قبل أسابيع قليلة من اندلاع الثورة السورية عام 2011 اختطف عملاء للنظام بتدبير وتخطيط من سفارته في لبنان 4 إخوة من عائلة "الجاسم" وسلموهم -حسب ناشطين- للمخابرات السورية وهم "جاسم مرعي الجاسم" وإخوته "شبيب" و"علي" و"أحمد".
ورغم مرور سنوات على هذه الحادثة، فإنها لا زالت تتفاعل سياسياً وإعلامياً وفي الأوساط الحقوقية والقانونية، وبخاصة أن عملية الخطف التي جرت في وضح النهار وتحت عين المخابرات اللبنانية تم ربطها مع عملية خطف مثيلة لنائب الرئيس السوري الأسبق "شبلي العيسمي (86 عاماً) بعد 3 أشهر على الحادثة الأولى، أي بتاريخ (25/5/2011)، وعلى إثر ذلك تم إدراج سفير النظام "علي عبد الكريم" دون غيره من السفراء السوريين في العالم -ضمن لائحة الشخصيات السورية الواردة على لائحة العقوبات الأمريكية، بتهمة "ممارسة أنشطة لا تتفق مع وضعه الدبلوماسي".
وروى مدير "المؤسسة اللبنانية للديموقراطية وحقوق الإنسان (لايف) المحامي والناشط الحقوقي "نبيل الحلبي" لـ"زمان الوصل" قصة الإخوة "جاسم" من البداية، حيث أتوا من مدينة "جرابلس" شمال حلب إلى لبنان قبل الثورة للدراسة في الجامعة اللبنانية.
وعندما بدأت بوادر الربيع العربي في مصر وليبيا واليمن وتونس اتفقوا-كما يقول- على توزيع مناشير لحضّ السوريين عمالاً وطلاباً على التظاهر أمام السفارة السورية ببيروت للمطالبة بتغيير النظام في سوريا إلى نظام ديموقراطي".

وبعد أن عرفت مخابرات الجيش اللبناني بأمرهم اعتقلوا "شبيب" و"علي" و"أحمد"، واقتادوهم إلى مخابرات بيروت والتحقيق معهم بطريقة لا إنسانية -كما يصف الحلبي- مشيراً إلى المخابرات اعتقلت فيما بعد الأخ الأكبر "جاسم" من مكان عمله في ورشة "رافي كالويتيان" بمنطقة "الحازمية"، حيث كان يعمل مقاولاً.
وأطلق سراح الإخوة الباقين، أما "جاسم" -حسب محدثنا- فتم تحويله إلى قاضي التحقيق في جبل لبنان، الذي أمر بإطلاق سراحه أيضاً لعدم وجود ما يستوجب توقيفه، ولكن المفاجأة كانت في كمين نصبه عملاء للنظام السوري أمام باب المحكمة من بينهم –كما يؤكد الحلبي- الملازم أول "صلاح الحاج" ابن "علي الحاج" المدير العام السابق لقوى الأمن الداخلي وهو أحد المتهمين باغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، وكان مسؤولاً عن أمن سفارة النظام ومنتدباً من قبل قوى الأمن الداخلي لهذه الوظيفة.
وكشف "الحلبي" أن الحاج "اقتاد جاسم الجاسم مع إخوته الذين تم اعتقالهم مجدداً في سيارات دفع رباعي موضوعة بتصرف السفارة السورية في لبنان باتجاه الأراضي السورية وسلّمهم لأقرب مفرزة للمخابرات الجوية هناك.
وفي فرع المخابرات الجوية تعرض الإخوة "جاسم" لتعذيب شديد -كما يؤكد الحلبي- لافتاً إلى أن "القضية تفاعلت وبخاصة عندما كشف اللواء وسام الحسن مدير فرع المعلومات الذي اغتيل فيما بعد خفايا ما جرى، وأجرى فرع المعلومات التحقيقات اللازمة في القضية قبل أن يوعز بتوقيف الملازم أول صلاح الحاج المتهم بالخطف وتم فتح قضية سُميت بملف "الإخوة جاسم" وشغلت الأوساط السياسية والإعلامية والقانونية آنذاك".
بعد فترة من اعتقال "جاسم الجاسم" سُرّب لمنظمة "لايف" التي يرأسها "الحلبي" أنه قتل لدى المخابرات الجوية بعد تعذيب شديد، ولكن اتضح أن الخبر غير صحيح وأن وضعه كان حرجاً داخل المعتقل ثم تماثل للشفاء، وبعد أن فضحت "شعبة المعلومات" أمر سفارة النظام وعملائها في لبنان وكشفت مسار عملية الخطف بما في ذلك الأرقام الهاتفية المستخدمة، وأوقات المكالمات، وتفاصيل أخرى غيرها. لجأت السفارة المذكورة إلى ابتزاز ذوي الإخوة الجاسم للتراجع عن تقديم أي شكوى بلبنان وتم إجبارهم على تنظيم محضر تراجع عن القضية بتواطؤ مع عناصر من حزب الله".
بعد الإفراج عن "جاسم الجاسم" وإخوته توجهوا إلى الشمال السوري ليشكلوا هناك كتيبة تحت راية الجيش الحر، ولكن هذه الكتيبة وبسبب عدم خضوعها لأي جهة سياسية لم يتم دعمها بالسلاح، ما دعا الأشقاء لحلّها، ولجأ "جاسم الجاسم" مع عائلته إلى ألمانيا فيما لجأ شقيقه علي إلى السويد ولا معلومات عن شقيقيهما الباقين.
وأوضح "الحلبي" أن "ملف الإخوة جاسم لا يزال مفتوحاً كملف جنائي في لبنان باسم قضية خطف الإخوة جاسم"، منوهاً إلى أنه يتابع هذا الملف مع المحامي البريطاني "توبي كيدمان".
واستدرك "الحلبي": "هذا الملف كبير ونحن حالياً لا نستطيع السير فيه بلبنان لأن البلد خاضعة لسيطرة إيرانية ونفوذ النظام السوري، لافتاً إلى أن فتح هذا الملف الجنائي من جديد سيكشف النقاب عن عمليات خطف كثيرة لمعارضين سوريين داخل الأراضي السورية وتسليمهم إلى مخابرات النظام.
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية