أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

"أهل الغرام".. فن برملة الدراما*

من المسلسل

مع أخبار الخراب والبراميل وصواريخ الـ"فيل" التي تتساقط على درعا، ولعنة الفوسفور التي تنال من البشر والحجر في الرقة والتي لا نملك لها نحن معشر المتخندقين وراء شاشة الكمبيوتر دفعا، يبدو الحديث عن قضايا لا علاقة لها برائحة البارود والدم، شكلا من أشكال الترف، ولكن لا ضير أمام عجزنا أن نهرب إلى قضايا أخرى.

المصادفة دفعتني لأن أشاهد حلقتين كاملتين من مسلسل "أهل الغرام"، وهو عبارة عن حلقات منفصلة تعالج كل حلقة وأحيانا كل حلقتين وأكثر قضية اجتماعية معينة لها علاقة بمسائل الزواج والطلاق والعشق وما شابه.

القضية موضوع الحلقة كانت تحاول معالجة مسألة الزواج من دين آخر، وهي قضية كثيراً ما طرحتها الدراما والسينما بأشكال مختلفة، إلا أن المسألة هذه المرة تذهب إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير، وهنا لا أتبنى موقفا "مع أو ضد" الزواج من دين آخر، وكما يقول المثل "كل مين على دينو الله يعينو"، ولكن سأحاول الوقوف على بعض ما ورد من فجاجة في معالجة الموضوع والتبني أحادي الجانب واستهداف جهة من دون غيرها، هذا فضلا عن محاولة تمرير رسائل سياسية ومجتمعية أخرى لم تكن لتمر لولا الرغبة السياسية لدى النظام بتمريرها، مثلما تحول شذوذ الشاب "عبد الله الحاج" والذي أطلق عليه لقب "ملك جمال سوريا" إلى منجز مجتمعي فردت له صحيفة "الثورة" (ثورة النظام)، صفحة كاملة لتعرف به، وهذا بدون أدنى شك ليس حالة عبثية بقدر ما هو رسائل إلى من يهمه الأمر بأن روح التسامح التي يتمتع بها نظام الأسد تصل إلى أبعد مما هو متصور لدرجة السماح بتجمعات المثليين في قلب دمشق.. (الحديقة الواقعة خلف فندق الفورسيزنز).

علمانية النظام الزائفة، حاولت وخلال الحلقة نفسها مخاطبة المتلقي واستفزاز تعاطفه مع طروحات الشخصيات التي تدافع عن فكرة أن لا أهمية للزواج، وليس بالضرورة أن ينتهي الحب بالزواج حتى لو بقي الطرفان سوية مدى الحياة وما الزواج إلا شكل من أشكال البنى المجتمعية المتخلفة.

أيضا هنا لسنا في وارد مهاجمة نمط معين من الحياة كثيرا ما يعتمده الغرب، ولكن هل بالضرورة أن يتم حمل المفاهيم الغربية كما هي وزجها في مجتمعات لها ضوابطها شاء النظام أم أبى، هذا على افتراض حسن النية بأن من يقفون خلف العمل يسعون إلى نقل مفاهيم غربية وليس إلى نسف بنية مجتمعية بعينها، وللحديث بصراحة أكثر دائما الجهة المستهدفة هي شريحة الإسلام السنة، وكأن باقي الشرائح غاية في التسامح في مسائل الزواج من دين آخر، علما وحسب معلوماتي المتواضعة في البنى الدينية للطوائف فإن جميع الطوائف ترفض أن تتزوج من غيرها أو تزوج لغيرها، بينما السنة على الأقل يسمح تشريعهم بالزواج أن يتزوج شبابهم من فتاة من دين آخر، وهنا أتحدث ضمن سياق معرفتي المحدودة بالأمور الفقهية فلست مفتيا ولا رجل دين.

كثيرة هي الأمور التي تستحق الوقوف عندها، لعل من المفيد الإشارة بعجالة إلى أحد المشاهد وجاء فيه الحوار التالي وأورده باللهجة العامية: 
- أنتو من وين بالظبط؟
-- : نحنا عمليا من الشام
- يعني من جوات السور ولا من برات السور؟
-- : نحنا بالأصل من كيليكا، أبو لجدي كان عشقان وحدة سريانية أو أرمنية، وبهديك الفترة صار في تهجير وتدبيح قاموا هربو وإجوا على الشام واستوطنوا، أبو لجدي كانو ينادوه الأرضرومي نسبة لأرض روم بكيليكيا وطبعا في عيل كتيرة من الشام أصلها من أرض روم.

لن نتوقف عند مفهوم "جوات السور وبرات السور" فما هو داخل السور وخارجه بات تحت الحكم الإيراني الخالص، وأيضا لن نتوقف عن تبني طروحات معينة تجاه ما حصل للأرمن والمذابح التي تمت الإشارة إليها، ولكن السؤال إذا كان نظام الأسد الذي سلم سوريا للروس والفرس مازال يعتبر كيليكيا منطقة سورية حبذا لو يعيدها إلى خرائط سورية المدرسية.. ولا ضير أن يعيد كذلك خريطة "عربستان" إلى الوطن العربي.

*حسين الزعبي - من كتاب "زمان الوصل"
(226)    هل أعجبتك المقالة (243)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي