الفترة، واستمر جواد في منصبه مديراً للمؤسسة العامة للصناعات الغذائية، إلى أن انقطعت أخباره بعد العام 2013، حيث تسلم إدارة المؤسسة بدلاً منه المهندس حسان كويفي.
البعض يقول أنه تقاعد في ذلك العام بسبب بلوغه الـ 63 عاماً، وأنه حالياً يدير مع ابنه رضا خليل جواد ونازك خليل جواد، المتزوجة من رجل الأعمال الأمريكي، المثنى صالح، شركة الاتحاد للعبوات والتغليف، وهي شركة خاصة بإنتاج العبوات لتعبئة المياه الغازية ومقرها مدينة عدرا الصناعية، وتأسست في العام 2018.
أما أم رضا الكربلائي، كما يحب البعض أن يطلق على بثينة شعبان، فهي لاتزال المستشارة السياسية والإعلامية لبشار الأسد.
عن "اقتصاد".. أحد مشاريع زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية