في أحد الاحتفالات الغنائية الموسيقية التي أقيمت في مخيم شاتيلا ببيروت وقفت طفلة من المخيم لم تتجاوز التاسعة من عمرها وقالت "نحن هنا لنحتفل بالفرح والمحبة لعيون علي أبو طوق...لا نحب أن نحقد على أحد ولا أن يحقد علينا أحد... صباح الخير يا علي".
و"علي أبو طوق" الذي تمر هذه الأيام ذكراه الـ28 اسم كُتب بحروف من ذهب في ذاكرة الثورة الفلسطينية، وإن كان أدعياء هذه الثورة اليوم يحاولون بكل ما أوتوا من نفوذ وتأثير أن يطمسوا حضوره الثوري المضيء في ذاكرة الفلسطينيين.
ولد القائد العسكري علي أبو طوق في مدينة حمص عام 1950 لعائلة فلسطينية هاجرت إليها من مدينة حيفا.

التحق بصفوف حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح عام 1967، كما شارك في تأسيس اتحاد طلبة الضفتين في الأردن وساهم بشجاعة في تجربة قوات الفدائيين الفلسطينيين في القطاع الشمالي.
وشارك في معارك أيلول وأحراش جرش ومعارك إربد دفاعاً عن الثورة، وفي لبنان قام أبو طوق بدور نشط وفعال في نشاطات الاتحاد العام لطلبة فلسطين، حيث انتخب عضواً في الهيئة الإدارية وبرز نشاطه بإنشاء الروابط الاتحادية الثانوية على المستوى اللبناني والفلسطيني منذ العام 1972. وبرز دوره في قيادة الجسم الطلابي في معارك نيسان ومعارك أيار 1973 حيث كان أحد قادة محور جسر الكولا - الجامعة العربية.
وكان واحداً من أبرز قيادات الجبهة الوطنية الطلابية في لبنان-بحسب وكالة وفا الفلسطينية- .
وفي العام 1976 كان أبو طوق واحداً من أهم مؤسسي الكتيبة الطلابية حيث عمل مع إخوانه بقدرة تنظيمية وفكرية على نقل الموقع التنظيمي الطلابي إلى موقع القوات العسكرية للثورة الفلسطينية. وفي العام 1977 تحول اسم الكتيبة الطلابية إلى كتيبة الجرمق -وهو اسم جبل في فلسطين المحتلة- ودخلت ضمن تشكيل قوات العاصفة الذراع المسلح لفتح.
وكان الشهيد أحد أركان الكتيبة الذين بذلوا جهوداً عظيمة في تحقيق انتصارات الثورة في منطقة بنت جبيل ومارون الرأس.
وشارك الشهيد عام 1978في معارك حرب آذار أثناء الهجوم الصهيوني على جنوب لبنان كقائد ذو فعالية خاصة في قيادة "الجرمق" وأشرف على قيادة معظم العمليات. وشارك بدورة خاصة لقادة وحدات الفدائيين في جمهورية الصين الشعبية.
وبين عامي 1980 و1981 برز دوره في تخطيط وإدارة مواقع الثورة الفلسطينية في منطقة النبطية قلعة الشقيف، حيث كان له الدور الأول في تخطيط وتنفيذ جميع أشكال التحصين والهندسة في المنطقة بما ترك آثاراً إيجابية عالية على مستوى التصدي لهذه والمقاومة داخل هذه المواقع أثناء الغزو الصهيوني للبنان عام 1982 كما أسهم وشارك بقيادة المعارك في هذه الحرب وأصيب للمرة الثالثة خلالها.
وتشير معلومات غير مؤكدة إلى أن علي أبو طوق استشهد في الأول من شباط /فبراير 1987 أثناء تصديه للقوات التي كانت تحاصر مخيمه شاتيلا.
وكشف عضو سابق في حركة فتح لـ"زمان الوصل" فضّل عدم ذكر اسمه، أن "قتلة أبو طوق هم حركة أمل الشيعية اللبنانية والجيش السوري اللذين كانا يحاصران مخيم شاتيلا"، مشيراً إلى أن "منظمة فتح والإعلام الفلسطيني الرسمي قبل أن يصبحا أداة بيد نظام الأسد كانا يؤكدان هذه الرواية ويوثقانها".

ولفت محدثنا إلى "أن الجيش السوري مارس آنذاك دوراً أشبه بدوره اليوم في حصار مخيم اليرموك وبقية المخيمات الفلسطينية في سوريا، حيث شدد الخناق على 13 مخيماً فلسطينياً في لبنان وأبرزها مخيمات بيروت، وعمل على تدميرها على رؤوس ساكنيها، حيث استشهد آلاف الفلسطينيين فيها ومات العشرات جوعاً بفعل سياسة الحصار ومنع إدخال الطعام والشراب فيما عُرف بحرب المخيمات، بأسلوب مماثل لما حدث في اليرموك".
وكان "علي أبو طوق"– كما يقول محدثنا- يقوم بالإشراف على المواقع الحساسة التي كانت تابعة لحركة فتح بالإضافة لمواقع التنظيمات الفلسطينية الأخرى بما فيها تنظيم فتح الانتفاضة- التابع لجماعة "أبو موسى" التي انشقت عن فتح في العام 1982 بمساعدة المخابرات السورية، وحاليا يقاتل عناصر فتح الانتفاضة إلى جانب نظام الأسد ويشاركون في حصار وقصف مخيم اليرموك- وذلك بسبب تجربة أبو طوق الكبيرة في قلعة شقيف أثناء اجتياح الاحتلال الإسرائيلي في العام 1982 وقبله.
ويضيف العضو السابق في فتح، "كان الشهيد أبو طوق يعمل على تعزيز هذه النقاط ويشرف علي حفر الخنادق لتأمين سلامة المخيم في شاتيلا والتأكد من عدم سقوطه بيد قوات أمل والجيش السوري، وبالتالي عدم تكرار التجربة التي مر بها شعبنا في مخيم تل الزعتر حين واجه أبشع المجازر في التاريخ المعاصر بأن تحالف حافظ الأسد مع القوات الانعزالية المسيحية".
وأشار محدثنا إلى أن "جيش الأسد في لبنان آنذاك استخدم حركة أمل الشيعية القذرة كأداة للقتل والتدمير حيث سلحها وأطلق يدها لتحاصر المخيمات باسم معركة الثأر لدماء الحسين بأسلوب طائفي وضيع في الثمانينات من القرن الماضي وهو الأسلوب ذاته الذي استخدمه حزب الله ولا يزال في التجييش الطائفي ضد السوريين والفلسطينيين على حدٍ سواء داخل سوريا".
ويتابع العضو الفتحاوي السابق "أن أبو طوق كان طالباً جامعياً وشكل كتلة طلابية فلسطينية بلبنان حاربت فساد فتح والفصائل، كما شكّل كتيبة عسكرية حاربت إسرائيل، وكانت القيادة الفلسطينية آنذاك تخشى أن يتحول إلى رمز أو ملهم للشبان الفلسطينيين لأنه كان يتمتع بقاعدة شعبية في المخيمات وانفتاح على الفئات الجماهيرية".
ويضيف قائلاً: "هذه المشكلة هي مشكلة كل نظام أو جهة حاكمة عربية مع فئة الشباب الثوري لأنهم لا يريدون الدم الجديد أن يمسك بالقرار ويعملون جاهدين لتحجيم النخبة المثقفة والطاقات القيادية". مبينا أن "هذا ما أوصلنا إلى حالة التهلهل والتهميش التي يعيشها الشباب العربي اليوم ودفعه للثورة، وللفلسطينيين ثورتان ضد الاحتلال وضد المنظومة الفاسدة وهنا المعضلة".
وشبّه محدثنا حياة "الشهيد علي أبو طوق" بشهداء اليرموك "أحمد الكوسى" و"منير الخطيب" و"جمال خليفة" و"أيمن جودة" وجلهم من أبناء حركة فتح بالإضافة لنشطاء آخرين من مختلف الألوان السياسية الفلسطينية.
فهم -كما يقول- حماة مخيم اليرموك الذين قضوا دفاعاً عن وجود أهله الطيبين في مواجهة العدو ذاته، وأضاف: "لا فرق بين شاتيلا واليرموك فالمحتوى والفكرة واحدة.. هم الدم المتجدد، الذي سينبت من مقابر شهداء المخيمات ومنافيهم ولن يستطيع أحد تغييبه".
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية