منذ 15 يوماً وفي هذه المساحة عللت النفس بأن تُحدث بداية الانهيار والتراجع لصالح النظام في جبهات حلب "صدمة" تجبر القوى الفاعلة على الأرض ومعهم تشكيلات المعارضة السياسية على المبادرة إلى اتخاذ خطوات تمنع وقوع ما حصل الليلة الماضية في حلب وما قد يحدث في الأيام المقبلة.
عللت النفس بأن ينتزع السوريون أنفسهم من جبهة "فتح الشام" وينضووا بمشروع وطني خالص، وأن تتصدر حركة أحرار الشام المشهد وتبادر بالإعلان عن اندماجها بالمشروع المُتخيل محتضنة الفصائل الأخرى تحت راية علم الثورة وترك التصورات عن الحكم وشكله لمرحلة ما بعد الحسم، إلا أن ما حصل أن الأحرار نفسها شهدت انشقاق مجموعة من قادتها، كما لم نشهد من "فتح الشام" أي مبادرة إسعافية.
ركود مبادرات اللحظات الأخيرة من الفصائل العسكرية، قابله ركود في الجانب السياسي، واكتفى الائتلاف الوطني ببعض بيانات لا تغني ولا تسمن من تأثير، بل ومن عجائب السياسة أن يدافع سفير الائتلاف في فرنسا عن عناصر جبهة "فتح الشام" أمام وسائل الإعلام، بينما يعجز ولا أعلم السبب عن جمع 500 سوري من أصل عشرات الآلاف من المقيمين في باريس بمظاهرة واحدة دعما لحلب.
أما معارضة "المنصات"، وأقصد "منصة القاهرة" وكذلك "منصة موسكو" أو "بيست موسكو" كما يسميها أحدهم، فلا يبدو أنهم معنيون بأوجاع حلب وغيرها، فألسنتهم حبيسة أفواههم إلى أن يعلن المسيو "دي ميستورا" عن جولة تفاوضية وعندها يتصدرون المشهد الإعلامي.
فقدت الثورة بالمفهوم العسكري، أو تكاد، تواجدها في مركز مدينة حلب، وبات عشرات الآلاف من المدنيين في قبضة ميليشيات الوريث القاصر وملالي "قم"، هي نتيجة كانت تدركها باقي الجبهات، بدءا من درعا التي ما عادت اكتفت من النوم ونخشى أن تستفيق وقد اجتاح النظام ما حرر منها بدماء الآلاف من الشهداء، ومثلها جبهات ما تبقى من ريف دمشق التي كانت تقض مضجع النظام في عاصمته، ويطول الحديث والمسير وصولا إلى حلب مرورا بحمص وحماة.
نعم، للباطل جولة، ولكنها ستكون جولات وجولات مالم يستفق أهل الثورة من كبوتهم ويستفيدوا من درس هو الأوجع، وإلا فإن عملية إعادة إنتاج النظام بدماء الأبرياء ستستمر وبمباركة دولية، وسيتلاشى معها حتى الحلم بسوريا حرة.
أما لمن يسأل عن الحل وطريقة تجاوز المأزق الحالي بفقدان حلب، فله أقول، إن حملة السلاح من أهل الثورة من أقصى الجنوب السوري إلى أقصى شماله يعرفون ما هو الحل ومن لم يتعلم من تجارب السنين الخمس لن يتعلم بعد مئة سنة.
*حسين الزعبي - من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية