إطلاق قوات النظام لعملية عسكرية ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" في الريف الغربي للرقة، تفسره معارك تحالف "قوات سوريا الديمقراطية"، بقيادة حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) ضد التنظيم شمالها، بالتوازي مع معركة "منبج" شرق حلب، حيث تصب معارك الفرات في صالح الجميع.
ويفسره أيضاً الخط الساخن بين موسكو وواشنطن، الخائفتين من تقدم يحرزه "جيش الفتح" في ريف حلب الجنوبي، يؤثر سلباً على الخطة المشتركة لضرب تنظيم "الدولة" في الرقة، بسبب إصرار روسيا على تفكيك هذا الجيش، الذي كان سبب تدخلها بشكل مباشر إلى جانب قوات النظام في أيلول سبتمبر العام الماضي.
ويأتي ذلك كله، بعد لقاء حصل بين قيادات في قوات النظام وقيادات في تحالف "قوات سوريا الديمقراطية"، للاتفاق على مصير مدينة الرقة بالتحديد بعد انتزاعها من يد تنظيم "الدولة"، وتزامنت هذه الاجتماعات مع تصريحات للمتحدث الرسمي باسم "قوات سوريا الديمقراطية" "طلال سلو" لإذاعة "شام إف إم" المقربة من نظام الأسد، قال فيها: "بعد تحريرها سنتفاوض مع النظام، فيما يخص الرقة حيث سيقرر ذلك أبناء المدينة".
ويظهر جلياً من استعراض الوضع العسكري على جانبي نهر الفرات، أن قوات النظام وحلفاءها باتوا ضلعاً أساسياً في الحرب على تنظيم "الدولة" بالتشارك مع حزب الاتحاد الديمقراطي وحلفائه الأمريكان، وبالتالي جميع دول التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، كما يتكشف أن تفاهماً ما حصل لتكون الرقة كمدينة بيد قوات النظام، بينما يبقى الريف الشمالي بيد التحالف الديمقراطي.
ففي حين أعلن تحالف "قوات سوريا الديمقراطية، سيطرته على قرى "قبر ايمو، ونعيمية، وجوثة، وحسن آغا وتلة سراج"، وذلك بعد مواجهات مع تنظيم "الدولة" ضمن معركة "منبج" المستمرة منذ يوم الثلاثاء الماضي، تقول مصادر قوات النظام العسكرية، إنها: "وسعت نطاق عملياتها في منطقة أثريا بريف حماة الشرقي بإسناد جوي روسي"، فيما تستميت للمحافظة على مواقعها في دير الزور ومطارها العسكري.
وتحضر في المشهد، مجازر ترتكبها طائرات الحلفين بحق المدنيين في حوض الفرات، لعل آخرها مجزرة "البوليل" بريف دير الزور الشرقي، التي راح ضحيتها 15 مدنياً، بينهم طفل و4 نساء، بينما خُيّر أهل الرقة بين الموت تحت ركام منازلهم وبين التشرد.
ربما الطرف الوحيد، الغائب عن المشهد على جانبي الفرات، هي القوة العسكرية التي تؤمن بالثورة السورية دون التبعية المطلقة لأحد الحلفين، حيث عجزت -كما يبدو- زيارة رئيس الائتلاف، "أنس العبدة" على رأس وفد عن إقحام قوات "البيشمركة السورية" في المشهد شمال حلب حتى الآن، لانتزاع ولو جزءا بسيطا من الأرض الكبيرة، المطروحة للاقتسام بين حلفاء أمريكا وبين حلفاء روسيا على الأرض.
وكانت الولايات المتحدة توافقت مع روسيا على فرض اتفاق لوقف إطلاق النار بين كتائب الثور وقوات النظام، دخل حيز التنفيذ يوم 27 شباط/فبراير، استثني منه تنظيم "الدولة" و"جبهة النصرة"، ما يعطي النظام الفرصة كاملة لاشتراك في معركة الرقة، دون الخوف على ما كسبه بدعم روسي في حلب المجاورة.
يشار إلى أن محافظة الحسكة، تضم مواقع عسكرية أمريكية وأخرى روسية، ما حولها إلى غرفة عمليات تدار منها العمليات العسكرية التي تحتاج لتنسيق ضد تنظيم "الدولة"، الذي كان يسيطر على معظمها، قبل أن يخسر جميع نواحيها خلال العامين الماضيين لصالح تحالف "سوريا الديمقراطية"، باستثناء "مركدة" في أقصى جنوبها.
محمد الحسين - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية