بمبادرة من ابنته "ياسمين" ذات السنوات الثلاث، حمل الفنلندي السوري الأصل "رامي أدهم" عشرات الدمى والعرائس، وهو يهم في الانطلاق إلى رحلته الأولى لإيصال مساعدات ومواد إغاثية إلى سوريا، قبل نحو 4 سنوات.
المبادرة التي غيرت مسار نشاط "أدهم" نوعا ما، لفتت نظره إلى تلهف الأطفال المحرومين للألعاب، إلى درجة أنه كان يفوق لهفتهم للطعام والشراب، حسب ما يروي تقرير نشرته "ذي تلغراف" البريطانية، وتولت "زمان الوصل" ترجمته.
يقول التقرير إن "أدهم" لم يكن يخطط لحمل أي ألعاب في رحلته الإغاثية الأولى نحو سوريا، لكن طفلته "ياسمين" ألحت عليه ليأخذ ألعابها (25 دمية دببة و36 من عرائس باربي)، ويقدمها لأطفال سوريا، شرط أن يعود للطفلة بدمية "باربي" جديدة.
المبادرة البريئة التي قدمتها الطفلة، كان لها لاحقا أثر كبير على نشاط الأب، الذي تحول إلى صانع فرح، وموزع ألعاب، تولى إيصال آلاف الدمى والعرائس لأطفال سوريا.

يستذكر "أدهم" البالغ 43 عاما رحلته، قائلا: في أول مرة، ذهبنا إلى مخيم للاجئين قرب الحدود. وزعنا الطعام، وعندما بدأنا توزيع الألعاب، حدثت ضجة كبيرة، وصار الأطفال يتوافدون من كل مكان. أدركت حينها أنهم لم يكونوا يفكرون في الطعام، كل ما أرادوه فقط الحصول على لعبة.
بات "أدهم" يسافر من مقر إقامته في فنلندا كل شهرين تقريبا، متحديا جميع المخاطر، ليحمل ألعابا للأطفال السوريين، يقدر وزن كل شحنة منها بـ80 كيلو في الرحلة الواحدة.
آخر رحلاته كانت خلال شهر رمضان، جلب نحو 700 قطعة من الألعاب، وزعها في مخيم قرب بلدة "أطمة" أقصى الشمال السوري، يؤوي نحو 80 ألف لاجئ، كما عرّج ككل مرة على حلب.
منذ عام 2011، قام "أدهم" بـ27 رحلة إلى حلب، لتوزيع الألعاب، لاسيما على الأطفال الأيتام المدعومين من قبل المنظمة التي يعمل فيها.
يصف الرجل رحلته الأخيرة إلى حلب بأنها كانت خطيرة للغاية، مع اشتداد هجمة النظام السوري مدعوما بالطيران الروسي.

وفضلا عن الخطر الشديد، كان الحزن سيد الرحلة، مع وفاة 6 أيتام ممن ترعاهم منظمة "أدهم"، الذي ولد في سوريا وهاجر إلى فنلندا عام 1988، وهناك أدار جمعية مساعدات تعنى بسوريا.
نجا "أدهم" من براميل النظام وغارات روسيا في رحلته الأخيرة إلى حلب، لكن المفاجأة المرعبة كانت تكمن له في اسطنبول، وتحديدا مطارها الدولي (أتاتورك)، حيث كان في انتظار إقلاع طائرته إلى فنلندا عندما وقعت الهجمات الدامية، التي أودت بحياة 45 شخصا، وجرحت العشرات، وأثارت موجة رعب في واحد من أكثر المطارات ازدحاما في أوروبا.
يعلق "أدهم" على تلك اللحظات: ظننت أنني أحلم، وأني لا أزال في سوريا.. استغرق الأمر مني بعض الوقت لأدرك أن قنبلة انفجرت في مكان غير بعيد عني.
ومع كل هذه المخاطر، والذكرى الأليمة التي خلّفتها الرحلة الأخيرة بالذات، فإن "أدهم" يخطط فعليا للعودة إلى سوريا في رحلة جديدة، أنجز جمع "زادها" من الألعاب، ليقدمه إلى الأطفال السوريين الذين يواجهون القتل والإصابة وانعدام الأمن في كل لحظة، لكنهم يبقون يحلمون بالحصول على لعبة.
زمان الوصل - ترجمة
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية