أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

"سمكة في سفينة نوح".. كتاب يحفر جدار الذاكرة بإبرة

عباس - ارشيف

"سمكة في سفينة نوح" عنوان مثير لكتاب جديد من تأليف فنان الكاريكاتير السوري الفلسطيني "هاني عباس" يؤرخ فيه لأحداث ووقائع ويوميات من الثورة السورية بدءاً من أيام التظاهر السلمي، ومروراً بتعامل قوات النظام المفرط معها وتحولها إلى صدامات فيما بعد وذكريات الجوع والحصار في مخيم اليرموك (جنوب دمشق) ورحلة نزوحه إلى لبنان ومن ثم إلى أوروبا. 

بدأ عباس بتدوين نصوص كتابه عام 2011 مع اندلاع الثورة السورية -كما يقول- لـ"زمان الوصل" واستمر في كتابتها إلى العام 2016 منطلقاً من رغبته في توثيق ما يجري عبر كتاب مطبوع ليقينه بأن وسائل التواصل الاجتماعي بما فيها "فيسبوك" و"تويتر" غير قادرة على توثيق أي مرحلة زمنية لأنها –حسب قوله-لحظية وآنية، بينما يبقى الكتاب وثيقة مادية ملموسة وغير افتراضية.


ولفت "عباس" إلى أنه رغب في توثيق هذه المرحلة الهامة ليس للسوريين والفلسطينيين فحسب، وإنما للعالم برمته حيث انقلبت كل الموازيين وبات هناك عالم ما قبل الثورة السورية وعالم ما بعدها، وبات هناك عالم متغير بكل المعايير سواء على صعيد العلاقات بين الدول أو في طبيعة تعاطي البشر مع التحولات الكبيرة.. 

عباس الذي يقيم حالياً في جنيف أشار إلى أنه قرر أن يكتب يوميات عاشها وتتعلق ببدايات الحراك السلمي للثورة السورية؛ وكيف تلقى أول الأخبار وماذا فعل، وكيف بدأت الثورة بالتظاهر السلمي التي قابلها النظام بالهراوات والمطاردات بداية، وكيف تحول رد النظام فيما بعد إلى أساليب أكثر وحشية ودموية من طائرات ودبابات وصواريخ وبراميل حتى غرقت سوريا بالدماء. 


ينقسم الكتاب الذي صدر عن "دار ميسلون للطباعة والنشر والتوزيع" إلى ثلاثة أقسام وهي "برد في جهنم" الذي يغطي بدايات الثورة في سوريا بما فيها من مشاهدات وقصص، عاشها المؤلف في المخيم الفلسطيني خلال أول سنتين، وكيف كان يشعر بالبرد رغم أن كل ما حوله كان يصطلي بالنار "ليس بالضرورة أن تشعر بالبرد لتعرف أن هناك برداً شديداً، يكفي أن تراقب طوابير الناس مصطفة عند محطات الوقود حتى ساعات متأخرة من الليل، يكفي أن تشاهد ثياب الناس السميكة وغير المتناسقة غالباً والممزوجة بالعرق والوقود وربما الدموع". 


القسم الثاني من الكتاب حمل عنوان "إطفاء العتمة" ويغطي بداية القصف والحصار بالإضافة لبداية الحصار والنزوح، وآنذاك –كما يقول عباس- كانت مشاهد الرعب والأشلاء تملأ الأمكنة، وكانت القذائف تنهال فوق رؤوس الأهالي وكانت العتمة تسود المخيم وسط أجواء من الخوف من فقدان الحياة في أي لحظة أو الاقتحامات والاعتقالات التي ترافقها آنذاك –كما يقول عباس- محاولا أن يطفئ العتمة وأن يحفر بإبرة في جدار الذاكرة من خلال الكتابة والرسم الكاريكاتوري، مستعيداً تلك المشاهد المؤلمة والحساسة واللحظات الفارقة في حياة الناس وخصوصاً أنه كان في قلب الحدث "حاولت أن أفعل شيئاً ولكن لم يكن لدي قرار سوى الخروج من الجحيم أو مواجهة مصير الموت".
القسم الثالث والأخير حمل اسم الكتاب "سمكة في سفينة نوح" وخصصه المؤلف لرصد يوميات اللجوء والهجرة، بالكلمة والرسم. وفيه يتخيل مشهد الطوفان والناس كالأسماك يلجؤون إلى سفينة نوح لتكون نجاتهم بمثابة موت من نوع آخر، وكالسمك الذي يموت عندما يخرج من الماء كان حال السوريين مع وطأة الإحساس بالغربة والابتعاد عن الوطن.



ولفت محدثنا إلى أنه رصد في هذا القسم من الكتاب رحلة اللجوء إلى أوروبا وهي -كما يؤكد- من أقسى مراحل حياته، التي عاشها كشاهد عيان وعبر عنها بالكلمة والكاريكاتير، محاولاً استعادة الذاكرة التي تعد -كما يقول- أصعب عمل في التاريخ، فالذاكرة هي عقوبة للمخلصين واستعادتها أصعب من استعادة أرض محتلة، محتلة بالرعب".

و"هاني عباس" مواليد مخيم اليرموك دمشق عام 1977 رسام كاريكاتير في عدة صحف عربية و عالمية ومنها موقع "الجزيرة نت" وجريدة "جيرون" وموقع "المدن" الإلكتروني ومجلة "هيبدو" سويسرا ووكالة الأنباء السويسرية "سويس إنفو".

أقام العديد من المعارض في عدة دول عربية وأجنبية -حاصل على عدة جوائز عربية وأوروبية ومنها جائزة حرية التعبير في الدوحة 2013 وجائزة رسام الكاريكاتير الدولية عام 2014 التي تقدمها الأمم المتحدة وحكومة جنيف ومنظمة "رسامون من أجل السلام" ويعمل حالياً كمدرس للفنون والكارتون في مدارس "جنيف" الدولية.

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(228)    هل أعجبتك المقالة (214)

Samya

2018-01-29

Where can we buy that book in the US.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي