أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

محافظة حمص تلاحق الأبقار ... كرمى لعيون أصحاب الفيلات .

ورقة إنذار تشعل النار في قلوب مزارعي البساتين في حمص,وتقلب حياتهم رأساً على عقب, فبناءً على القانون كذا, وأحكام المرسوم كذا و اقتراحات رئاسة الدائرة كذا تقرر إغلاق الزرائب في حي الوعر شارع خالد بن الوليد بسبب عدم التقيد بمضمون إنذار سابق!

 

 

يسارع عناصر الجهة المعنية إلى إفراغ الحظائر من محتوياتها وختمها بالشمع الأحمر وتلقى الأبقار التي كانت تشغل تلك الحظائر في العراء تحت هجير الشمس (نظراً للأثر السلبي لهذه الحظائر على الصحة والبيئة) !!‏

وشاية أم خطوة أولى?‏

نتوقع من أي قرار رسمي يصدر في أي مجال أن يراعي مصلحة الوطن أولاً ومصلحة المواطن ثانياً وأن يكون لأهداف منظورة أو لأخرى بعيدة المدى قد لايتمكن المواطن العادي من قراءتها. نتوقع أن العيون التي يفترض بها أن تتيقظ, قد نامت ردحاً من الزمن لتمرر الكثير من المخالفات في تلك المنطقة بالذات, وأعني بساتين حمص! ونتوقع أن إغلاق الزرائب لم يأت كنتيجة طبيعية لمراقبة حثيثة لدوائر البيئة والصحة كما يفترض بها أن تفعل, والمخالفات أكثر من أن تحصى! إذاً هناك احتمالان يقفان خلف اتخاذ القرار وفقاً لحديث أصحاب البساتين المتضررين منه:‏

 

إن أصحاب الفيلات - التي بنيت داخل البساتين ضاربة بقوانين ضابطة البناء عرض الحائط - قد أزعجتهم رائحة تلك الحظائر بينما كانوا مستلقين على أرائك قرب المسابح المخالفة يستحمون باشعة الشمس خلف أسيجة عالية مخالفة أيضاً ولذا تقدموا بشكوى ضد تلك الحيوانات وأصحابها فلاقت شكواهم قبولاً أما الاحتمال الثاني فهو ما يتردد بأن هذا الإجراء هو خطوة أولى لتفريغ البساتين من شاغليها إذ ستحتضن وفق مشروع حلم حمص استثمارات سياحية وترفيهية حرصاً على الصحة العقلية لأهل حمص وملء فراغهم (إن وجد) بكثير من أماكن التسلية والفرح!‏

(الشغلة مو شغلة بقر)‏

تحت ظلال أشجار كثيفة كان لي جلسة مع المزارعين الغاضبين بعد القيام بجولة في البساتين. لم يكن من السهل أن يتكلم أحدهم بمفرده فالكل يريد الحديث في الوقت عينه, لكن محمود أقنعهم بالإصغاء وتذكيره إن نسي شيئاً وهكذا بدأنا: في 26 آب فوجئنا بجماعة الصحة وهي تختم الحظائر بعد أن تلقى بعضنا إنذارات تستوجب التنفيذ فوراً ودون تحديد أي مهلة (فلماذا هو إنذار!) أخرجوا الأبقارمن الحظائرثم ختموها بمرافقة عناصر أمنية . المزارعون هنا أناس بسطاء لا يجيدون سوى التعامل مع الأرض فاستسلموا طائعين, ماذا سيحل بالأبقار المرمية تحت الشمس وكم سيؤثر ذلك على قدرتها الإنتاجية ? أسئلة لا تشغل بال من جاء لينفذ الأوامر فقط! يملك كل مزارع بيننا - يتابع مصطفى - عدداً مختلفاً من الأبقار تشكل ثروته الصغيرة التي تؤمن معيشة أسرته وأسر العاملين معهم في الأرض ولا يمكننا الاستغناء عنها, فإن كانت تربية الأبقار في البساتين ممنوعة فأين تربى إذاً! نحن هنا منذ عشرات السنين نمارس ذات الأعمال من زراعة محاصيل وخضراوات وتربية أبقار وبعض الدواجن والنحل , إنها الحياة الريفية المتوقع وجودها في مثل هذا المكان! هذه منطقة زراعية وليست سكنية بل يمنع القانون البناء فيها إلا لمسكن ريفي لاتتجاوز مساحته 100 م2 (أي 2% من مساحة الأرض) وبطابق واحد يخصص للأغراض المعدة للخدمة الزراعية ولسكن المستثمر الزراعي...‏

يقول شيخ بصوت لا يكاد يسمع: الشغلة مو شغلة بقر!! نحن دراويش على باب الله ولم نضايق أحداً , يريدون استملاك الأراضي وإغلاق الآبار! بل لقد قطعوا مياه ساقية الري عنا وخلال هذا العام لم تصلنا مياهها سوى لمدة 15 يوماً فلماذا يفعلون كل ذلك?‏

تنفيعة صريحة‏

يتابع ذلك الشيخ: طلبوا منا ترحيل الأبقار إلى شرق المدينة في دير بعلبة حيث لا ماء ولا كهرباء وتعود ملكية تلك الأرض لأربعة أشخاص وليس من مقاسم فيها للبيع,وثمة خلاف قانوني حولها! بصراحة هذا العمل فيه تنفيعة لمن اشترى تلك الأراضي في دبر بعلبة ! ثم كيف سنربي أبقاراً هناك ونحن نعيش هنا في البساتين, قد تصلح لمخازن وليس للتربية فهل سأحمل العلف ومخلفات البستان إلى هناك لأطعم الأبقار, إنها تعيش على مخلفات المحاصيل والخضراوات التي نزرعها! نحن هنا منذ عشرات السنين وسكان الفيلات هم الطارئون على المكان.‏

البساتين بالأرقام‏

تحتل البساتين الجهة الغربية لمدينة حمص قبل التوسع لكنها غدت في موقع القلب منها بعد توسع المخطط التنطيمي وتبلغ المساحة الكلية للبساتين ضمن الحدود الإدارية 1800 هكتار وثمة مساحة إضافية من جهة الشمال والجنوب الغربي حتى بحيرة قطينة. وفقاً لمعلومات المزارعين الذين قابلتهم وعلى رأسهم رئيس جمعية المربين :‏

هناك 2700 رأس من الأبقار الحلوب حسب إحصاء الثروة الحيوانية لعام 2007 للمزارعين التعاونيين (أي ضمن جمعيات تعاونية ولها مخصصات علفية) و500 رأس لأفراد غير تعاونيين وبعبارة أخرى هناك 3200 رأس يبلغ إنتاجها من الحليب حوالي 40-45 طناً/يوم, ويصل إنتاجها السنوي من اللحوم إلى حوالي 1100 طن. هناك 350 عائلة وربما أكثر تعيش في البساتين ويستخدمون للعمل في الأرض معهم 150 عائلة أخرى أي أن العمل في هذه الأرض يوفر العيش الكريم ل 500 عائلة, أما إنتاج البساتين فيغذي سكان المدينة بالكامل وهذه الدورة من العمل والانتاج توفر فرص عمل لكثيرين كالطبيب البيطري وبائع الحليب واللبن والجزار والبقال و...

 أي أنها تساهم في تشغيل 1200 عامل تقريباً! من جهة أخرى يستخدم المربون مخلفات العملية الزراعية في تربية الأبقار ولو جمعت تلك الفضلات والمخلفات لتكدست مئات الأطنان منها ولكننا نحولها إلى علف للأبقار, وتستخدم مخلفات الحيوانات كسماد طبيعي للأرض الزراعية فنحن لا نستخدم أسمدة كيماوية (ربما اليوريا فقط وبكميات ضئيلة للغاية) ولذا فإن إنتاجنا الزراعي طبيعي 100% وهذا ما تفتقر إليه بلدان العالم أجمع.‏

بعد مراجعة مديرية زراعة حمص التي بدت وكأن الأمر لا يعنيها من قريب أو بعيد, استطعنا الحصول على الإحصاءات التالية: عدد رؤوس الأبقار في بساتين حمص المسجلة في القطاع التعاوني والإفرادي: 2635 رأساً, تنتج من الحليب ومشتقاته 6851 طناً سنوياً, ويبلغ إنتاجها من اللحوم 128 طناً سنوياً.‏

ترحيل الأبقار .. اقتصادياً‏

يرى المزارعون بأن إخلاء البساتين من الأبقار يعني لجوءهم إلى بيعها,لأنهم لن يذهبوا إلى آخر المدينة ليربوها هناك, عملياً يوجد 6000 رأس بين أبقار وعجول, ومنها ما هو غير مسجل في إحصاء مستحقات الأعلاف إذاً ستباع إما للمسلخ البلدي حصراً فثمة جزء من الأبقار لن يشتريه التجار أما النسبة الأكبر منها فهي أبقار ذات نوعية جيدة جداً لأن المزارع يعتني بها كما يعتني بأولاده وهي ما سيشتريه التجار الذين سيقومون ببيعها ثانية خارج القطر وبهذه الطريقة تهرّب الثروة الحيوانية من البلد (لعلنا لم ننس ما حصل في بيع أو تهريب الماعز الشامي!)‏

الفلاح ليس بخير‏

يؤكد المزارعون أن شعار الاتحاد العام للفلاحين لهذا العام كان: عندما يكون الفلاح بخير يكون الوطن بخير ولكن الفلاح ليس بخير, ويؤكدون أيضاً أن مجلس الوزراء في اجتماع له مؤخراً أوصى معامل الألبان والأجبان بإنشاء مزارع للأبقار خاصة بها كي لا تنقص كميات الحليب من الأسواق وبما يؤثر سلباً على أسعارها. ويقولون: بمثل هذا القرار الذي أصدره السيد محافظ حمص يتم ترحيل الأبقار من بيئتها الطبيعية من أجل عدد ضئيل من سكان خالفوا القانون وبنوا فيلات في أراض زراعية و حولوا أجزاء منها إلى مستودعات للسيارات وغيرها وإلى صالات للأفراح ومسابح.. فأين نحن من شعار اتحاد الفلاحين?!‏

غمز.. ولمز‏

يقولون:‏

- حسب قانون الاستثمار العقاري الجديد ثمة إمكانية لتحويل ملكية هذه البساتين من ملكية خاصة إلى ملكية عامة وهذا ما تنوي المحافظة القيام به, إذ يخططون لسحب السكان في البساتين إلى شريط سكني يبنى لهم على طرف البساتين وفق مخططات مشروع حلم حمص.‏

- حسب قانون الاستثمار العقاري الجديد لا عقبة أمام محافظة حمص سوى الفلاح, فمع أصحاب الفيلات تبقى المشكلة مادية تحلها الأموال ولكن مسألة الحزام الأخضر وعمل المزارعين كيف ستحل?!‏

- تنجز المحافظة مخططات استثمارية لتأتي بأجانب من الخارج ليستثمروا هنا فماذا عن أبناء البلد? سيأتون بشركات أجنبية أو خليجية لنعمل عندهم (جنيناتية) في ملاعب الغولف وسقي الشجروبعد أن كنا سادة الأرض نعمل فيها أجراء!‏

- إذا كانت روائح الحظائر تزعج السكان - المخالفين - فماذا عن روائح المصفاة والأسمدة ومعمل السكر ومحطة معالجة الصرف الصحي!?‏

- لم نصبح بلداً صناعياً بعد لنتخلى عن الزراعة ونستثمر في الخدمات والترفيه, في حين تعلو الدعوات في أرجاء العالم - بعد الأزمة الغذائية الأخيرة وانتشار الجوع - للعودة إلى الطبيعة واللجوء إلى الاقتصاد المنزلي الذي يحقق اكتفاء ذاتياً لكل عائلة ويكرس مبدأ الاعتماد على الذات.‏

- لو توقف إنتاج هذه البساتين من الحليب, ما الخلل الذي سيحدث لسكان المدينة وأطفالها ومشافيها?‏

- لا يكفي اعتماد الأسرة العاملة في البساتين في مصروفها على الأرض وحدها كليا,ً لذا تلجأ إلى بيع العجول خاصة بعد ارتفاع سعر المحروقات والتي تشترى بسعر غير مدعوم.‏

- إن مخصصات الأعلاف التي توزع للبقرة الواحدة لا تكفي لتعليف خروف!?‏

تعاطف من وراء المكاتب‏

حين أثير موضوع البساتين وترحيل الأبقار قام المعنيون برفع الكتب عبر الفاكسات دون اي موقف عملي ميداني بحجة أن هناك من قال لهم إن هذه المنطقة دخلت الحدود التنظيمية ولكن ألم يخطر لأحدهم أن يتحرى دقة المعلومات? وكل مسؤول يضرب على صدره متعاطفاً ثم يرفع كتاباً للجهة الأعلى إلى أن يصل الموضوع إلى رئاسة مجلس الوزراء وحينها يكون المثل الشائع (اللي ضرب ضرب, واللي هرب هرب!!).‏

في اتصال مع السيد زياد باكير رئيس اتحاد فلاحي حمص أجاب بنفس الطريقة أي رفعوا عدة كتب لكل الجهات المعنية وزودنا بنسخة عنها (إلى: مكتب العمال والفلاحين في فرع الحزب, الاتحاد العام للفلاحين, مكتب العمال والفلاحين القطري...,)‏

موجبات القرار‏

وفق كتاب رئيس رابطة المركز الغربي 125/ ص تاريخ 8/ 5/ 2008 الموجه إلى اتحاد فلاحي حمص علمنا أن مجلس مدينة حمص والمحافظة وجها بضرورة قيام المشرف الفني المختص في جمعية البساتين بمراقبة الحظائر وإلزام أصحابها بتطبيق الشروط الصحية وبعد أن تبين عدم التزامهم, أنذر المربون أكثر من مرة وقد رأى الطبيب البيطري الذي قام بالكشف الميداني ان القسم الأكبرمنهم تخلى عن تربية الأبقار والقسم الثاني يربي ضمن الشروط الصحية ويلتزم بعدد رؤوس البقر المطلوب (5 فقط) أما القسم الثالث فلا يلتزم بذلك (اثنان من المربين فقط!)‏

المحافظة وإجابات مختارة‏

للوقوف على كافة الآراء توجهت بأسئلة مكتوبة للسيد محافظ حمص المهندس محمد إياد غزال وتابعت الأمر مع السيدة مديرة مكتبه ومع المكتب الصحفي وحصلت على إجابات وأعرض للقارئ الأسئلة والأجوبة:‏

سؤال: استند قراركم رقم 6274 تاريخ 21/ 7/ 2008 بشأن الحظائر ضمن البساتين إلى قانون الإدارة المحلية رقم 15 لعام 1971 وتعديلاته وحسب رأي القانونيين يستند القرار عادة إلى مواد اللائحة التنفيذية له فما هو نص المادة?‏

وتقول الإجابة: إن ذلك القرار (6274) هو قرار تشكيل لجنة متابعة مهمتها متابعة تنفيذ القرارات الصادرة بخصوص زرائب الأبقار في منطقة البساتين, لقد نصت المادة 24 من القانون 49 لعام 2004 على منع تربية الحيوانات والمواشي والطيور والدواجن ضمن الأبنية وبين الدور الآهلة بالسكان في مدن مراكز المحافظات وبناء على اجتماع لجنة فنية مشتركة في المحافظة ممثلة من كافة الجهات المعنية وهي اتحاد الفلاحين ومديرية الزراعة ومجلس مدينة حمص تم إقرار ما تضمنه كتاب المحافظة رقم 2222/ص/ 10 من منع الحظائر وتربية العجول في منطقة البساتين. (ليس من إشارة إلى القانون 49 في اي كتاب يتعلق بالموضوع مما بين أيدينا)‏

سؤال: يشير كتابكم رقم 2222/ ص/ 10 تاريخ 21/ 7/ 2008 إلى الأثر السلبي لزرائب الأبقار على الصحة والبيئة ولكن وفق المعلومات المتوفرة لدينا فإن ما تتسبب به الفيلات المشادة في البساتين من تلويث للبيئة أكبر مما تسببه الأبقار نتيجة لعدم وجود صرف صحي بل (حفر فنية) ولا تتوفر حاويات للقمامة هناك? بقي هذا السؤال بدون إجابة!‏

سؤال: تدخل البساتين في الخطة الانتاجية الزراعية لمدينة حمص وهي مكونة من شقين: نباتي وحيواني, ألا تعتقدون أن ثمة أثراً سلبياً سينجم عن خروج هذه المنطقة من الخطة الزراعية من الناحية الحيوانية على الأقل وبشكل أولي وفي حال تنفيذ القرار ما هي البدائل?‏

جواب: إن نظام الضابطة والمحافظة لا تمنع من أعمال الزراعة في البساتين وبالتالي فإنه لا يوجد أي عائق بتطبيق الخطة الإنتاجية الزراعية المعتمدة لهذه المنطقة (ويبقى الجزء الأهم من السؤال دون إجابة أيضاً !)‏

سؤال: يقول المزارعون بأن لمنطقتهم هذه حق ارتفاق بمياه ساقية الري وهي لأغراض زراعية لكنها هذا العام لم تزودهم بالمياه لأكثر من 15 يوماً فقط?‏

جواب: لا إجابة أيضاً!‏

سؤال: نود أن نعرف ما هي الصفة التنظيمية لهذه البساتين فالبعض يقول إنها منطقة حزام أخضر لا يجوز المساس بها أو البناء فيها, وبعض آخر يقول لقد دخلت الحدود التنظيمية للمدينة فأين الصحة في ذلك?‏

جواب: إن نظام ضابطة البناء المطبق حالياً على منطقة البساتين والمصدق منذ عام 1996 يسمح ببناء مسكن زراعي بمساحة 100 متر مربع على العقارات التي لا تقل مساحتها عن 5000 م2 ويمنع أي عمل لا يتعلق بالزراعة.‏

سؤال: حسب معلوماتنا يعتبر بناء الفيلات في البساتين مخالفاً للقوانين فهل هذا صحيح?‏

جواب: إن وجود مخالفات أبنية ضمن منطقة البساتين هي حالة فساد غير مقبولة قديمة حديثة تعود إلى عشرات السنين وقد تمت إشادتها بسبب عدم تطبيق الأنظمة من قبل عناصر مجلس مدينة حمص المسؤولة عن هذه المنطقة وإن المحافظة تقوم حالياً بالتحقيق بهذا الموضوع وستتم محاسبة المسؤولين عن ذلك وفق الأنظمة النافذة وإن نظام ضابطة البناء لم يحدد مواصفات السكن الزراعي من حيث الإكساء وإنما حدد المساحة فقط (سيكون لنا وقفة في فقرة تالية مع هذه الإجابة)‏

سؤال: ما هو مستقبل منطقة البساتين في ضوء مشروع حلم حمص القادم?‏

جواب: بناء على أحكام القانون (1) لعام 2003 وتعليماته التنفيذية والذي سمح بتسوية المخالفات القائمة قبل نفاذ القانون أصدر مجلس مدينة حمص القرار رقم (66) لعام 2003 يتضمن في بنوده تسوية الأبنية القائمة ضمن منطقة البساتين لقاء غرامات ضعف المنفعة وإن هذا القرار يعمل به منذ عام 2003 وقد تم إيقافه بتاريخ 1/6/2008 بناء على مشروع تعديل للقانون (1) تقدمت به رئاسة مجلس الوزراء يتضمن إلغاء تفويض المجالس المحلية بإصدار قرارات تسوية لمخالفات قائمة على أن يتم إصدار تعليمات واضحة تصدر من وزارة الإدارة المحلية والبيئة تحدد نوع المخالفات التي يمكن تسويتها وتعمم على كافة المجالس المحلية في المحافظات.

ومن خلال دراسة الواقع الفعلي تبين أن الأنظمة القائمة لم تستطع إيقاف البناء والمخالفات على البساتين فكان لا بد من إيجاد حل جذري للمحافظة على البساتين كمناطق خضراء وبناء على ذلك تقوم محافظة حمص ومجلس المدينة بإعداد دراسات تخطيطية وتنظيمية لمنطقة البساتين ضمن مشروع حلم حمص لمنع ازدياد البناء عليها وإزالة المخالف منها .‏

دخان أقوى من النار‏

ثمة دراسة لمنطقة البساتين قام بها مجلس المدينة. بعد أن تصف هذه الدراسة المنطقة تتطرق إلى نظام ضابطة البناء فيها والذي يعرض عدة بنود لمواصفات البناء فيها ومن ذلك أن البناء يخصص للأغراض المعدة للخدمة الزراعية وسكن المستثمر الزراعي أي لايتضمن ذلك إقامة صالات للأفراح أو مستودعات للسيارات أو....! ثم لا يجوز إشادة أي ملحقات أخرى ليس لها علاقة بالزراعة كالمسابح والطرقات المعبدة وغيرها وكل مخالفة لهذه المواد تخضع للهدم وكذلك كل استعمال مخالف يختم بالشمع الأحمر (علينا أن نبل هذا الكلام ونشرب ماءه وليذهب أي شخص ليرى ماحلّ بالبساتين!

 ويكفينا اعتراف المحافظة بوجود الفساد ولكن أليس مستغرباً أن كل التصريحات السابقة لرؤساء مجالس المدينة المتعاقبين نفت وبشكل قاطع كل الارتكابات وبررت وسوّت المخالفات وقبضت الكثير والكثير لكن أحداً منهم لم يحاسب? وهل يمكننا الاطمئنان إلى اعتراف المحافظة بعدم قدرة القانون وعجزه عن منع المخالفات دون أن نفكر بأن ذلك مقدمة لتبرير ما سيكون غداُ من تحويل ملكية البساتين من ملكية خاصة إلى ملكية عامة والتصرف بها! وإذا كان القانون عاجزاً عن الردع هل ستتمكن الاستثمارات من ذلك أم أننا سننتقل من تحت الدلف إلى تحت المزراب?!‏

نظرة مادية بحتة‏

تبين الدراسة المشار إليها أعلاه (والتي وصلت نسخة منها إلى شركة خليجية ستعمل على دراسة مشروع حلم حمص) إلى القيمة الاقتصادية لمنطقة البساتين إذ تبلغ قيمة المتر المربع الواحد من هذه الأراضي 3500 ليرة وسطياً ولم تعد تحقق الجدوى الاقتصادية من عملية البستنة فقيمة الأرض أعلى بكثير من المردود الاقتصادي الاستثماري الذي يتحقق بالزراعة وتضرب مثلاً: سعر الدونم يتراوح بين 2- 10 ملايين ليرة بينما لا يتجاوز مردود هذه المساحة سنوياً مئة ألف ليرة. تؤكد ذات الدراسة أن نسبة البناء في البساتين (أي المخالفات) ستصل إلى 40%عام 2040 ولذا تسعى المحافظة ومجلس المدينة إلى استراتيجية فعلية للحفاظ على هذه المساحة الخضراء برؤيا بعيدة الأفق زمنياً.

ولكن ما هي البدائل للحصول على ما تنتجه منطقة البساتين زراعياً وحيوانياً من منتجات? وماذا عن فرص العمل التي ستشطب لأهل المنطقة?!‏

سوزان ابراهيم
(126)    هل أعجبتك المقالة (116)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي