لم تعد تقتصر معاناة المدنيين في المناطق المحررة أو المحاصرة على انتهاكات النظام المستمرة خلال سنوات الثورة من قصف صاروخي وجوي ومدفعي وتدمير للبنى التحتية والبيوت على رؤوس ساكنيها، بل تجاوز الأمر ذلك وصولا لظاهرة التلوث البيئي وانعكاساته السلبية نتيجة التجميع العشوائي للقمامة بالقرب من المناطق السكنية.
ويضطر العاملون بالمجال الخدمي في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة لتجميع النفايات في مكبات عشوائية وذلك لوجود معظم المكبات المخصصة في المناطق الملتهبة والتي تشهد اشتباكات مستمرة بين قوات النظام وميلشياته من جهة والثوار من جهة أخرى.
الناشط الإعلامي "ثائر الحمصي" المقيم في حي "الوعر" المحاصر يؤكد لـ"زمان الوصل" أن التلوث من أخطر المشاكل التي يواجهها سكان الحي، وخاصة الأطفال نظرا لعمليات تجميع النفايات العشوائية وامتلاء الشوارع بها، مشيرا إلى رفض قوات النظام إخراج أكياس القمامة ولجوء الأهالي إلى حرقها بشكل يومي في ظل عدم توفر إمكانيات لطمرها تحت الأرض.
وفي السياق ذاته يقول "رمزي أبو نبوت "مدير الهيئة العامة للخدمات المدنية في درعا" إن عملية نقل النفايات سواء كانت للقمامة أو للردم والشظايا التي تخلفها طائرات النظام ومدافعه وصواريخه تتم بطرق بدائية جدا لا تتماشى مع حجم المشكلة التي يعاني منها السكان المحليون".
ويتابع أبو نبوت :"في مناطق حوران المحررة يوجد العديد من المكبات التي خصصتها الهيئة العامة للخدمات تنتشر في أحياء درعا البلد وريفي درعا الغربي والشرقي، معظمها قريب جدا من التجمعات السكنية ما قد تسبب بانتشار الحشرات والأوبئة وخاصة مع انتهاء أشهر الشتاء وقدوم الصيف".
ويبدو الوضع في مدينة "درايا" المحاصرة أكثر تعقيدا بحسب ما وصفه الناشط الإعلامي "حسان الديراني" لـ"زمان الوصل"، فالنفايات هناك ليس لها مكب مخصص إنما يقوم كل تجمع سكاني بتخصص مكان قريب منهم لإلقاء القمامة نظرا لعمليات القنص المستمرة من قبل قوات النظام والتي تمنع الأهالي من التنقل في الشوارع الرئيسية للمدينة، مشيرا إلى تحذيرات أطباء المشفى الميداني المستمرة من الاستمرار في الإلقاء العشوائي للنفايات.
*أمراض بالجملة ضريبة المكبات العشوائية
ومن الناحية الصحية يبيّن الدكتور "خالد عبد الرحمن" لـ"زمان الوصل" أن تراكم النفايات داخل المناطق السكنية المأهولة وعدم ترحيلها والتخلص منها بشكل فني صحيح يعتبر من المشاكل الصحية الخطيرة التي تحدث أمراضا يمكن أن تأتي على شكل جائحات، فالبيئة ملائمة لتكاثر الجراثيم والذباب والصراصير والفئران والجرذان وذبابة الرمل.
ويتابع عبد الرحمن:"من أهم الأمراض التي تصيب الإنسان من جراء هذه المشكلة هي التيفوئيد المنتقل بواسطة الذباب، الإسهالات المختلفة بجراثيم معوية متنوعة، الزحار الحاد والمزمن، والكوليرا المسببة لوفيات سريعة. أما من ناحية الجلد فقد يصاب الشخص بالتقيحات والدمامل ولسع الحشرات والجرب والقمل واللايشمانيا الجلدية".
ويحذر الطبيب الجهات المختصة والقادرة على إنشاء مكبات بعيدة عن تجمعات المدنيين من خطورة التهاون في هذ المشكلة وخاصة مع إمكانية تلوث مياه الشرب في حالات تسرب النفايات لباطن الأرض ما يعني تضرر جميع من يتواجد في هذه الأماكن.
يشار إلى تعرض العديد من المدنيين وخاصة الأطفال في المناطق المحاصرة من غوطتي دمشق الغربية والشرقية لجملة من الأمراض المتعلقة بالتلوث البيئي كالنغف والتيفوئيد والكوليرا والتي أدت لوفيات خلال السنوات الماضية.
إيلاف قداح - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية