خسر بشار الأسد خدمات واحد من أبرز داعميه في قطاع الأعمال، وممول من أكبر ممولي مليشيات الشبيحة في عموم سوريا، مع إعلان موت "وهيب كامل مرعي"، المعروف بلقب "أبو علي"، والذي كان على رأس أثرياء النظام في محافظة طرطوس.
ولقي "وهيب" حتفه يوم الثلاثاء على سرير المرض في ألمانيا، حيث كان يتلقى العلاج من داء عضال (قيل إنه سرطان الكبد).
وعرف "مرعي" بقربه الشديد من النظام، الذي عهد إليه بمنصب "رئيس غرفة تجارة وصناعة طرطوس"، ومنحه من قبل امتيازات وصلاحيات استثنائية، أهلته لبناء ثروة كبيرة، تشعبت مصادرها ومجالاتها.
*استثمار في كل مجال
كأي "رجل أعمال" تحوم حوله ما لاتحصى من شبهات الفساد، كان "وهيب" يغطي نشاطه بمجموعة من الأعمال والشركات، ضمها تحت لواء "مجموعة الوهيب الاقتصادية"، وهي تكتل لشركات تعطي فكرة واضحة عن أخطبوطية الرجل، ومحاولته الإمساك بخناق أكبر قدر من الموارد في محافظة طرطوس على وجه الخصوص.
فإلى جانب أسطول النقل البري والبحري، وشركات الاستيراد والتصدير، تضم "مجموعة الوهيب" مصنعا ضخما للحديد والصلب، وآخر لتصنيع الأسلاك والمسامير، وورشة كبيرة مهمتها فرز وتخزين الخضار والفواكه، في سبيل السيطرة على حصة الأسد من قطاع الزراعة في عموم الساحل.
ولا تتوقف أذرع "وهيب" عند المجالات التجارية والصناعية والزراعية، بل تمتد لتلتهم حصتها من كعكة السياحة في الساحل السوري، عبر منتجع فاره تبلغ كلفته عشرات الملايين من الدولارات، تم الإعلان عنه في عز الحرب التي طحنت السوريين موتا وتشردا وجوعا.
وعطفا على شبكة العلاقات النفعية الضخمة، التي بناها "وهيب" وأسس من خلالها شراكات مع كبار متنفذي النظام، لم يكن غريبا على الإطلاق أن يبادر متمول طرطوس الأول لإعلان ولائه الكامل لبشار ونظامه، ويسارع لوضع مختلف إمكاناته المالية في خدمة هذا النظام، وملء خزان آلته العسكرية بالوقود اللازم لاستمرارها في القتل والتدمير.
فمنذ انطلاقه في عالم الأعمال ثمانينات القرن الماضي، كان "وهيب" أمينا لانتماءاته ووفيا للنظام الذي "بناه" وبوأه مراكز المال والقرار، وقد بقي ثابتا على موقفه حتى الرمق الأخير من حياته، وهو الموقف الذي دفع السوريون ثمنه غاليا، دون أن يستثني الموالين، ممن تضرروا من تغول "وهيب" وفساده وتمدده حتى بات "حوت" طرطوس الأكبر.
وفضلا عن نشاطاته المعلنة، يتحدث سوريون بما فيهم موالون عن نشاطات مشبوهة لـ" وهيب مرعي" تتعلق بتجارة المخدرات وتهريب الآثار، وهي نشاطات لا يمكن لأحد أن يتجرأ على ممارستها ما لم يكن على علاقة وطيدة بمراكز القوى المؤثرة في جيش النظام ومخابراته.
*خارج الحدود
يد "وهيب" لم تكن لتكتفي بأذى السوريين، بل امتدت لأذى اللبنانيين، ففي صيف 2015 لقي رائد في الجيش اللبناني يدعى "ربيع كحيل" مصرعه "متأثرا بجروح خطيرة، جراء إقدام أحد المجرمين على إطلاق النار باتجاهه من سلاح حربي"، حسب بيان للجيش في حينه.
وتبين لاحقا وفق تسريبات إعلامية، أن "المجرم" المقصود يدعى "هشام ضو"، وأنه تمكن من الفرار خارج لبنان، وبات بحماية وكنف "وهيب كامل مرعي".
وقد سارع "وهيب" يومها لنفي مساهمته في إيواء وإخفاء "ضو"، لكنه –أي وهيب- لم يستطع إنكار علاقته بالمشبوه.
"وهيب" الذي يعلم الطراطسة وأبناء طائفته قبل غيرهم من السوريين مدى سطوته وجبروته، زعم وهو يدافع عن نفسه في وجه اتهامه بإيواء قاتل الرائد اللبناني، أنه "إنسان مدني لا قدرة له على حماية أحد" وإنه "لم ير الجاني منذ أكثر من شهر".
وقبل ذلك بسنوات، اهتز مجتمع طرطوس بقضية قتل رجل لزوجته، وبينت التفاصيل فيما بعد أن القاتل ما هو إلا "جودت كامل مرعي" (شقيق وهيب)، الذي عمد إلى الغدر بزوجته "كندة مصطفى" انتقاما من ابنتهما "لبنى مرعي" التي نشطت في الثورة السورية وأعلنت وقوفها إلى جانبها.
وقد كشفت "لبنى" حينها عن بعض خيوط الجريمة ودوافعها، معتبرة أن الجريمة هي من باب إثبات الولاء لنظام بشار، وأن قربان هذ الولاء كان دم أمها "كندة"، التي لم تستطع أن تربي ابنتها "العلوية" على الطاعة العمياء لآل الأسد وتأليههم، فاستحقت الموت، حسب تصور "آل مرعي" ومن يشاركونهم هذه العقيدة.
وعلقت "لبنى": "ما توقعت إنو أبي يكون مجرم لهل درجة.. يقتلك بس ليرجع يثبت حسن نيتو لهل نظام الواطي متلو.. سجل يا تاريخ.. جودت كامل مرعي قتل أم أولادو... جودت مرعي.. دم أمي برقبتك".
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية