أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

حوران الغنية بمسطحاتها المائية على أبواب الجفاف

طفل في درعا - جيتي

رغم غنى محافظة درعا بالمصادر والمسطحات المائية المتنوعة، إلا أنها اليوم تكاد أن تختفي جميعها، بسبب الري العشوائي والحفر غير القانوني.

عرف عن حوران قديما بأنها "أهوار روما" و"خزانات حبوب الجيشين التركي والفرنسي"، لكن حالها اليوم لا يسر العدو قبل الصديق، لتدهور الوضع الزراعي بشكل عام واقتراب مناخها من التصحر بسبب فقدان بحيرات المياه التي كانت تخلق التوازن البيئي للمنطقة.

ففي العام الماضي لم يعد أي وجود لبحيرة "المزيريب"، وسدود مدينة درعا، و"الشيخ مسكين، سحم الجولان، تسيل، وعدوان"، وشلالات "زيزون" و"تل شهاب"، كما انخفض مستوى منسوب المياه الجوفية من بين 30 و60 مترا، إلى 100 و200 متر.

المهندس الزراعي "أحمد الحريري" علل السبب الرئيسي في جفاف المسطحات المائية في درعا بالحفر غير القانوني بالدرجة الأولى، يليه مباشرة الري العشوائي، وانخفاض معدلات هطول الأمطار منذ عام 1990.

وقال "الحريري" لـ"زمان الوصل" إن الحفر العشوائي للآبار بلغ في عام 2010 وحده (2500 بئر)، مضيفا أن الإحصائيات الأخيرة أشارت لوجود أكثر من (15ألف بئر مخالف) في محافظتي درعا والقنيطرة، وهو ما أدى لاستنزاف المياه الجوفية بشكل كبير خصوصا آبار مياه الشرب التي تقوم على بإرواء الجنوب.

من جهته، اعتبر الخبير الزراعي "محمد الصالح" أن عدم وجود الرقابة القادرة على ضبط الأمور ومعاقبة المتجاوزين، سبب رئيسي سيؤدي بالمحافظة إلى الجفاف المؤكد، مشددا على أن الاستهلاك غير المنظم وعدم وجود وعي وإدارة رشيدة في استخدام المياه أدى لتدهور هذه النعمة التي تحيا عليها البشرية جمعاء.

وبارك "الصالح" بالخطوة التي أقدمت عليها بعض المجالس المحلية في كلا من "داعل" و"طفس"، حيث تم إغلاق عدد من الآبار المخالفة المنتشرة في المنطقة، ولوحظ بعد إغلاقها عودة المياه إلى بحيرة "المزيريب".

ومع مرور الأيام يزداد وضع المياه في الجنوب تعقيدا وخطورة لكونها سببا للحياة وعاملا رئيسيا في انتعاش السكان، فهي ذروة كل شيء، وقوتها جوهر الأمن الغذائي، في ظل الحصار المفروض على المناطق المحررة، لكن ندرتها وازدياد الطلب عليها فاقم المشاكل الملقاة على عاتق المدنيين والمسؤولين على حد سواء.

"أبو عبد لله" الذي خسر فرصة عمل في الخليج، لم يجد إلا أرضه للعمل بها، أكد على أن ندرة فرص العمل وانعدام مصادر الدخل، جعل آلاف السكان يعودون لمهنة الزراعة، وهو ما سبب أزمة كبيرة في طلب المياه، مشيرا إلى أن طرق الري في الفترة الأخيرة كانت بدائية، لارتفاع شبكات الري الحديثة وضيق ذات اليد.

المسؤول في مديرية الموارد المائية "محمد أبو خشريف" قال إن "المديرية تتعاون مع المجالس المحلية لضبط الهدر الكبير والتجاوزات، حيث تمت معالجة بعض المخالفات وإغلاق بعض الآبار، ووضع خطط مستقبلية تتوافق مع الطلب الكبير"، لكنه ناشد الغيورين من المدنيين بضرورة الحرص على حياة الأخيرين والتي تتطلب وجود المياه "السبب الرئيسي للبقاء".

وأضاف أن المديرية تعمل حاليا على الإشراف على 18 سدا تم إنشاؤها على مجاري الأنهار والوديان مع إدارة محطات لضخ المياه وعددها ثمانية، إضافة لشبكات الري التابعة لهذه السدود، مشيرا إلى أن حجم التخزين الأعظمي لهذه السدود يبلغ حوالي 155 مليون متر مكعب، وتروي السدود حوالي 10 آلاف هكتار أي ما يقارب 100 ألف دونم، تزرع بجميع أصناف المزروعات.

وأكد "أبو خشريف" أنه "لا بد من مواجهة الطلب المتزايد على المياه، من خلال تنمية الموارد المائية، وترشيد الاستعمال، وإدارة الموارد بشكل أمثل لضمان استدامتها، ولهذا السبب كان لا بد من وجود مؤسسة تقوم على رعاية هذه الموارد والحفاظ عليها".

واعتبر "أبو خشريف" أن الحاجة الملحة فرضت وجود مديرية موارد مائية في محافظة درعا، تنصب أولياتها على رسم السياسات المائية والاستراتيجية في "حوض اليرموك"، وإدارة المصادر المائية السطحية والجوفية التقليدية منها وغير التقليدية، لتوزيع المياه بحسب المعايير بنجاح وترشيد.

وأوضح أن المديرية تقوم على "دراسة خطط بديلة ووضع حلول للسدود والشبكات في سنوات الجفاف، ودراسة المخاطر التي قد تتعرض لها المنطقة، وما يترتب عليها من تهديد على للأمن الغذائي".

محمد الحمادي - زمان الوصل
(183)    هل أعجبتك المقالة (180)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي