أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

معاناة مضاعفة في الغوطة.. وجبة واحدة للجرحى و"العيران" بديلا لحليب الأطفال

يودع طفله بعد أن قتلته الغارات الروسية في غوطة دمشق - جيتي

يوماً تلو الآخر، تزداد معاناة الجرحى في الغوطة الشرقية بريف دمشق، جراء استمرار الحملة العسكرية العنيفة التي تشنها قوات النظام والميليشيات الموالية لها على مناطق متفرقة من المنطقة، الأمر الذي أدّى إلى ارتفاع أعداد المصابين وخروج أغلب المستشفيات والمراكز الصحية داخلها عن الخدمة كلياً.

في السياق ذاته، قال الدكتور "أحمد البقاعي"، أحد الأطباء العاملين في الغوطة الشرقية، في تصريح خاص لـ"زمان الوصل" قال إن الكادر الطبي الموجود في الغوطة يحاول، وفق الإمكانات المتاحة، العمل على تأمين وجبات الطعام للجرحى، الذين تضاعفت أعدادهم بشكلٍ كبير في الآونة الأخيرة، بفعل القصف الممنهج الذي تشهده المنطقة منذ ما يزيد عن أسبوعين، بالإضافة إلى نقص الأدوية والمستلزمات الطبية الضرورية نتيجةً للحصار الخانق المفروض عليها.

وأضاف أن الأغذية التي يمكن للمشافي الميدانية تقديمها للجرحى سواء كانوا من البالغين أم من الأطفال، تقتصر كمياتها على وجبة واحدة فقط في اليوم، من شوربة العدس أو بعض اللبن المخلوط بالماء (العيران) بدلاً من حليب الأطفال المفقود، بينما يختلف الوضع بالنسبة لمن أصيب في بطنه، ولا يملك قدرة على الأكل، بسبب خضوعه لتدخل جراحي، لذلك فإنه يُعطى سيرومات تحتوي على الأملاح والسكر، ومن لم يحالفه الحظ يفقد حياته.

أشار "البقاعي"، إلى أن الغذاء المقدّم للجرحى لا يختلف كثيراّ عمّا هو مقدّم لغالبية أهالي الغوطة الشرقية، ذلك أنه لا توجد طاقة كهربائية، أو إمكانية لتخزين مواد غذائية، لأنها تتعرض بصورة دائمة للقصف من قبل النظام، فيما يتناول معظم المصابين والأهالي الموجودين في الملاجئ وجبة واحدة لا أكثر في اليوم، وهي لا تفي بالغرض وإنما تقدم للمصاب بهدف مساعدته للبقاء على قيد الحياة.

وأبان "البقاعي" أن هناك أولوية في منح وجبة الطعام للجرحى، وهي تعتمد بالدرجة الأولى على حالة المصاب، حيث لا يبقى في المستشفى إلا من كانت حالته تستدعي ذلك، والوجبة الغذائية ذاتها تقدم أيضاً للكادر الطبي كي يتمكن من متابعة عمله ومساندة الجرحى.

حول أساليب العلاج المتوفرة حالياً لدى المراكز الطبية التي ما تزال قيد العمل في منطقة الغوطة الشرقية، أوضح "البقاعي" أنها غير كافية، ورغم وجود المراكز الطبية، إلا أنها لا تغطي الاحتياجات بكل المناحي الصحية أو الجراحية.

وضرب لنا مثلًا بأن أقسام العنايات المركزة بالكاد تستوعب مجتمعة من 30 إلى 40 مريضا فقط، في حين ارتفع عدد الحالات التي تحتاج لعناية إلى ما يزيد عن 100 حالة، خلال الحملة الأخيرة التي تشهدها المنطقة، وبالتالي يتم التفاضل بين المصابين ذوي الحظ الأكبر في الحياة لتقديم سبل العلاج، وخصوصاً على المنفسة والعناية المركزة.

من جانبٍ آخر، تضاعفت معاناة "أم فايز" وهي أرملة وأم لثلاثة أطفال، من بلدة "سقبا"، بعد إصابة أحد أبنائها بشظيةٍ في منطقة البطن، إثر غارةٍ جوية نفذّها طيران النظام الحربي على وسط البلدة مطلع الأسبوع الماضي.

وقالت في تصريح خاص لـ"زمان الوصل" "لحسن الحظ أن ابني نجا من الموت، حيث كانت الإصابة التي تعرض لها خارجية، والحمد لله أنها اخترقت اللحم فحسب، ولم تلحق أضراراً بأمعائه، مشيرةً إلى أن الطبيب قرر إخراجه من المشفى عقب مرور أربعة أيام من تلقي العلاج، نظراً لاستقرار حالته الصحية، لكن وعلى الرغم من ذلك لا أعلم كيف سأتمكن من تأمين وجبات الغذاء له حتى شفائه بالكامل، ولاسيما ضمن هذه الظروف التي تعيشها المنطقة.

ودعا "البقاعي" إلى ضرورة إيقاف الحملة العسكرية التي تتعرض لها الغوطة الشرقية، قبل الخوض في الحديث عن أي احتياجات طبية، لكنه عادّ وأشار إلى أن المواد الطبية الأكثر إلحاحاً الآن، هي المحروقات اللازمة لتنقل سيارات الإسعاف من جهة، ولتشغيل مولدات الكهرباء لإجراء الأعمال الجراحية من جهةٍ أخرى، علماً أن الأخيرة تحتاج إلى سيرومات وأدوية تخدير وأكياس دم، وصادّات حيوية ومستهلكات جراحية خاصة بالحروق والجروح.

حسب إحصائية نشرتها منظمة "أطباء بلا حدود" يوم أمس الأحد، فإن حصيلة الضحايا المدنيين في الغوطة الشرقية جراء الهجوم الذي بدأه النظام السوري بدعم "روسي"، بلغت 770 قتيلاً، و4050 جريحاً، وذلك في الفترة ما بين 18 إلى 28 شباط/ فبراير الماضي، وأوضحت في الوقت نفسه أن هذه الأرقام قد تتغير خاصةً أنها لم تتضمن أعداد القتلى والمصابين من كافة مرافقها الطبية الأخرى بالمنطقة أو من تلك المرافق التي لا تتبع إليها.

زمان الوصل
(103)    هل أعجبتك المقالة (93)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي