أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

عمالة مؤقتة... وأطفال خارج القرارات والخطط الوطنية!..

رامي وعمر وسعد أطفال لم يتجاوزوا الثالثة عشرة من العمر انخرطوا في سوق العمل اطفالاً بمهام الرجال، هكذا وجدوا أنفسهم ضمن عائلات فرضت عليهم ظروف الحياة المادية والاجتماعية حملوا أعباء ومسؤوليات أسرهم.

أطفال يصحون ليباشروا عملهم منذ الصباح الباكر لتأمين مايطلب منهم لإعالة اسرهم ومساعدتهم، متجهين إما لورش العمل وإما لبيع بسطة أو لمرافقة الاب في اعمال البناء ونقل البلوك وتشبيك قضبان الحديد... ‏

وأطفال آخرون يصحون ليضمهم حضن دافئ وعاطفة تغدق عليهم الحنان والاهتمام ضمن برنامج يومي مليء بالانشطة الترفيهية والتعليمية وكل مايلزم ويحتاجه الطفل لينمو بشكل سليم متمتعاً بكامل حقوقه كطفل. ‏

هاهي العطلة وقد انتصفت وفيها يمارس الاطفال انشطتهم المحببة وهواياتهم ودورات تعليمية بعيداً عن التقيد والالتزام الا برغبة منهم لتبقى العطلة اجازة حقيقية خالية من الهموم ومتاعب الدراسة... لكن هل الصيف حقاً اجازة لجميع الاطفال؟



ومن المسؤول عن حرمانهم من طفولتهم؟.. وهل ستبقى المؤسسات والجهات الحكومية تتناول وتتبنى تلك الظاهرة وغيرها في المؤتمرات والمناسبات وتطرح الشعارات وتوضع القوانين والمواثيق الخاصة بحقوق الطفل دون تطبيقها او تنفيذها؟ وهل سيبقى التحايل على التعليم الالزامي لتسرب بعض الاطفال من المدارس قبل انهاء المرحلة الالزامية؟! ‏

ہمن المدرسة الى الورشة ‏

رامي ابن الثالثة عشرة ترك الدراسة قبل انهائه مرحلة التعليم الالزامي بسنتين بطريقة اتفق بها والده مع ادارة المدرسة ليصطحبه الى ورشة العمل الخاصة بتنجيد السيارات والتي يعمل فيها الاب ورامي لم يمانع من ترك المدرسة لاسيما أنه لايحب الدراسة فوجد في العمل مخرجاً من متاعب الدراسة وفي الورشة تعلم رامي مهنة التنجيد من فرش مقاعد السيارات ومختلف الاليات ويحصل خلال عمله مع والده على مبلغ من المال يساعد به والدته واخوته بعدماتخلى والده عن امه بزواجه من امرأة ثانية ليحمل رامي العبء الأكبر من المسؤولية عن أسرته.



عمر البلطجي في الصف الخامس طفل لابوين متفهمين ومدركين لحاجات الطفل ورغباته استطاع والده تحقيق رغبة ابنه عمر في تعليم الحاسوب دون تسجيله في ناد ودفع اقساطه أو اتباعه لدورات وذلك من خلال تشغيله في محل لبيع الـ cd وصيانة جهاز الحاسوب لدى أحد اقربائه وهو مهندس كومبيوتر وقا لـ عمر: تعلمت الكثير من مفردات وكلمات باللغة الانكليزية من خلال قراءة الماكيت على غلاف الـ cd وكذلك تعرفت على جهاز الحاسوب وبعض القطع التي يتكون منها وليس المهم ما أتقاضاه من مال وما أتعلمه من دروس ومايطلبه مني المهندس. ‏

أما سعد في الصف السادس فإن الحاجة وقلة الحيلة قذفت به الى عالم المسؤولية ليجد لنفسه عملاً مؤقتاً يجمع من خلاله مبلغاً من المال يساعد به والده في تدبير شؤون الاسرة وشراء مايحتاجه اثناء قدوم المدرسة، وذلك من خلال بسطة يبيع فيها ألبسة للأطفال. ‏

هذا هو حال كثير من الاطفال يقضون صيفاً مليئاً بالعمل واللهاث وراء كم قليل من النقود ولاتعادل بسمة طفل يلهو بين ألعابه او هواية يمارسها تعزز لديه شعوره بالطفولة وتساعده في بناء شخصيته واحلامه المستقبلية. ‏

كيف ينظر الآباء والمربون الى عمل الاطفال؟ ‏

تجربة ناجحة



الاعلامي المتميز« نضال» له تجربة رائدة خلال مسيرة طفولته، زجه والده في العمل بمختلف انواعه وهو طفل تعلم الحنكة والمهارة وإتقان اكثر من حرفة وليس الهدف مادياً بل ليتعلم من الصغر ان العمل جزء من شخصية الانسان وسلوك يجب ان يرافقه مدى الحياة، فكان نضال الطفل المتميز بين زملائه في المدرسة بلباسه وأناقته واجتهاده في دروسه فمايجنيه من عمله في الصيف ينفقه على حاجاته الشخصية، تعلم الاعتماد على الذات والمسؤولية والاستقلالية فكانت رؤيته المستقبلية أبعد من ذلك، اكتسب من عمله دروساً في الحياة من خلال احتكاكه بالاخرين، فجعلت منه الحياة العملية رجلاً قادراً على تحمل أعباء الحياة وطلباتها الكثيرة ومعها تعددت مجالات عمله بعد تخرجه فلم يقتصر على العمل الاعلامي والصحفي بل لقب ايضاً برجل الاعمال ونضال نقل تجربته الشخصية هذه الى ابنه الصغير ابن الست سنوات يصطحبه الى مكتبه الخاص ليتعلم ويحتك بالاخرين من خلال تكليفه بأعمال بسيطة تناسب سنه فمنها يكتسب المعرفة وينمو لديه حس المسؤولية والتعود على العمل. ‏

فما رأي المختص الاجتماعي؟ ‏

حول ظاهرة عمل الاطفال حدثنا الاختصاصية الاجتماعية مريم كنعان قائلة: ‏

عمالة الاطفال ليست ظاهرة جديدة ومنتشرة في معظم المجتمعات العربية حتى أصبحت واقعاً تفرضه الظروف الموضوعية للمجتمع على الرغم من صدور القوانين التي تمنع عمالة الاطفال لكنها موجودة في المدينة والريف وكل المناطق بمختلف اشكالها وهذه العمالة تكون اما بسبب الحاجة المادية للاسرة وإما هي اسلوب من أساليب التربية لدى الاباء وإما رغبة منهم في تعليم الابن لمهنة الوالد ومهن اخرى ولاننكر أن العمل حاجة لكل انسان حتى الطفل عندما يطلب منه عمل بسيط يشعر بالمتعة وتحقيق الذات عندما ينجز ما طلب منه. ‏

ہ العمل ليس دائماً سلبياً



وقالت الاختصاصية مريم لابد من الاشارة الى أن فكرة عمل الاطفال لاسيما في فترة الصيف ليست دائماً سلبية بل لها ايجابياتها ايضاً عندما يتم اختيارها بشكل مناسب لعمر الطفل وقدراته الجسمية وتحت اشراف و رقابة الاهل وألايكون العمل لضرورة مادية وهذا مايجب ان تقوم به الاسرة في إفهام الطفل أن العمل مؤقت وليس لكسب الرزق والمال و انما لشغل أوقات الفراغ وتعلم مهنة وتحقيق الفائدة العملية. وأكدت الاختصاصية ان العمل المؤقت يساعد الطفل على الاحتكاك بالواقع العملي الذي يعيشه الفرد فلايصطدم بالواقع المعيشي عندما يكبر ويدخل مجال العمل وتعطيه دافعاً الى اقامة علاقات اجتماعية مع مختلف الشرائح الاجتماعية بالاضافة الى اكتسابه قيماً شخصية مثل الاعتماد على الذات والشعور بالمسؤولية وحب العمل وهذا العمل المقصود به يجب ان يحقق شروطاً صحية تؤمن له السلامة الجسدية والنفسية ولاتمنعه من ممارسة هواياته وابداعاته او تحرمه من طفولته وان يكون العمل لساعات قليلة . ‏

ہ مخاطر العمل المادي ‏

اما اذا كان العمل ضرورة لتحقيق الكسب المادي فهنا تكمن الخطورة، اذ سيضطر الطفل الى القيام بأعمال شاقة ومجهدة وطويلة تنعكس آثاره على نموه الجسمي والنفسي والفكري وتؤثر على دراسته وربما تركه للمدرسة نتيجة احساسه بالمسؤولية تجاه أسرته لتقديم العون والمساعدة لها. ‏

وقالت الاختصاصية مريم من اسوأ مايتعرض له الطفل اثناء عمله توجيه كلمات نابية من قبل صاحب العمل وتوبيخه وهذا ينعكس سلباً على نفسيته ويشعره بالاحباط والاكتئاب ومن مساوئ العمل ايضاً التعرف على اشخاص سيئين فيتعلم منهم وينقل مايتعلمه الى البيت. ‏

أخيراً نقول: ‏

هيئات أحدثت واتفاقيات وقعت وتم التصديق عليها وأنشئت منظمات حكومية وغير حكومية وقرارات وقوانين اصدرت كلها بشأن حقوق الطفل وفي عام 2003 تمت المصادقة على اتفاقية منظمة العمل الدولية «ilo» رقم 182 لإزالة اسوأ أشكال عمالة الاطفال التي تهدد حياة الاطفال وصحتهم وتعليمهم ومؤخراً تم تشكيل لجنة فنية لخطة وطنية لحماية الطفل في سورية من عدة وزارات وهيئات وجمعيات ومانتمناه ايضاً هو وضع خطة لدراسة اوضاع الاسر المحتاجة التي تدفع بأطفالها الى العمل وتوفير فرص عمل لمثل هؤلاء الاطفال تناسب قدراتهم وتؤمن لهم دخلاًجيداً. ‏

تشرين
(87)    هل أعجبتك المقالة (92)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي