قدمت الدول الكبرى على رأسها أمريكا وروسيا، تحالف "قوات سوريا الديمقراطية"، بقيادة حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)، خلال الأشهر الأربعة الأولى من عمره، على أنه "جيش سوري ديمقراطي"، في محاولة لنسف آخر تصور لدى السوريين و"الدول الصديقة" لهم بوجود ثورة انطلقت في آذار 2011، ضد نظام حكم بوليسي، وتأكيد مفهوم "الحرب الأهلية" الذي تتداوله معظم وسائل الإعلام ووكالات الأنباء العالمية.
وعمدت الدولتان المتنافستان إلى جمع أذرع حزب الاتحاد الكردي العسكرية مع كتائب أخرى صغيرة مهمتها توفير صفة التنوع العرقي على هذا التحالف، الذي لم يمنعه تغيير الاسم من متابعة انتهاكاته بحق السكان العرب، الذين يشكلون غالبية سكان مناطق سيطرته، ضمن إدارة ذاتية أعلنها PYD قبل عامين شمال سوريا بموافقة، أمريكا وروسيا بعد تقاطع مصالحهما في إزاحة الفصائل الثورة بما فيها الإسلامية عن الحدود مع تركيا.
ولا يخفى على متابع أن الغالبية الساحقة من عناصر "تحالف القوات الديمقراطية"، هم من المقاتلين الأكراد بقيادات كردية أجنبية يدفع بهم على جبهات القتال مع تنظيم "الدولة الإسلامية"، دون جبهات قوات النظام، التي باتت محمية بعد عمل كتائب هذا التحالف كقوات فصل بين جبهات النظام والتنظيم، مع فارق اشتعال جبهاتها الجنوبية مع التنظيم بينما لا تبدو أنها مستعدة لمعركة مع قوات النظام، فهي لا تحفر الخنادق ولا توجه المدافع على مناطق سيطرة النظام في مدينتي القامشلي والحسكة ومحيطهما.
كانت حسابات روسيا وأمريكا خاطئة، فكتائب حزب الاتحاد الديمقراطي، بقيادة صالح مسلم، هي المتحكم بكل شيء، وخاصة أنها تدير المناطق القديمة والجديدة بعد انسحاب تنظيم "الدولة"، عبر مليشيات "آساييش" (الاستخبارات والأمن) والحماية الجوهرية ومجموعات تطلق عليها "مكافحة الإرهاب"، وهذه جميعها ليست منضوية ضمن التحالف العسكري "قوات سوريا الديمقراطية"، وذلك يقلل من قدرتهما على خداع السوريين في هذه المناطق بـ "وطنية" هذه القوات، التي تتهم فصائل الثورة بالارتباط بالخارج بينما تأخذ هي أوامرها المباشرة من دول بعينها، فضلا عما يشاع عن ارتباطها بالنظام.
* "الهول"
أفاد الأهالي النازحين عن ناحية "الهول"، بأن عناصر ميليشيا منضوية تحت لواء "قوات سوريا الديمقراطية" تشن هذه الأيام، وبالتزامن مع تحضيرات جنيف، حملات نهب وسرقة لمنازلهم والمحلات التجارية في قرى الناحية، مؤكدين أن هذه الحملة جاءت بعد مظاهرة خرج فيها أهالي بلدة الهول بتاريخ 16/6/2016م، طالبوا فيها بالعودة لمنازله رافعين شعار (الشعب يريد الهول بالتحديد)، وذلك بعد احتجازهم.
وكان الأهالي خرجوا في مظاهرتين ضد تحالف "القوات الديمقراطية"، منطلقين من قرية "أبو حجيرة خواتنة" غرب بلدتهم "الهول"، التي تمنعهم حواجز تحالف "القوات الديمقراطية" من دخولها، لكن حواجز الأخيرة، التي يترأس مجلسها السياسي، هيثم مناع، أطلقت الرصاص على جموع الناس من الرجال والنساء والأطفال لتفريقهم، وإعادتهم إلى قرية "أبو حجيرة خواتنة"، حيث تحتجزهم فيها منذ أشهر، ولا تسمح لهم بالتنقل إلى أماكن أخرى، في حين تزداد الأوضاع الإنسانية لهم سوء، مع قلة المواد الغذائية وارتفاع في أسعارها، وعدم وجود منظمات إغاثية لتساعدهم، وفقاً للسكان.
وأضاف السكان أن مسلحي هذه القوات الديمقراطي، المدعومة دولياً، سرقت خلال حملتها الأخيرة منازل قرية "النفايل" أيضاً، كما حاصروها لاعتقال الشباب بحجج عدة، بعد عودة الناس إلى منازلهم، التي غادروها قبل أشهر تحت التهديد بالقصف والحرق من عناصر "تحالف قوات سوريا الديمقراطية".
*مظاهرات تصمّ عنها الآذان
كما خرجت مظاهرات للسكان المحليين في مناطق عدة، ضد تحالف "قوات سوريا الديمقراطية"، وضد حزب الاتحاد الديمقراطي، الذي تشكل ميليشياته العمود الفقري لهذه القوات، واجهها الحزب بالرصاص في مدينة "صرين" شرق حلب، حيث قتل مسلحو الحزب مدنياً وجرحوا 4 غيره خلال فض مظاهرة الجمعة الأخيرة من تموز/يوليو 2015، والتي خرجت تنديدا بقرار تهجير من بقي من أهالي البلدة البالغ حوالي 4000 مدني باتجاه قرية خاضعة لسيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية"، بعد سيطرة الحزب على المدينة في 27 / 7 / 2015.
تكرر ت مظاهرات السكان ضد حزب الاتحاد، دون أن يسمع صوتهم خارج مناطقهم، فخرجوا في جمعة أخرى بريف الرقة، في 25/12/2012، كما أصدر "تجمع عشائر الرقة" بعد اجتماع له في تل أبيض وسلوك وريفيهما، بياناً شديد اللهجة ضد مسلحي الحزب الكردي، بعد قتله "مصطفى الهبال"، أحد عناصر "لواء ثوار الرقة" في قرية "العنتر" بريف تل أبيض الغربي، وقرر "تجمع العشائر" منع "دخول أي عنصر للحزب إلى مناطقه، واعتبار التهجير بحجة التنظيم عملا ممنهجاً ومنظم لتهجير عشرات القرى العربية في تل أبيض وسلوك"، موضحاً أن قيادات كردية غير سورية تقود المسلحين هناك، لكنه تراجع عن كل ذلك تحت ضغط أمريكي، حيث طلب من جبهة ثوار الرقة إعلان انتمائها لـ"القوات الديمقراطية" وحل "جيش العشائر"، حسب مصدر من تجمع العشائر ذاته.
*انتهاكات بالأرقام
أكدت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، في تقريرها الصادر بتاريخ 18 كانون الثاني/يناير 2016، أن قوات الإدارة الذاتية، قتلت 407 مدنيين، بينهم 51 طفلاً، و43 سيدة على يد حزب الاتحاد الديمقراطي وقوات الإدارة الذاتية، التي تشكل أحزابها أغلب أعضاء "مجلس سوريا الديمقراطية"، بزعامة هيثم مناع أمين عام تيار "قمح".
وسجل تقريرها ارتكاب قوات حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي 3 مجازر تحمل صبغة تطهير عرقي في قرى "الأغيبش" و"الحاجية" و"تل خليل" وبلدة "تل براك" في الحسكة، واعتقال ما لا يقل عن 1651 شخصاً، بينهم 111 طفلاً، و88 سيدة، بينما بلغ عدد الضحايا بسبب التعذيب ما لا يقل عن 16 شخصاً، كما جندت أكثر من 1876 طفلاً في مناطق مختلفة من ريف حلب والحسكة.
وأشار التقرير إلى انتهاكات تحالف "سوريا الديمقراطية"، الذي تشكل في تشرين الأول اكتوبر/ 2015، في ريف حلب الشمالي، وغلى ان الانتهاكات ترافقت في بعض الأحيان مع صبغة عرقية، أدت إلى فرار عشرات الآلاف من سكان تلك المناطق، أغلبيتهم من العرب وبعضهم من القومية التركمانية.
وسبق أن كشفت منظمة العفو الدولية، في تشرين الأول 2015 –أي بعد يومين من إعلان أمريكا تشكيل قوات سوريا الديمقراطية- أن القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة أجلت قسريا آلاف المدنيين السوريين، معظمهم من العرب، وهدمت عدة قرى في شمال سوريا، وينظر إلى ذلك الإجراء باعتباره انتقاما من السكان لتعاطفهم مع مقاتلي تنظيم "الدولة" ومسلحين آخرين.
*إصرار روسي
وجه مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا، ستفان دي ميستورا، دعوات إلى المشاركين السوريين في المحادثات بين المعارضة والنظام في 29 من كانون الثاني/ يناير 2016 في جنيف، اليوم الثلاثاء، وفقا للمعايير التي وردت في قرار مجلس الأمن 2254، حسب بيان الأمم المتحدة.
وتحدثت مصادر كردية، عن توجه صالح مسلم، وهيثم مناع، وعبد السلام مصطفى، ورندة قسيس، وممثلين عن الإدارة الذاتية إلى سويسرا بعد دعوة رسمية من وزارة الخارجية السويسرية، فيما نقلة وكالة "هاوار" المقربة من حزب الاتحاد الديمقراطي، عن عضو الهيئة الرئاسية لـ"مجلس سوريا الديمقراطية" مرام داؤود أنهم لم يتلقوا أيّ دعوة رسمية للمشاركة في مؤتمر جنيف3، مبدياً في الوقت ذاته تفاؤله في توجيه الدعوة خلال الساعات المقبلة.
وقال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف: "نحن نسمع في الآونة الأخيرة عن شكوك لدى عضو واحد فقط في مجموعة دعم سوريا حول توجيه أو عدم توجيه الدعوة إلى الأكراد، وتحديدا إلى حزب الاتحاد الديمقراطي"، مضيفاً "لكنني أنطلق من أنه من المستحيل أن تؤدي مفاوضات تجري بلا هذا المشارك، إلى النتيجة المرجوة المتعلقة بالتسوية السياسية النهائية في سوريا".
ويقود حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)، تحالف "قوات سوريا الديمقراطية"، التي شكلته الولايات المتحدة، في تشرين الأول/أكتوبر 2015، عبر دعم أذرع الحزب العسكرية وهي: (وحدات حماية الشعب، وحدات حماية المرأة، قوات الصناديد، المجلس العسكري السرياني، بركان الفرات)، إلى جانب تجمع ألوية الجزيرة، وجيش الثوار، الذي يضم جبهة الأكراد.
يشار إلى أن فصائل التحالف الجديد سيطرت في تشرين الثاني/نوفمبر 2015، على ناحية "الهول" بريف الحسكة الشرقي، ضمن حملتها العسكرية الأولى، التي بدأت بدعم جوي من التحالف الدولي، في نهاية شهر تشرين الأول/أكتوبر 2015، كما سيطرت على سد تشرين بريف حلب ضم حملتها الثانية نهاية العام المنصرم.
الحسكة - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية