"ختام جاني" رسامة سورية أثبتت أعمالها التعبيرية حضوراً لافتاً في ساحة التشكيل السوري.
وتتسم لوحاتها بالعفوية والبراءة والقريبة من عالم الطفولة بدهشته وصدقه وحميميته الآسرة، مبتعدة قدر المستطاع عن أجواء الفجائعية والدم الذي بات يطغى على الكثير من تجارب فنون الثورة.
ولدت ختام في منزل عربي كبير في حارة "القلعة" التي تُعد من أعرق حارات مدينة "جسر الشغور"، ولم تكن قد تجاوزت السادسة من عمرها عندما بدأت عيناها تصافح مكامن الجمال في بيئتها المحيطة، حيث الأبنية القديمة وأشجار الياسمين وزهر الليمون وضفاف العاصي الجميل لينعكس ذلك لاحقاً في أجواء لوحاتها الفنية.
وبعد أن أنهت دراستها الثانوية التحقت ختام بمعهد الفنون في إدلب.
وتروي الفنانة الشابة لـ"زمان الوصل" أن والدها -رحمه الله- أرسلها بعد تخرجها إلى اللاذقية لتدرس في مركز الفنون التشكيلية التابع لوزارة الثقافة وتخرجت من المعهد بعد دورتي تصوير ونحت وتصوير وغرافيك.
بعد هذه المرحلة تطور أسلوب "ختام جاني" بشكل كبير –كما تقول- وانتقلت إلى مرحلة جديدة من حياتها الفنية، بدأت فيها بتجسيد معالم "جسر الشغور" ونهر "العاصي".
وأشارت الفنانة الشابة إلى أن المكان يعني الكثير بالنسبة للفنان فما بالك في زمن تم انتزاعنا فيه من أماكننا التي نحب عنوة، وأردفت محدثنا أن النزوح ضاعف من تعلقها وارتباطها بهذه الأمكنة التي لم تقتصر على جسر الشغور فكل مكان من سوريا يعني لها الكثير وينسج في ذاكرتها قصة عشق لا تنتهي.
ولفتت محدثتنا التي تعيش نازحة في بلدة "دركوش" بريف إدلب إلى أن العودة إلى بيتها بات يشكل هاجساً بالنسبة لها: "بلا شعور أحس أن ريشتي وخطوطي أسيران لمسقط رأسي، بيتي بركة الماء شجرة الياسمين مرسمي".
وفيما يتعلق بميلها إلى اللونين الأبيض والأسود وتدرجاتهما في لوحاتها وهل لهذا علاقة بما يعتمل في داخلها أوضحت "ختام جاني" أنها تحب تقنية الرسم بالفحم وتدرجات اللون الأسود مروراً باللون الرمادي منذ بداية تجربتها الفنية رغم أن اللون الناري يطغى على لوحاتها في كثير من الأحيان.
وتفسر الفنانة ابتعادها عن الفجائعية ومشاهد الدم، قائلة "لدي قناعة أن الرسم يجسد الجمال ورغم الظروف التي عصفت ولا تزال ببلادي لكنها تبقى جميلة ساحرة"، وهي -كما تقول- لا تستطيع الابتعاد عن الواقع كونها فنانة، ولكنها تؤثر تجسيده بأسلوب رمزي بعيداً عن المباشرة في الطرح.
ولفتت محدثتنا إلى أنها تعرضت لنقد من قبل متلقي أعمالها بسبب عدم تجسيدها لمشاهد المخيمات والدم والفتل وقصف الطيران وتردف: "في قناعتي أن هذه المشاهد تطفح بها نشرات الأخبار على الفضائيات وتستطيع أي عدسة كاميرا ديجتال أن توثقها بحرفية أكثر من رسمها بالريشة" مشيرة إلى "المقدرة على تجسيد الجمال رغم كل ما مر بنا هو بحد ذاته مقاومة".
وفي غمرة انشغالاتها الفنية اهتمت "ختام جاني" بتعليم الأطفال الرسم بهدف إخراجهم من أجواء الخوف ووطأة الحرب منطلقة من أن الأطفال هم الأمل والبناء عليهم جزء من بناء الامة، وهو ما دفعها بهذا الاتجاه –كما تقول- رغم شعورها بعدم امتلاك القدرة والمؤهلات اللازمة للتعامل مع هذه الشريحة من ضحايا الحرب".
وتابعت محدثتنا أنها تعرفت إلى مركز "سنابل وطن" بالمصادفة أثناء عملها كمسؤولة في منظمة "وجه الشرق للثقافة والعلوم" الثقافية، وبدأت بتعليم الأطفال مبادئ الرسم وأثمرت هذه التجربة معرضاً لرسوماتهم بعنوان "ألوانا بتحكي أمل" ضم أكثر من 70 لوحة.
وأقامت "ختام جاني" معرضاً فردياً في المركز الثقافي بجسر الشغور قبل الثورة كما شاركت في معارض جماعية عدة وتُعد الآن لمعرض فردي بعنوان "تحية الى العاصي" وتطمح -كما تقول- لتمثيل بلدها في المعارض الدولية وإيصال رسالة أن سوريا صامدة جميلة ساحرة وأبناؤها كذلك.
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية