أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

على هامش الأمل بجنيف أخير*

من حلب - أرشيف

عشرة شهور تفصل بين جولة جنيف3 التي عقدت في نيسان ابريل الماضي، وبين جولة جنيف4 المزمع بدء فعالياتها في العشرين من شباط فبراير الجاري، ونأمل، شأننا شأن القسم الأكبر من السوريين الذين أنهكتهم المحنة، أن تصل هذه الجولة إلى حل، أو تمهد لحل لا يعيد إنتاج النظام وينهي النزف المستمر لسورية بحجرها وبشرها.

إن قلت إني آمل بأن تكون الأخيرة فقد أكون مفرطا في تفاؤلي، بل لعل كثرا سيسخرون من ذلك، ولكن لي أن آمل بأن تهيئ هذه الجولة لجنيف نهائي، أو نيويورك أول وأخير، وهذا الكلام من باب استدرار الأمل والتفاؤل أكثر منه من باب المعطى السياسي.

لكن في الوقت نفسه لا يمكن لنا أن نتجاهل المتغيرات التي طرأت خلال الفترة الفاصلة بين الجولتين، وهي بدون شك ستكون حاضرة في بال المفاوضين والقوى الدولية الواقفة خلف كل طرف.

أهم هذه المتغيرات، الوضع الميداني، وحلب على رأس معطياته، فمن كان يفاوض وخلفه نصف مدينة حلب ليس كمن فقدها، والفقد هنا لا يعني أنها باتت للنظام بل أصبحت، حتى الآن على الأقل، واحدة من البنود المدرجة ضمن ملف العلاقات التركية الروسية، وهذا الملف هو الذي ساهم لحد بعيد برسم الخريطة الميدانية الحالية.

ويتبع بند حلب بنود إضافية لا تنفصل عنه، أهمها مسار عملية "درع الفرات" وما قد ينتج عنها من تسويات، أو تصادمات، في مثلث العلاقات الروسية التركية الأمريكية، ولكل حساباته، وهذه الحسابات هي نفسها التي أوجدت جولة الأستانة، وأراها واحدة من أخطر المسارات السياسية في الملف السوري، واصطلاح "أخطر" هنا لا يعني وضعها في الخانة السلبية، ولا حتى الإيجابية، فهذا تحدده الصيغة النهائية التنفيذية لما صدر عن الأستانة وبما سترسله إلى جنيف بعد الجولة الأخيرة لها والمقررة في الخامس عشر من الشهر الجاري. 

الأستانة كانت الأخطر لأنها شكلت حالة تفاوضية مباشرة بين من باتوا أصحاب القرار الحقيقي في سوريا، وأقصد الروس والإيرانيين والأتراك ولكل منهم من يدور من فلكه من دول، ووفق هذا التصور الشخصي قد تطرح القوى الدولية على المعارضة والنظام معا تسوية تحمل صيغة "الإجبار"، قد يرضى عنها النظام على مضض لأنها في أسوأ حالاتها لن تطيح برأسه، مرحليا على الأقل، وهنا سيكون على المعارضة التي أضاعت على نفسها فرصا سابقة لامتلاك هامش تحرك أوسع مما هو عليه الآن، ولا مجال لذكره في هذه المساحة، سيكون عليها الموازنة بين ما سيكون متاحا سياسيا، وبين ما هو مقبول من أولياء الدم والثورة في الداخل وفي المخيمات وحتى في دول اللجوء.

ومثلما حاولت استدرار الأمل في عتمة تعقيدات المحنة السورية، أتمنى على من سيمثل المعارضة، من أي منصة كان، إن لم يكن قادرا على انتزاع الحق، فلا يفتح الطريق لمزيد من الباطل.

*حسين الزعبي - من كتاب "زمان الوصل"
(169)    هل أعجبتك المقالة (178)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي