أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

شارع "المعز".. متحف مفتوح يختصر ألف عام من تاريخ مصر

يرجع تاريخ إنشاء شارع المعز لدين الله، إلى عام 969 للميلاد - الأناضول

"المعز لدين الله الفاطمي"  شارعٌ وسط العاصمة المصرية ، ومتحف آثار إسلامية مفتوح يختصر حكاية 1040 عاما من التاريخ.

وسُمي الشارع بهذا الاسم نسبة إلى المعز لدين الله الفاطمي، وهو المعز أبو تميم معدّ بن منصور، وهو أول الخلفاء الفاطميين في مصر، والإمام الرابع عشر من أئمة الإسماعيلية، حكم مصر بين عامي 953 و975، وأرسل قائده العسكري، جوهر الصقلي، للاستيلاء على مصر من العباسيين، فدخلها ليؤسس مدينة القاهرة قرب مدينة الفسطاط التي أنشأها عمرو بن العاص، لتكون أول عاصمة لمصر بعد دخول الإسلام إليها، بحسب الهيئة العامة الاستعلامات الحكومية.

  محمود إبراهيم حسين، أستاذ الآثار والفنون الاسلامية في حديث لوكالة الأناضول، يسرد قراءاته لتاريخ شارع المعز قائلا "شارع المعز لدين الله الفاطمي كان يتوسط العاصمة الملكية وقت إنشائها، وكان وقتها لا يدخلها عبر الشارع التاريخي عامة الناس إلا بتصريح خاص ويخرج قبل الغروب". 

 ويرجع تاريخ إنشاء شارع المعز لدين الله، إلى عام 969 للميلاد، أي منذ إنشاء القاهرة الفاطمية والتي يحدها باب النصر وباب الفتوح شمالاً، وشارع باب الوزير جنوباً، وشارع الدراسة وبقايا أسوار القاهرة شرقاً، وشارع بورسعيد غرباً، بحسب الهيئة الحكومية . 

وكان الشارع التاريخي وقتدئذ، بحسب محمود إبراهيم الخبير في شؤون الآثار المصرية، يقع على جانبه القصر الفاطمي الكبير والصغير، وعلى ناصيته الجامع الكبير، منه تخرج مواكب الخلفاء أثناء الصلوات الجامعة (الجمعة ، الأعياد)، والأنشطة والاحتفالات.

ويمتد شارع المعز لدين الله الفاطمي من باب الفتوح مروراً بمنطقة النحاسين، ثم خان الخليلي، فمنطقة الصاغة، ثم يقطعه شارع جوهر القائد (الموسكي)، ثم يقطعه شارع الأزهر مروراً بمنطقة الغورية والفحامين، ثم زقاق المدق والسكرية لينتهي عند باب زويلة.

محمود إبراهيم، الخبير في شؤون الآثار يعتبر شارع المعز لدين الله الفاطمي نموذجًا لتاريخ مصر المعماري الإسلامي، يعطي ملامح لطراز العمارة الفاطمية مرورا بحكم محمد علي لمصر. 

ويشتمل شارع المعز لدين الله الفاطمي، بحسب الهيئة الحكومية على مجموعة من الآثار والقيم التخطيطية والمعمارية التي يرجع تاريخها إلى مجموعة عصور متوالية منذ أُنشئت القاهرة الفاطمية وعبر عصر الأمويين والمماليك البحرية والمماليك الشراكسة، وهي فترة العصور الوسطى التي تمتد من القرن العاشر حتى القرن السادس عشر، ثم الحكم التركي والذي خلف أيضاً العديد من العناصر المعمارية والمباني الأثرية. 

" هو متحف حقيقي وليس مجازيًا لتاريخ مهم في العمارة الاسلامية مجسدا في الواقع" بهذه العبارة يؤكد محمود إبراهيم الخبير في شؤون الآثار أن شارع المعز لدين الله الفاطمي أكبر متحف مفتوح للآثار الإسلامية في العالم.

وفي عام 1979، تم تسجيل شارع المعز ضمن قائمة التراث العالمي، الذي تشرف عليه منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو)، وهي قائمة تتألف، بحسب موقع "اليونيسكو" على الإنترنت، من 878 من الممتلكات، منها 679 ممتلكا ثقافيا، و174 طبيعيا، و25 مختلطا، والمجموع موزَّع في 145 دولة، نصيب مصر منها سبع مناطق تراثية.

وبحسب مراسل الأناضول ، يجذب شارع المعز الذي شهد تطويرات حكومية لاسيما في عامي 2008 و2014 كثيرا من الزوار ليلا، بجماله الخلاب مع الأضواء التي تخرج متناسقة مبهرة على مقاره الأثرية، وخطوات المارة ما بين مصريين وسياح عرب وغربيين، لا تتوانى أن تقف على مظاهر الجمال بالشارع التاريخي وبضائع المحال الغنية بالحلي والمشغولات التاريخية.

وبحسب تقرير الهيئة الاستعلامات الحكومية، فإن الشارع "يمثل  المحور الرئيسي للقاهرة التاريخية، ويضم آثاراً متنوعة ترجع إلى عصور مختلفة، أُنشئت على مدار 1040 سنة، حيث يضم بين جنباته العديد من الآثار وتتفرع منه أهم الحارات والشوارع ذات القيمة التاريخية والأثرية". 

ويضم شارع المعز عددًا من المساجد الأثرية،‏ والمدارس‏، والأسبلة‏،‏ والقصور‏،‏ ووكالتين‏،‏ وثلاث زوايا‏،‏ وبوابتين،‏ وحمامين،‏ ووقفاً أثريا‏ً.

ومن بين أبرز المباني الأثرية في شارع المعز بحسب المصدر الحكومي:

1- باب الفتوح‏ (480 هـ ـ‏1087 م) : أحد بوابات أسوار القاهرة، أنشئ للسيطرة على مداخل القاهرة الفاطمية، بأبراج من الحجر. 

2- باب زويلة (485‏ هجرية ـ‏1092‏ ميلادية‏) : أحد بوابات أسوار القاهرة ، يتكون من كتلة بنائية ضخمة ارتفاعها ‏24‏ متراً عن المستوى الأصلي للشارع. 

3- جامع الحاكم بأمر الله (380-403هـ/990-1013م) : بني في عهد العزيز بالله الفاطمي الذي بدأ في سنة 379هـ / 989م وتوفي قبل إتمامه، فأتمه ابنه الحاكم بأمر الله 403هـ لذا نُسب إليه وصار يعرف بجامع الحاكم، وهو ثاني مساجد القاهرة اتساعاً بعد مسجد ابن طولون. 

4- مسجد وسبيل وكُتّاب سليمان أغا السلحدار: أحد أروع وأندر المساجد الأثرية بطرازه المعماري الذي جعل منه لؤلؤة المنطقة التي تزخر بالآثار الإسلامية، ويقع المسجد بشارع المعز لدين الله على يسار السائر المتجه إلى باب الفتوح.

بدأ الأمير سليمان أغا السلحدار، في عهد محمد علي باشا الكبير، تشييده سنة 1253هـ / 1837م، وأتمه في سنة 1255هـ / 1839م.

وقد شُيد المسجد على طريقة المساجد العثمانية، وهو مقسم إلى ثلاثة أروقة وملحق به سبيل ماء وكُتاب لتعليم القرآن والدين، وعدة حجرات أهمها حجرة السبيل.

5- جامع الأقمر : من أصـغر مسـاجد القـاهرة  بني عام 1125م ويعتبر  تحـفة معمـارية أصيلـة، وهو المسجد الوحـيد الـذى ينخفـض مستـواه عن سطح الأرض، وهو أول جامع توازي واجهته خط تنظيم الشارع بدل أن تكون موازية للصحن، لتتخذ القبة وضعها الصحيح، وسُمي بهذا الاسم نظراً للون حجارته البيضاء التي تشبه لون القمر. 

6 - سبيل وكتاب عبد الرحمن كتخدا : يرجع إنشاؤه إلى عام 1744م وأنشأه الأمير الكبير عبدالرحمن كتخدا، ويتكون من غرفة سبيل لتزويد العابرين بالماء، ويعلوه غرفة الكُتاب لتعليم أيتام المسلمين.

7- قصر الأمير بشتاك : أنشأه الأمير سيف الدين بشتاك الناصري، أحد أمراء الناصر محمد بن قلاوون، وهو من أفخم مباني القرن الثامن الهجري ، ويتكون من ثلاثة طوابق ‏وبه‏ ‏رسومات‏ ‏هندسية‏ ‏تمثل عند المعماريين آية للجمال.

8 - سبيل وكُتاب خسرو باشا 943هـ / 1535م : يعتبر أقدم الأسبلة العثمانية الباقية بمدينة القاهرة، ورغم إنشاء هذا السبيل في العصر العثماني إلا إنه يُعد امتداداً للنموذج المحلي المصري في تخطيط الأسبلة، وهو مستقل وغير ملحق بأبنية أخرى. 

9- مدرسة وقبة نجم الدين أيوب : أنشأ الصالـح نجم الدين أيوب آخر سلاطين الأيوبيين مدرسة سُميت باسمه، تـقع إلى الـشرق بين شارع الصاغة وبين القصرين، لتدريس المذاهب الأربعة في مصر بدلاً من المذهب الشيعي الذي كان يدرسه الفـاطميون، ولم يـبق من المدرسـة سـوى الواجهة الـرئيـسيـة التي تتـوسطهـا المئذنة وأجــزاء من الإيوان الغربي. 

10 - سبيل محمد علي بالعقادي : أنشئ عام‏1820‏ م بواجهة نصف دائرية، ويتضح فيها السبيل تأثرها بالفن الأوروبي، فالواجهة مكسوة بالرخام الأبيض أما الشبابيك فعددها خمسة ومصنوعة من النحاس المصبوب ويعلو كل شباك لوحة رخامية تعلوها زخارف ويتغطي السبيل قمة من الخشب المغطي بألواح من الرصاص‏.‏

11- سبيل محمد علي بالنحاسين: أنشئ بوصفه "صدقة على روح إسماعيل باشا" الذي توفي عام‏1822‏ وواجهته مكونة من أربعة أضلاع، يغطي كلٌ منها شباك نحاس وقد اكتست الأضلاع بالرخام ويعلو كل شباك لوحة مكتوبة بالتركية كما هو الحال في السبيل التي تسبقها.‏ 

الأناضول
(275)    هل أعجبتك المقالة (371)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي