قتل ودمار واستهداف بنى تحتية، ربما يكون ذلك إيجازاً غير موفق لمايتابعه المشاهد يومياً في القرية الكونية الصغيرة، وعبر "الرائي" كوخز دام في الضمير الإنساني غير المعطوب،و لا يمكن وصف كل ذلك بـ "الحرب"، لأن ما يتم هو مجزرة بحق، مجزرة بأبشع مواصفاتها، أودت بحياة الأطفال والنساء والشيوخ الأبرياء في غزة، بعيداً عن أية أخلاق وقيم، بل وبعيداً عن أبسط مبادئ حقوق الإنسان التي تضمن رعاية وحماية للأطفال والشيوخ والنساء في الحرب، و هوخرق لاتفاقية أوسلو التي أبرمتها إسرائيل -نفسها- مع منظمة التحرير الفلسطينية، وخرق للشرعية الدولية، وتجاوزت اسرائيل بذلك المعاهدات المتعلقة بالحرب، وتستخدم أسلحة محرمة، وآخرها الفوسفور.
وحقيقة أن الانتقام من حركة المقاومة الفلسطينية ليس بقتل العزّل، ولا بمزاعم إنذار السكان بإخلاء المنطقة، حيث أن ذلك يعني أن يتخلى ابن غزة عن ماله وعن أرضه، وأن يفتح باب بيته على مصراعيه، ويغادره، لتغدو داره تحت رحمة الصورايخ، والطيران، أما آن أن تطلق حمامة السلام ؟ ،لأن ما يحدث إنما هو دليل بأن إسرائيل ليست جادة في إقامة علاقات سلام في المنطقة، ولا حياة لها دون تلك الصراعات.
وسألتني صحفية معروفة" ماذا يترتب على الكاتب والمثقف والسياسي والشارع الكردي ليشارك أهل غزة ببعض من آلامهم ؟" فما كان مني إلا الرد التالي: التضامن لا يحتاج لأكون مثقفاً أو أكون كردياً، وإنما يحتاج لضمير حي، فالمأساة مأساة شعب، وهي مأساة إنسانية بالدرجة الأولى، وإن القلم الحرّ أينما كان لا بد أن يقف ضد أي تهديد يمس بالبشرية، وكيف و دولة كفلسطين وهي شريكة في المنطقة، وهي دولة متعددة الديانات.
و حقاً إن الحركة السياسية الكردية في سوريا والعراق وتركيا ، نددت بالمجازر الرهيبة التي تتم، و لقد نظم كرد تركيا مؤخراً تظاهرة ضد العدوان على قطاع غزة، ويرى المتابع بأن صفحات المواقع الالكترونية والمنابر المتاحة للمثقفين الكرد سطرت بعناوين تضامنية من قبلهم مع أبناء فلسطين ، منددين بكل ما يتم.
وأعتقد إن السبيل الوحيد لوقف المجزرة التي تقترفها آلة الحرب الإسرائيلية، هو تحرك عربي شامل، وتفعيل دور الجامعة العربية بالشكل المطلوب، واتخاذ موقف موحد مندد من الجريمة النكراء، والمطالبة بمحاسبة إسرائيل على ما اقترفته الأيادي الآثمة المخططة والمشاركة في الحرب.
وإن آلة الحرب هذه، لن تثني أهل غزة من الدفاع عن ديارهم،ولن تركعهم، فغزة حرة وصامدة، والتاريخ يشهد بذلك، لأن أهلها لم ولن يقبلوا بأية وصاية، فلو عدنا لبضع عقود زمانية للوراء، وتحديدا إلى مرحلة عشية الحرب العالمية الأولى كيف صمدت أمام فرقتين بريطانيتين، وهم يخدمون في صفوف الجيش العثماني الإسلامي، مؤلفين فرقة لاتتجاوز ثلاثة آلاف جندي، وكيف لقنوا البريطانيين خسارة مريرة، وأعادوهم إلى العريش المصري.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية