أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

العلاقات الدولية وحسين الجسمي*

أردوغان وترامب - أرشيف

قبل نحو شهرين كانت العلاقات التركية الأمريكية تشهد مواجهة اقتصادية كادت تطيح ‏بالليرة التركية، وذلك على خلفية ‏قضية القس الأمريكي "برانسون"، وتبادل الجانبان ‏فرض رسوم إضافية على المواد المستوردة، وكل ذلك، وكما سبق ‏الإشارة إليه على هذه ‏المساحة نفسها، كان يتم خلف دريئة القس برانسون، بينما كانت تلك الضغوط المتبادلة تتم ‏في سياق ‏الحصول على مكتسبات أكبر في مرحلة ما بعد إيران واستقرار سوريا ‏والعراق، إذ سبق لأنقرة أن ناكفت واشنطن ‏المجنونة بقيادة جورج بوش الابن ورفضت ‏استخدام التحالف الدولي آنذاك الأراضي التركية لضرب العراق، ورغم ‏ذلك خرجت ‏تركيا بعدد من المكاسب كان أقلها المكاسب الاقتصادية.‏

الآن ومع دخول الحزمة الثانية من العقوبات الأمريكية على طهران حيز التنفيذ، دخلت ‏المنطقة في مرحلة العد التنازلي ‏لإنهاء إيران، وأياً تكن مهارة المفاوض الإيراني وما ‏يتميز به من براغماتية تستند لأذرع قوية خارج حدودها، فإن لم ‏ينته العد التنازلي لهذه ‏العقوبات بإنهائها، فهي بالحد الأدنى ستؤدي إلى إنهاء مشروعها الامبراطوري خارج ‏الحدود.‏

بالتزامن مع الاستعداد للعقوبات الأمريكية على إيران، انتهت قضية القس برانسون وبدأت ‏العلاقة بين أنقرة وواشنطن ‏تأخذ منحى آخر، من ملامحه رفع الحظر عن المواد ‏المستوردة وغزل دونالد ترامب برجب طيب أردوغان، وما أن ‏أعلن عن دخول العقوبات ‏الأمريكية على طهران حيز التنفيذ حتى كشفت واشنطن أن تركيا واحدة من الدول الثمان ‏‏المستثناة – مرحليا- من العقوبات.‏

ولأن المصادفات لا يبنى عليها في السياسة، قد لا يكون من المصادفة أن يستبق أردوغان ‏العقوبات بالإعلان عن عملية ‏عسكرية قريبة في مناطق شرق الفرات لإنهاء وجود "ب ي ‏د"، وربما يكون ذلك على مراحل ضمن سياسة "هات ‏وخذ".‏

وقد لا يكون أيضا من باب المصادفة أن يتزامن ذلك مع بعض التغير في لهجة التصريحات ‏الأمريكية تجاه بشار الأسد، ‏فبعد غياب سنين تعود تلك التصريحات لاستهداف شخص ‏بشار على لسان وزير الدفاع "جيمس ماتيس" والمبعوث ‏الأمريكي إلى سوريا "جيمس ‏جيفري"، إذ أشار الاثنان إلى استبعاد بقاء الأسد في السلطة وافتراض رحيله ضمن عملية ‏‏سياسية مع تأكيدهما أن أية انتخابات تجري تحت إشراف بشار لن يكون لها مصداقية.‏

روسيا، بالنسبة لتركيا، ليست غائبة عن المشهد، فالأخيرة استطاعت حتى الآن إيجاد نوع ‏من التوازن في علاقتها مع ‏واشنطن وموسكو، رغم سعي النظام وميليشيات إيران لإفشال الاتفاق الروسي التركي الخاص بإدلب من خلال خرقه ‏عسكريا، فهي حتى الآن ‏مازالت قادرة على ضبط الإيقاع في تلك المنطقة الخطيرة فضلا عن المحافظة ترسيخ ‏‏العلاقات الاقتصادية والعسكرية بين الجانبين، وما صفقة "اس 400" إلا أحد مؤشراتها.‏

بالمحصلة لسنا هنا بوارد تدبيج الغزل بسياسة هذه الدولة أو تلك، إلا أن ما يحصل في ‏البلدان العربية ولاسيما بلدان ‏المشرق العربي هو نتيجة مباشرة لتقاطع مصالح الدول التي ‏تستحق لقب دول، إلا إذا كان للفنان حسين الجسمي رأي ‏آخر على اعتبار أن الفن لا ‏ينفصل عن السياسة‎.‎

*حسين الزعبي - من كتاب "زمان الوصل"
(175)    هل أعجبتك المقالة (180)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي