مازال فلسطينيو القدس الشرقية بأغلبيتهم العظمى بعد مرور 51 عاما على الاحتلال الإسرائيلي لمدينتهم، يقاطعون انتخابات بلدية القدس الإسرائيلية، رغم أنهم يدفعون الضرائب المترتبة عليهم للبلدية سنويا بما يقارب مئة مليون يورو.
في الثلاثين من تشرين الأول/أكتوبر تشهد "إسرائيل" انتخابات البلديات والمجالس المحلية، وتعتبر مدينة القدس من أهم المدن التي يتصارع عليها اليمين الإسرائيلي والمتدينون المتشددون. وتجري الانتخابات البلدية كل خمس سنوات. ومنذ أكثر من 50 عاما، تقتصر مشاركة الفلسطينيين فيها على حفنة صغيرة منهم.
*دعوة لعدم التصويت
يقول التاجر الفلسطيني أبو ياسر (40 عاما) من البلدة القديمة لوكالة فرانس برس "لو يعرف الفلسطينيون المقدسيون أنهم سيحققون شيئا من الانتخابات، (...) لكانوا انتخبوا من أجل الحصول على خدمات بلدية".
ويضيف "لكنهم يعزفون عن التصويت أولا من ناحية وطنية، وثانيا لأنهم يعرفون أن تخطيط البيوت والأحياء أولويتها لبناء مشاريع وأحياء استيطانية في البلد وتهويدها بكثافة، هذه سياسة البلديات وهي سياسة عليا".
وهو يشكك بمن يقولون إن أصوات العرب يمكن أن تغير ميزان القوى بالانتخابات. ويقول ساخرا "ماذا سيغير العربي في البلدية؟ خطوط المجاري؟ هل سيوقف مصادرة الأراضي وهدم البيوت في القدس؟ أم سيوقف بناء المستوطنات؟ لن يحصلوا على شيء".
ويحق للمقدسيين الفلسطينيين تحت الاحتلال الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات البلدية الإسرائيلية، وأعطتهم "إسرائيل" صفة مقيمين لا مواطنين.
ويعيش في القدس الشرقية 38 ألف فلسطيني، بينهم 15 ألفا فقط يحملون الجنسية الإسرائيلية، موزعون بين فلسطينيين متحدرين من القدس وعرب إسرائيليين يعيشون في القدس.
ويحق لـ18 ألف عربي التصويت في انتخابات القدس ممن هم فوق السابعة عشرة، ولكن لا يحق الترشح، إلا لمن يحمل الجنسية الإسرائيلية.
وتدعو السلطة الفلسطينية الفلسطينيين إلى مقاطعة الانتخابات.
ويقول أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات "القدس الشرقية عاصمة دولة فلسطين وقرار ضمها جائر ولاغ".
ويضيف "ان الانتخابات البلدية ليست خدماتية، هي مسألة سياسية بامتياز، والمشاركة فيها خطأ فادح"، مضيفا "يجب أن يرفض أي فلسطيني أن يكون جزءا منها. لن نقبل أن تكون القدس عاصمة إسرائيل".
ويردف عريقات متوجها الى الفلسطينيين "أطلب تحكيم ضمائرهم قبل فوات الاوان".
*أبرز المرشحين
ويتنافس ستة مرشحين على رئاسة بلدية القدس، أبرزهم وزير شؤون القدس وحماية البيئة زئيف اليكين من حزب الليكود، والذي يصف أعضاء الكنيست العرب بالخونة. ومن بين القوائم قائمة عراب الاستيطان والتهويد في القدس المستوطن ارييه كينغ.
واحتلت إسرائيل القدس الشرقية وضمتها عام 1967. ثم أعلنت العام 1980 القدس بأكملها "عاصمة موحدة أبدية" لها فيما يرغب الفلسطينيون في أن تكون القدس الشرقية عاصمة لدولتهم المنشودة.
ووسعت "إسرائيل" مساحة القدس الشرقية المحتلة إلى 70 كلم بعد أن ضمت أراض من الضفة، وخصصت منها 35% لبناء المستوطنات، و30% للتوسع الاستيطاني المستقبلي، و22% عبارة عن أراض خضراء ممنوع البناء فيها تمتد حول المستوطنات. وتقول منظمة التحرير إن المساحة المتبقية للعرب هي 13% من القدس الشرقية.
وتقوم "إسرائيل" بعمليات هدم كبيرة بحجة أنها لا تملك ترخيصا. ويشكو الفلسطينيون من أنها من ناحية ترفض إعطاء تراخيص بناء للفلسطينيين، أو تعطيهم تراخيص بنسبة ضئيلة. وتبدأ تكلفة الرخصة من500 ألف شاقل (150 ألف دولار).
ولا تملك ثلث بيوت الفلسطينيين المقدسيين تراخيص، بحسب مكتب المنظمة.
ويقول أبو ياسر إن "بلديات القدس على مدار سنوات الاحتلال كثفت عملية تهويد القدس وقطعت أوصال المدينة وحولتها الى أحياء مبعثرة غير متواصلة بشق طرق ضخمة للمستوطنين وسط الأحياء".
ويرى عزيز أبو سارة الذي حاول أن يترشح لرئاسة البلدية لكن رفض ترشيحه كونه لا يحمل جنسية إسرائيلية، أن "ثلث المستوطنين يعيشون في القدس نفسها عن طريق تمويلنا المتمثل بدفع الضرائب للبلدية".
وقال في مؤتمر صحافي "نحن نخسر القدس يوميا، يجب أن نعيد طريقة تفكيرنا بعد 50 سنة، ونجد بدائل لمقاطعة الانتخابات".
وقام عدد من الفلسطينين برشق "أبو سارة" بالبيض خلال المؤتمر واتهموه بالتطبيع مع الاحتلال.
* المرشح العربي الوحيد
ويقول المرشح الفلسطيني الوحيد رمضان دبش لفرانس برس "إن الفلسطينيين يدفعون أكثر من 400 مليون شاقل ضرائب (أرنونة) ومسقفات للبلدية (أقل من مليون يورو)، وهذا غير الضرائب الأخرى والغرامات، ولا يحصلون إلا على 10% من الخدمات".
ويحمل الدكتور دبش الجنسية الإسرائيلية، وهو عضو سابق في الليكود. ويقول إنه مقتنع بالدخول بقائمة مرشحة إلى البلدية، لأن "معنى ذلك أن يكون للمقدسي الفلسطيني صوت يدافع عنه في البلدية، وأنه لا يمثل ديكورا للديموقراطية الإسرائيلية".
وينتقد دبش السلطة الفلسطينية لمطالبتها بمقاطعة التصويت على اعتبار أن التصويت اعتراف بضم القدس، ويقول "كل المقدسيين مرتبطون بكل شيء مع المؤسسات الإسرائيلية، من الصحة إلى السكن إلى شهادات الميلاد إلى المدارس بالبلدية والداخلية.. وهي معاملات يومية".
ويقول رمضان دبش المتخصص في الهندسة وهو يدرسها في معاهد وكليات إسرائيلية "نحن نتحدث عن موضوع خدماتي"، متسائلا "ماذا قدمت السلطة للمقدسيين؟ هل بنت لهم مستشفيات في القدس؟ هل بنت لهم مدارس أو مؤسسات؟".
ويضيف "إما أن يقوم المقدسيون بالمطالبة بحقوقهم بالخدمات من خلال البلدية، أو عليهم القيام بالعصيان المدني وترك الهوية الإسرائيلية وحرقها ومقاطعة كل المؤسسات الإسرائيلية".
وإذا ما نجح دبش فسيكون أول فلسطيني عضواً في البلدية.
فرانس برس
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية