أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

خلف ستار النزيف.. "أبو الفاروق" قصة رجل عمق خسارة الأحرار برجالها، وترك أسرته على شفا هاوية الوجع

أبو الفاروق وأبوأيمن - زمان الوصل

• خسرت الأحرار رجالات يصعب تجاوز الحديث عنهم أو الادعاء بأن فقدهم "ضريبة مستحقة"
• عندما أنشق "هاشم" عن جيش النظام سجنه شقيقه وحقق معه
• بعد ساعات من اغتيال "أمير ورشات التصنيع"، تمت تصفية "أبو الفاروق"
• ما الذي يجعل الحركة المتقدمة عسكريا، متأخرة أمنيا؟!

لم يدفع فصيل عسكري على أرض سوريا ضريبة من دماء قادته ورجاله البارزين، كما دفعت حركة أحرار الشام الإسلامية، وهي تودع قياديا خلف قيادي، ممن قضوا في سلسلة اغتيالات، تثير أكثر من تساؤل حول مدى معاناة الحركة من الاختراقات، وتضع كثيرا من علامات التعجب بخصوص تواضع الجانب الأمني لواحدة من أشد الحركات تميزا في الجانب العسكري!

ولكن حديثنا هذه المرة، لن يتطرق لناحية العدد الذي دفعته الحركة من قيادييها على مذبح الاغتيالات المحبوكة و"المجهولة" بآن معا، ولا عن أسباب تدحرج هذه الاغتيالات كأحجار دومينو، دون أن تجد من يوقفها ويميط اللثام عن مدبرها أو مدبريها.. فلهذا الحديث شجون يطول شرحها، ويحتاج الخوض فيها لمزيد توثيق وتوثق، حتى لا ينطلق الكلام فيها على عواهنه.

حديثنا اليوم باختصار عن نوعية هذه الاغتيالات التي تضرب حركة الأحرار في مفاصل مؤثرة، فتحرمها من أشخاص لهم من التجارب والخبرات والتفاني في العمل لصالح الثورة، ما يصعب تجاوزه أو الادعاء بأنه "ضريبة مستحقة" لأي حركة تقاوم الطغيان، ويقضي عناصرها أيامهم على الجبهات تحت وابل القذائف والصواريخ.

*حلقة ذهبية
منذ يوم التاسع من أيلول عام 2014، وبعد أكبر وأخطر عملية تصفية حدثت أو يمكن أن تحدث بحق حركة مناوئة لنظام الأسد، وهي العملية التي راح ضحيتها عشرات القادة المؤسسين والمؤثرين في ضربة واحدة.. منذ ذلك اليوم، وحركة أحرار الشام لاتنفك تفقد مزيدا من قياداتها وعناصرها المدججين بالخبرات، والأهم بعقيدة قتال لاتعرف المهادنة أو المساومة.

آخر عمليات الاغتيال الموجعة، حدثت قبل ساعات، حين تم استهداف 3 من "الإخوة المجاهدين" كما تفضل الحركة أن تطلق على أبنائها، هم: أبو ابراهيم، أبو عبدالله، أبو الفاروق، وقد توحي هذه الأسماء الحركية أن المغدورين مجرد عناصر "عاديين"، ومقاتلين من عموم المنضوين تحت لواء الحركة.

ولكن الاطلاع على تاريخهم وعملهم، وبالذات "أبو الفاروق"، يكشف أن خسارة الأحرار تتعمق، وأن نزيفها يتواصل، وأن جهازها الأمني ما زال يخيّب ظنّ كل من يأمل بوقف هذه الاغتيالات أو تقليص ضرباتها المؤلمة، كماً ونوعاً.

فمع رحيل "أبو الفاروق" خسرت حركة الأحرار رجلا من الحلقة الذهبية في مجال تصنيع المتفجرات، وهو الأخ الشقيق والتلميذ النجيب لمهندس الحركة وصانع المتفجرات الأول فيها، ونعني به القيادي الراحل "موسى بدوي" المعروف بلقب "أبو أيمن رام"، والذي قضى مع زملائه القادة في تفجير "رام حمدان" بتاريخ 9 أيلول/سبتمبر 2014.

كان هاشم بدوي (أبو الفاروق) عنصرا في جيش النظام عندما اندلعت الثورة، لكن مكوثه في هذا الجيش لم يطل، وكيف يطول وأخوه "أبو أيمن" من أكبر المعارضين للنظام، ومن أول من حمل السلاح ضده.
انشق "أبو الفاروق"، فلم يستقبل استقبال الفاتحين الأبطال إكراما لأخيه على الأقل، بل على العكس استقبل بالسجن والتحقيق المشدد معه، وبتوصية من أخيه الذي أراد أن يتأكد أن "أبو الفاروق" لم يتورط بإراقة دم أحد خلال خدمته في جيش النظام.

*خنساء أسرة بدوي
لما تأكد "أبو أيمن" -المعروف بحسه الأمني الشديد- من أن شقيقه غير متورط في أي عمل إجرامي، وأنه انشق للدفاع عن المظلومين، ضمه إلى دائرة المتدربين على تصنيع المتفجرات، فتعلم الشقيق على يد شقيقه، حتى صار التلميذ قريبا من مرتبة معلمه.

وضع ضغط العمل وإرهاقه بصماته على جسد "أبو الفاروق"، فأصابه بآلام الفقرات (الديسك)، لكنه لم يتوان عن متابعة نشاطه في ورشات التصنيع التابعة للأحرار، وظل مواظبا على ذلك حتى قضى نحبه.

وإذا كانت خسارة "أبو الفاروق" ضربة جديدة للحركة، فإن فقده خلّف أسرته -لاسيما والدته- على شفير هاوية سحيقة من الوجع، فالرجل المغدور هو رابع ولد تفقده الأم، ما أثقل كاهل الحركة التي شعرت أنها لم تستطع أن تأخذ من الاحتياطات الأمنية ما يجنبها هذا الألم المضاعف.. ألم فقد خبير مهم بعد ساعات من اغتيال "أمير ورش التصنيع" أبو خليل تملنس بعبوة ناسفة في ريف إدلب!.. وألم قلب أمّ تكسرت فيه نصال الرزايا على بعضها.

ليس هناك حتى الساعة معلومات كافية عن ملابسات اغتيال "أبو الفاروق" ومن كانا بصحبته، غير تلك التلميحات التي تقول إن الثلاثة قضوا في تفجير لغم زرعه لهم عناصر من تنظيم "الدولة".

ولكن اغتيال "أبو الفاروق" يعمق جرحا ما زال مفتوحا، ينزف من يوم اغتيال أخيه "أبو أيمن" الذي كان يحمل شهادة الهندسة الزراعية، واختار مناوئة النظام منذ ما قبل الثورة بسنوات، فكلفه ذلك الاعتقال والسجن مرتين.

قضى "أبو أيمن" ابن بلدة رام حمدان في مسقط رأسه عن عمر يناهز 36 عاما، بعد أن شارك في تأسيس "كتائب أحرار الشام" وتطوير عملها العسكري، وتفعيلها في مواجهة النظام والتنظيم، حيث لا تخفى أيادي "أبو أيمن" في تحرير بقاع شاسعة من الشمال السوري، لاسيما محافظته إدلب.

إيثار عبدالحق-زمان الوصل
(179)    هل أعجبتك المقالة (168)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي