ربما تدور تحليلاتك الشخصية حول غارات التحالف ضد رتل لقوات النظام والميليشيات الطائفية المساندة لها في عمق البادية السورية حول دفاع الولايات المتحدة عن فصائل تدعمها أو منع فتح الطريق بين بغداد ودمشق أمام إيران ونائبها في لبنان حزب الله، هذا يختلف عن تحليلات شيخ قبيلة البكارة "نواف البشير"، الذي وضع كل بيضه في سلة حليفتي بشار الأسد روسيا وإيران المستميتتين لتثبيت دعائم الحكم في دمشق وتوجيه الأنظار إلى مسألة محاربة الإرهاب.
تلقيت الخبر من المكتب الإعلامي لجيش "أسود الشرقية" التابع لقوات الثورة السورية في البادية ضمن رسالة إلكترونية، قالت باختصار: طائرات التحالف تدمر آليات للنظام والميليشيات الإيرانية على أوتوستراد دمشق – بغداد"، فحاولت أن أتصور موقف "نواف" بعد سماعه للخبر وكانت وسائل إعلام تابعة للنظام سربت للتو خبراً مفاده أن "الشيخ" سيكون على رأس ما أطلق عليه اسم "جيش القبائل" للتوجه –قريباً- عبر الصحراء شرق حمص نحو دير الزور معقله الرئيس في سوريا.
هذا "الجيش المتخيل" حاول البشير تشكيله بدعم من الاستخبارات الأمريكية في عام 2015، كجناح لما يسمى "الجبهة الشرقية"، والذي بدأ بالفعل تدريباته في معسكرات تركية لكن 30 عنصراً فقط هم من التحقوا بالجبهات في ريف حلب الشمالي، فقتل وأصيب نصفهم بألغام زرعها تنظيم "الدولة الإسلامية" هناك، وفق قائد هذا التشكيل آنذاك "أحمد الجديع".
لم يكن الجديع في ذلك الوقت متفائلاً بسبب امتناع "البشير" عن دعوة نحو 100 عنصر آخرين لدخول الأراضي السورية من جهة اعزاز بحلب، بعد اصطدام مشروعه، والذي شرحه كاملاً في مقابلة مع قناة "أورينت" الفضائية في تشرين الثاني نوفمبر من العام نفسه، مع مشروع كان يجهز أثمر عملية "درع الفرات" التركية فيما بعد.
وفي النصف الأخير من عام 2016، وصف نفسه في تسريبات نسبت إليه بأنه "علماني" وبالتالي النظام أقرب إليه من "النصرة" وتنظيم "الدولة"، وهذه التسريبات اعتمدت على طبيعته الانفعالية للحصول على كلام يشتم فيه المعارضة، التي أقصته من هيئاتها لهذه الطبيعة ذاتها.
ذكر قيادي في الجيش الحر أن البشير صادق بان النظام أقرب له من التنظيمات "المتشددة"، لكن الوصف الأدق له هو "العشائري غير المتدين، لأن كل من عرفوه يؤكدون لك أنه لا يصلي على أقل تقدير، ويعبرون عن ذلك بجملة "لا يعرف القبلة وين".
و"نواف بن راغب" معروف بهذه المواقف غير المتزنة، ففي عام 2013 اعتقلت مجموعة "أحرار البكارة" التابعة له في منطقة "رأس العين" على يد إحدى الفصائل الإسلامية المحلية لنصبها حاجزا على طريق "تل تمر-حلب" دون مبرر، فاتصل هاتفياً مع قيادي محلي عبر هاتف قائد كتيبة في "جيش أحفاد الرسول" آنذاك، يدعى "الشيخ حسين" كانا يخططان للعمل معاً، لكن سرعان ما بدأ بشتم صاحب الهاتف (حسين) ووصفه بالكاذب لعدم توفيره السلاح والذخيرة لكتيبته المعتقلة، وكان الصوت مسموعا للجميع بما فيهم الشخص محل الشتم، وأدى هذا الموقف إلى إيقاف التعاون بينهما على جبهات الحسكة.
ولد "نواف" في قرية "محيميدة" بدير الزور عام 1954، وأمسى شيخاً لعموم عشائر قبيلة "البكارة" بعد وفاة والده "راغب البشير" أشهر زعماء هذا القبيلة على الإطلاق عام 1980، ثم انتخب عضواً بمجلس الشعب السوري ما بين عامي 1988 و1992، قبل أن يشارك في التوقيع على وثيقة إعلان دمشق التي طالبت بإحداث تغيير ديمقراطي وجذري في سوريا، وكان البشير أحد أعضاء إعلان دمشق عام 2005 ومجلسه الوطني عام 2007.
كما شارك البشير أبناء مدينته دير الزور مبكرا بالمظاهرات منذ اندلاع الثورة السورية ضد بشار الأسد، حتى اعتقل في الفترة بين تموز/يوليو حتى تشرين أول/ أكتوبر 2011، ما زاد في شعبيته بين المنتفضين من الشعب السوري، وخاصة في المنطقة الشرقية، قبل أن يعلن ردته عن هذا المسار مطلع عام 2017.
ولا يستبعد أن يبقى خارج دير الزور أو يعود من جديد لتشكيل قوة عشائرية تحت مظلة التحالف الدولي لمحاربة "الإرهاب" في حال قررت أمريكا منع النظام وحلفائه من التوغل باتجاه الشرق السوري، وبالتالي ستفتقد عودته إلى "حضن الوطن" هدفها الوحيد وهو "تشكيل عشائري" يوصله بدعم أحد قطبي العالم إلى "محيميدة" ورأس القبيلة من جديد.
محمد الحسين - الحسكة
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية