أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

إلى الجولاني.. عليك بأفلام "أنتوني كوين"‏*

ابو محمد الجولاني

تشير تجارب الشعوب إلى أن القائد "الكاريزمي" هو أحد سبل نجاة الأوطان في اللحظات التي تنهار فيها المؤسسات ‏ويتمزق نسيج المجتمع وتتوه بوصلته جراء حرب خارجية أو أزمات داخلية، كتلك التي أوجدتها "الثورات المضادة" ‏لثورات الربيع العربي.‏

الساحة السورية، واحدة من الساحات التي اختلط فيها حابل الثورة - التي انقض عليها الأعداء من كل حدب وصوب- ‏بنابل المصالح الدولية والتدخلات الخارجية والمخاوف من امتدادها إلى الساحات الأخرى.‏

وإذا كان ما سبق منع أن يكون للثورة السورية داعم أو صديق حقيقي، كما هم أصدقاء النظام، وبالتالي أخر وصولها إلى ‏مبتغاها الأخير، فإن أسباباً ذاتية كثيرة منعت هذا الوصول، قد يكون أبرزها عدم إفراز الثورة لشخصية "كاريزمية" ‏سياسية كانت أو عسكرية لا تخفي انتماءها السوري وصبغتها الوطنية الجامعة بعيداً عن الاتتماءات السياسية بكافة ‏أشكالها، أو على الأقل أن تحقق الحد الأدنى من هذا الانتماء، كما فعل الراحل ياسر عرفات الذي مرت قبل أيام الذكرى ‏السنوية لوفاته "11- 11 2004".‏

ياسر عرفات "أبو عمار" شأنه شأن أي سياسي له ما له وعليه ما عليه، لكن يسجل للرجل أنه جعل من مواقفه وسلوكه ‏مع أصدقائه وخصومه في الساحة الفلسطينية أولا وفي الساحات العربية والدولية ثانيا حالة ساطعة الوضوح تشير إلى ‏أن هناك قضية اسمها القضية الفلسطينية، وإن كانت هذه القضية لا يمكن أن تموت بموت شخص ولا أن تحيى بوجوده، ‏لكنها كانت في حياة الرجل أكثر حضورا، وفي الحد الأدنى استطاع أن يمنع حالة الانقسام في الساحة الفلسطينية رغم ‏كل الضغوطات التي واجهها.‏

‏"أبو عمار" المحسوب في بداية مشواره على التيار القومي، لم يؤطر نفسه في هذا التوجه، ولكنه كان شديد الانتماء إليه ‏عندما يتعلق الأمر بمسألة يرى أنها تخدم قضيته، سواء اتفقنا معه أم اختلفنا، فهو ناصري حتى النخاع وملكي "رجعي" ‏عندما يتطلب الأمر، ولا ضير عنده أن يكون يساريا بالمفهوم الماركسي، ويقبل يد الشيخ أحمد ياسين، ولا أرى أن ذلك ‏مأخذ على الرجل بل ميزة له، ففي الحالة الفلسطينية وشبيهاتها ليس من وظائف القائد التشدق الفكري بل إتقان "فن ‏الممكن".‏

الحديث عن "ضرورة" القائد الكاريزمي، لا تعني بشكل من الأشكال النكوص باتجاه "القائد الأوحد الملهم" الذي انتفضت ‏عليه الشعب أصلا، ولكن عندما تتوه البوصلة لابد من أن تفرز الثورة من بين جنباتها ذاك القائد، هكذا فعلت فرنسا ‏عندما اجتاحها الألمان، لقد جعلوا من شارل ديغول أسطورة، ومثلهم الانكليز في تعاملهم مع ونستون تشرشل عندما كاد ‏هتلر أن يفتك بفهم، بل حتى الأخير كان بشكل أو بآخر يمثل حالة قيادية "كاريزمية" حولت ألمانيا المهزومة في الحرب ‏العالمية الأولى إلى قوة ضاربة خلال ثلاثينيات القرن الماضي وأول الأربعينيات وصولا إلى خسارة الحرب العالمية ‏الثانية.‏

أخيرا، ولأن "علم حكومة الإنقاذ" بات حديث الساعة على الساحة السورية، أدعو "ابو محمد الجولاني" وأعضاء حكومته ‏إلى مشاهدة أفلام "انتوني كوين".. فللرجل كاريزما لا يمكن إنكارها.

*حسين الزعبي - من كتاب "زمان الوصل"
(200)    هل أعجبتك المقالة (192)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي