أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

تحقيقا لعبارة "والله لنعبي الجباب".. منطقة سلمية تعوم على بحر من المقابر الجماعية

وريس اليونس - زمان الوصل

• من بين الجثث المكتشفة في إحدى مقابرهم الجماعية، جثة قيادي كبير في مليشيا "اليونس".
• دبلوماسي فرنسي رفيع تواصل مع القصر مباشرة ولم يستطع أن يحصل على نتيجة بشأن قريب له خطف في مناطق سيطرة الشبيحة.
• عصابات "اليونس" و"سلامة" تعد من أخطر 20 مليشيا تمارس "الذبح على الهوية" في سوريا.

قال ناشط بارز ومعتقل سابق من السلمية إن المناطق الريفية الممتدة جنوب مدينة سلمية، وبالأخص بلدات: خنيفس، سنيدة، دنيبة، تعوم على بحر من المقابر الجماعية التي لايقل عددها عن 100 مقبرة، تحتوي في أضعف التقديرات ألف جثة من المخطوفين، المنتمين في أغلبهم إلى لون طائفي معين (السنة).

وأبان الناشط " ماهر إسبر" في حديث خص به "زمان الوصل" أن البلدات والقرى التي تضم تلك المقابر الجماعية، لم تخرج يوما ولا لساعة واحدة خلال الثورة عن سيطرة مليشيات شبيحة سلمية وريفها، بقيادة وريس اليونس وأعوانه، ومصيب سلامة ومجموعاته، ومحمود عفيفة وأتباعه، وسواهم من المرتزقة الطائفيين الذين وصفهم بأنهم من أشد المجموعات إجراما بحق السوريين، مؤكدا تورطهم في قتل ونهب وخطف واغتصاب وتعذيب آلاف من السوريين، وبرعاية مباشرة من بشار الأسد.

*المجرم الصغير لتلميع الكبير
كلام "إسبر" جاء ضمن تعليقه على خبر الكشف مؤخرا عن مقبرة جماعية حوت عددا من الجثث في مزرعة تابعة لعضو برلمان النظام والقيادي النافذ في مليشيات الشبيحة "وريس اليونس".

وفي بداية تعقيبه على خبر كشف النظام عن هذه المقبرة الجماعية، أكد "إسبر" ابن السلمية أن النظام الذي يحاول اليوم تلميع سمعته بالكشف المقبرة لايقل إجراما عن "وريس اليونس"، الذي لقي مصرعه خريف عام 2014، في حادثة لاتزال خيوطها متشابكة، ولكنها تشير إلى تصفية حسابات بين "اليونس" و"مصيب سلامة".

ورجح الناشط "إسبر" أن تكون عملية الكشف مجرد حلقة جديدة من تصفية الحسابات، ومحاولة تحجيم بعض المرتزقة أو كف يدهم، لاسيما شقيق "وريس"، "رجب اليونس"، الذي يتم تسليط الضوء عليه حاليا بوصفه المتورط في قتل ودفن الأشخاص ضمن مزرعة أخيه.

وكشف "إسبر" عن معرفته الشخصية بواحد ممن تم العثور على جثثهم (بين 7 و8 جثث)، وهو "محمد سليمان الصطوف"، قائلا إن هذا الشخص كان من أوائل من شبحوا على مظاهرات "سلمية" وقاموا بقمع المتظاهرين، ثم أتت فترة أشيع بين الناس أنه أعلن توبته، حتى إنه خرج في إحدى المظاهرات وكان يمشي فيه مع أخيه "سومر" إلى جانب "ماهر إسبر".

لكن "محمد سليمان" الملقب "أبو غالب" عاد إلى التشبيح بعد ذلك بنحو سنة، وبات مسؤولا ماليا لدى "رجب اليونس" حتى تم القبض عليه وتعذيبه وقتله على يد رفاقه الذين كان يشاركهم التشبيح، بدعوى تعامله مع تنظيم "الدولة" و"النصرة" والسماح بمرور قوافل إمدادهم عبر مناطق النظام.

وكان "محمود عفيفة"، وهو واحد من كبار الشبيحة في منطقة السليمة، قد تحدث سابقا وعلنا وفي مقطع مصور عن تورط زملائه من المرتزقة في تهريب النفط والمخدرات وصولا إلى "الصواريخ والقواذف" وغيرها، متهما بالأسماء كلا من "مصيب سلامة" و"عزت اسماعيل" قبل أن يتوقف عن تعداد مزيد من الأسماء، نتيجة تحذير بعض الحاضرين له، معقبا: "يعني بدنا نحكي لمين؟ مين دفع الأموال لاسكندر (الرائد بالقصر) مشان يروّح (يستبعد) محمود وجماعته، مشان التهريب (لأجل ضمان التهريب)".. (للاستزادة  اضغط هنا).

وأكد "ماهر إسبر" ما سبق أن أشرنا إليه عدة مرات من انفلات شبيحة سلمية من أي عقال وتشكيلهم "دويلة" داخل نظام بشار الأسد، تعجز أجهزة مخابراته بل حتى الأخير عن ضبطها أو إعطاء الأوامر لها، أو هكذا يريد الطرفان أن تبدو الأمور عليه.

واستدل "إسبر" على كلامه برواية سمعها من فم دبلوماسي فرنسي بارز، من أصول سورية، يدعى "أ.ن" خطف ابن عمه في ريف سلمية، عام 2012، ورغم كل صلاته مع القصر بحكم موقعه الدبلوماسي الرفيع، فإن أحدا لم يساعده في العثور على قريبه المخطوف، ولا حتى عبر الإشارة إلى الجهة التي يمكن أن تكون قد خطفته، علما أن معظم تلك المناطق خاضعة لسيطرة الشبيحة من جماعات "سلامة" و"اليونس" و"عفيفة" وغيرهم.

*برعاية بشار
ولفت "إسبر" إلى أن هناك تقديرات بوجود 450 ألف مفقود في سوريا منذ اندلاع الثورة، وإن صحت هذه التقديرات فإن نسبة النظام ومرتزقته لاتقل عن 300 ألف مفقود، مشددا على الطابع الإجرامي الشديد لمرتزقة سلمية ومحيطها، حيث يعدون من بين أبرز 20 مجموعة تمارس القتل الوحشي الممنهج "والذبح على الهوية"، إضافة إلى أعمال الخطف والتعذيب والسرقة ومختلف أنواع التجارة السوداء.

وأوضح الناشط معنى عبارة "الذبح على الهوية"، التي تنصب أساسا على قتل "السنة" في كل مناطق سوريا، ومحاولة استهدافهم بشتى الوسائل، معطيا نموذجا عن واحد من مرتزقة سلمية (ابن شقيق مصيب) كان يتولى إحدى محاور القنص في حمص، وقد قتل حسب روايته 150 شخصا برصاصه.

وسبق لـ"زمان الوصل" أن اخترقت بالتفاصيل، واعتمادا على شهادات وقوائم ووثائق رسمية، مجتمع مرتزقة السلمية من الداخل، وكشفت جزءا من حجم الانتهاكات الفظيعة التي يصعب إحصاؤها (للاستزادة اضغط هنا).. 

وبالعودة إلى قضية المقابر الجماعية وعلاقة "وريس اليونس" بها، أشار الناشط "إسبر" بوصفه من متابعي الملف بدقة، أن ""وريس" و"مصيب سلامة" هما الرأسان الأكبر في "سلمية" وأنهما -قبل مقتل "وريس"- كان يتحاصصان السيطرة على سلمية ومحيطها بكل حواجزها البالغة 34 حاجزا، وبرعاية مباشرة من بشار الأسد عبر "الرائد اسكندر" مبعوث القصر وممثل بشار في المنطقة.

ولفت "إسبر" إلى وجود كثير مما يسمى "خشخاشات" (مقبرة جماعية قديمة)، والجباب (الآبار)، في ريف سلمية وعلى امتداد مساحات واسعة من تلك المنطقة، وقد وجد المرتزقة في هذه الخشخاشات والجباب مكانا مناسبا ليرموا فيها جثث ضحاياهم، بل إن سلوكهم هذا كان عن سبق علم وتصميم حتى قبل أن تتسلح الثورة، حيث كان شبيحة سلمية يتوعدون المتظاهرين حينها بعبارة "والله لنعبي الجباب"، أي قسما لنملأن الآبار من جثثكم، وهذا ما حصل لاحقا، فتحولت "الجباب" إلى مقابر جماعية، ألقيت فيها مئات الجثث، أو بالأحرى ما لايقل عن ألف جثة في أقل التقديرات.

وختم "إسبر" مشددا على تورط بشار الأسد في ملف هذه المقابر، حيث لايمكن لملف بهذه الخطورة والضخامة أن يمر دون معرفة مندوبه "الرائد اسكندر"، وربما مباركته، منوها بأن معظم سكان سلمية وريفها يعلمون بأمر هذه المقابر ويتطرقون إليها في أحاديثهم، بل إن روائح تلك المقابر الواخزة تصل إلى أنوفهم عندما يمرون بقربها، لكن أكثرهم لا يجرؤ على الاقتراب لعلمهم بتشديد الإجراءات حولها، وخوفهم البالغ من أن أي محاولة اقتراب أو معاينة للمكان ستنتهي بهم جثة إلى جانب الجثث المكومة التي نهشتها الضواري والهوام.



زمان الوصل - خاص
(237)    هل أعجبتك المقالة (238)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي